ربما ليست المرة الأولى التى أستمتع فيها بالتأمل فى لافتات الدعاية الانتخابية لمرشحى مجلس النواب المقبل.. فأنا أعتقد دائماً أنها وسيلة طريفة للتسلية وأنا أقود سيارتى فى الطريق إلى العمل كل صباح.. أعرف معظم تلك الصور التى أراها تبتسم على اللافتات فوق رأسى.. بعضهم قد احترف الترشح «فقط» حتى فى أيام انتخابات الحزب الوطنى وأعوانه.. والبعض يحمل فى سيرته الذاتية ما يجعلنى أتعجب من شجاعته التى جعلته يضع صورته على تلك اللافتة وبجوارها ما يفيد بأنه ينتمى للشعب وللثورة!!
فقط هى المرة الأولى التى لم أجد فى نفسى الرغبة فى الابتسام أو السخرية من تلك اللافتات..! فالأمر قد بات جد خطير..!
تذكرت أنها أيام قليلة متبقية ونحمل جميعاً مسئولية جسيمة.. وهى مسئولية التصويت فى انتخابات مجلس النواب المقبلة.. أيام قليلة ونحمل على عاتقنا وزر اختيار أفضل مَن يصلح ليصبح عضواً مشاركاً فى مستقبل هذا البلد الطيب، التشريعى والرقابى.. أيام قليلة متبقية ولم أرَ من يصلح أن يحصل على تأييدى فى أن يصبح ممثلاً لى ولأهلى فى المجلس الموقر..! ولا يبدو أننى سأراه حتى نهاية السباق!
المشكلة أن الأسماء المتقدمة للترشح هذه المرة فى معظمها لا تحمل معها أى أمل فى الحصول على مجلس رشيد يحمل أوجاع الوطن وهمومه.. فلا تملك الغالبية العظمى من المرشحين الحد الأدنى من الكفاءة أو الحنكة السياسية بما يجعلنى أترقب الأمل الذى أنتظره.. فمعظم المرشحين يعتمدون على خلفية ريفية ستدعم ابن قريتهم أياً كان مستواه السياسى.. والبقية الباقية تراهن على فكرة تمكين الشباب والبحث عن وجه جديد.. كل هذا وسط أطنان من مرشحى الحزب الوطنى القديم، الذين يتنكرون داخل أثواب جديدة، وأحزاب حديثة العهد!
لم يقدم معظم المرشحين برنامجاً كاملاً لتعديلات تشريعية أو أنظمة رقابية.. لم يفكر الغالبية العظمى من المرشحين أن يخاطبوا عقول الناخبين بدلاً من مخاطبة التيمات القديمة للعصبية والقبلية.. الكل يبحث عن مكانه تحت القبة الموقرة.. دون أن يحدد ماذا سيفعل إذا وجد نفسه يوماً تحتها!!
ربما كانت ثقافة الناخبين هى الباعث الأساسى لهذا الفكر الدعائى القديم.. فنسبة قليلة من المواطنين من يعرف يقيناً أن عضو مجلس النواب ليس دوره أن يساعد أهل دائرته أو أن يحصل على توقيع السيد الوزير على طلب تعيين ابن قريته فى وظيفة حكومية.. ونسبة أقل هى من تنتظر البرنامج الانتخابى لمرشح ما، أو حتى ستجعل هذا البرنامج جزءاً من آليات الاختيار لمرشح بعينه!!
لم أتمكن من اتخاذ قرارى حتى الآن بمنح صوتى لمرشح محدد.. فلم أجد بينهم من يحقق ما أصبو إليه لمستقبل هذا الوادى الطيب.. والأسوأ أننى قد أظل على هذه الحالة حتى يوم الانتخاب نفسه.. فلن يحاول أحدهم فى الأغلب أن يقنعنى..!
لم أرَ فى خطوة الاستحقاق الثالث لخارطة الطريق أى بادرة للتقدم خطوة فى طريق الديمقراطية الحقة.. والأمر ليس خطأ فى تطبيق الخارطة نفسها.. ولكنه بسببنا نحن.. سنملك برلماناً فى الأغلب يماثل كل البرلمانات السابقة التى وجدنا عليها آباءنا.. لست متأكداً أننى سأجد فيه من يسير فى الطريق السليم لأسير وراءه...!
أعرف أننى سأتوقف كثيراً أمام الورقة الانتخابية هذه المرة مثل المرات السابقة، الفارق الوحيد أننى ربما أُبطل صوتى بالكامل.. ربما!!