شومان: دعم رجال الأعمال لشباب المخترعين يجوز حسابه من زكاة المال "إن ضنوا بأموالهم"
شومان: دعم رجال الأعمال لشباب المخترعين يجوز حسابه من زكاة المال "إن ضنوا بأموالهم"
عباس شومان
قال الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف، إن دعم البحث العلمي وتشجيع المخترعين واجب شرعي قبل أن يكون واجبا وطنيا، وإن خطاب التكليف الأول لرسولنا صلى الله عليه وسلم كان «اقرأ باسم ربك الذي خلق»، والقراءة هي مفتاح البحث وطريق الإبداع وسبب الاختراع، والآيات والأحاديث المطالبة بالأخذ بأسباب ووسائل العلم والمعرفة والتفكير والاختراع وتفضيل العلماء في شرعنا كثيرة، حتى في مجال التسليح الدفاعي، حيث قال تعالى «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل».
وأكد وكيل الأزهر، في كلمته خلال افتتاح معرض ألف اختراع واختراع بمكتبة الإسكندرية، أن تبني شباب الباحثين والمخترعين واجب مجتمعي قبل أن يكون حكوميا، ولذا فرجال الأعمال وأصحاب الشركات والمصانع الذين رزقهم الله من تراب هذا الوطن، عليهم واجب أخلاقي تجاه تبني هؤلاء الشباب ودعم مشروعاتهم حتى إنجازها، فإن ضنوا بأموالهم تبرعا فبصفتي أستاذا للشريعة أقول بجواز حساب ما ينفقون على تبني الباحثين والمخترعين من زكاة أموالهم، علما أن رجال الأعمال هم أكثر المنتفعين بهذه المخترعات بعد إنجازها، ولن يكلفهم هذا نصف مقدار ما يجود به بعضهم سخيا على أناس لا يقدمون لمجتمعاتهم نفعا يذكر، بل ربما يضرون بأخلاقيات مجتمعاتهم وثقافاتها.
وطالب وكيل الأزهر الجميع بوضع أيديهم في أيدي الحكومة التي يجب عليها بدورها إعادة النظر فيما يخصص للتعليم والبحث العلمي والابتكارات الحديثة مهما كانت الظروف الاقتصادية، حتى نواجه بكل جرأة وقوة ما لحق بحضارتنا الإسلامية من تراجع لدورها، والعمل على جمع ما لدينا من العلماء في الداخل والاستفادة ممن فروا إلى الخارج فأحدثوا نقلات نوعية في المجتمعات التي استقروا فيها وعرفت قدرهم، على عكس مثبطي الهمم في بلادنا ممن ازدحمت أدمغتهم بقوانين ولوائح تجاوزتها الحضارات المعاصرة بمراحل كثيرة.
كما طالب وكيل الأزهر بتذليل الصعاب والعقبات التي تقف في طريق شباب الباحثين والمخترعين، حيث يعد دعم البحث العلمي ورعاية المخترعين في بلادنا ضربا من الرفاهية غير الضرورية في نظر البعض، وهو الباب المفتوح على مصراعيه لخفض عجز الموازنات العربية، بل يرصد له الفتات من باب إثبات الوجود وذر الرماد في العيون، مع أن دولا وكيانات لا تمتلك شيئا من حضارتنا ولا عمق تاريخنا، نخزى من أنفسنا إذا ما قارنا ما يرصد للبحث العلمي في موازناتهم التي قد تعلو على نصيب وزارات الدفاع عندهم، بما خصص للبحث العلمي في بلادنا، ناهيك عن حالة الإهمال واللامبالاة التي يعامل بها شباب الباحثين والمخترعين في بلادنا، وليتنا نجتمع في معرض قادم نحتفل فيه ونحتفي بإنجازاتهم لنفتح باب الأمل لشباب الباحثين والمخترعين الذين يعانون من أجل حصولهم على براءة اختراع لمخترعاتهم أكثر من معاناتهم من اختراعها في الأساس، فإذا ما حصلوا عليها كانت نهاية المطاف بالنسبة لهم، كتلك النهاية التي تنتهي إليها البحوث والرسائل العلمية التي أنفق فيها الباحثون زهرة شبابهم، فكم من مخترعات حبيسة المخازن والأدراج شاب مخترعوها أو انتقلوا إلى الرفيق الأعلى وهم ينتظرون اتصالا من مسؤول يبشرهم بأنه حان وقت التفكير في الاستفادة من اختراعاتهم التي أفنوا أعمارهم دونها.
وقال شومان إننا أصحاب حضارة ضاربة في عمق التاريخ، يقف العالم أمام منجزات أصحابها ممن تعاقبوا على أرضنا الطيبة تعلوه الدهشة والإعجاب، ويعجز عن تفسير ما أنجزوه من تقدم علمي لا مثيل له في الطب والفلك والعمارة وغيرها من المجالات التي كان لهم السبق فيها والتي ظلت شاهدة على عظيم صنيعهم إلى يوم الناس هذا، حتى مع ظهور المخترعات الحديثة التي يسرت على الناس كثيرا في شتى مناحي الحياة، لكنها ما زالت عاجزة عن تفسير كيفية رفع كتل أحجار الأهرامات، ولا أظن أن من الروافع الحديثة ما يمكنه فعل هذا، ناهيك عن تفسير الظواهر العلمية والهندسية لما في باطنها، بالإضافة إلى العجز عن معرفة أسرار فن التحنيط الذي برع فيه المصريون القدماء، وإذا كانت منجزات المصريين القدماء ما زالت سابقة لحضارتنا المعاصرة، فإن حضارة المسلمين بعدهم زاخرة بما نفاخر به بين الأمم التي استفادت بما أبدعوه وبرعوا فيه أكثر منا، فلا ينكر إلا جاحد لضوء الشمس وهي في كبد السماء أن الحضارات الغربية قامت على النتاج الأدبي والعلمي لأجدادنا العرب والمسلمين، ولا أظن أن جامعة من جامعات العالم التي يشار لها بالبنان في زماننا لا تعرف ابن سينا والفارابي وابن حيان والجبرتي وغيرهم من أفذاذ علماء سلفنا المسلمين.