شهداء لقمة العيش فى «دير الجنادلة» تركوا أسرهم بلا عائل
شهداء لقمة العيش فى «دير الجنادلة» تركوا أسرهم بلا عائل
أهالى قرية«دير الجنادلة»بأسيوط أثناء تشييع جثامين 5 من ابنائها
تحولت قرية «الجنادلة»، الفقيرة، التابعة لمركز الغنايم فى أسيوط، إلى سرادق عزاء كبير، حزناً على ضحايا القرية الخمسة الذين لقوا مصرعهم إثر انفجار حاويتى ألعاب نارية فى الأردن.
«فارس كان راجل من يومه، وشايل الهم معرفش ليه»، هذه كلمات أم فارس زيدان رمضان عبدالله، الشهير بـ«حمادة»، 25 عاماً، التى صارت تشعر بأن رب الأسرة تركها وأبناءها فى العراء بوفاته. تقول: لم يكن لـ«حمادة» نصيب فى الحياة الحلوة، مثل بقية أقرانه، فقد تحمل المسئولية مبكراً بعد وفاة والده، وفور حصوله على شهادة «الدبلوم»، والإعفاء من التجنيد لكونه أكبر أشقائه، فكر فى السفر إلى الأردن، لأن أغلب أبناء القرية يعملون فى الأردن، ليعول أسرته وإخوته الـ9، ومن بينهم 5 بنات. وتضيف: «منذ سفره، وهو يرسل لنا ما يتحصل عليه من عمله، وبنينا البيت، وخطبنا له عروسة»، مشيرة إلى أنه «قبل الحادث بشهر تقريباً وهو يتصل بنا كثيراً، ودائماً ما يوصينى على إخوته، ويسألنا عما إذا كنا انتهينا من استعدادات الزفاف أم لا». وأكملت: حفل زفافه كان مقرراً له نهاية شهر نوفمبر، إلا أنه لم يأتِ للفرح، وجاء خبر وفاته ومعه الحسرة والألم، الذى بدل حالتنا إلى الحزن والتعاسة، ودمر حياتنا، فقد ضاع ابنى الكبير وعائلنا الوحيد، الذى كان يعول الأسرة بأكملها، قبل أن أفرح به وبأولاده.
«نبهان» ترك 8 أطفال وزوجة مريضة.. و«أم فارس»: طول عمره شايل الهم ورحيله دمر حياتنا
بالقرب من منزل أسرة فارس، يقع بيت نبهان محمد عبدالعليم (40 عاماً)، الذى رحل تاركاً خلفه 8 أبناء، بينهم 6 بنات، أكبرهن فتاة لم تتجاوز 15 عاماً، وزوجة مريضة. وأكد الأهالى أن «نبهان» كان ينوى العودة إلى قريته لحضور خطبة ابنته الكبيرة، إلا أن القدر لم يمهله، وزوجته ربة المنزل خارت قواها ولم تقوَ قدماها على حملها، فور سماع خبر وفاة زوجها، لكنها تحاول الحفاظ على أسرتها من الضياع، بعد سقوط الأب. وفى منزل قريب، خيم الحزن على أسرة أحمد جمال محمد بكر، البالغ من العمر 28 عاماً، فلم يكن والداه وشقيقاه يعلمون أن أحمد، الذى يواصل العمل منذ 6 سنوات، رافضاً الحضور من الأردن حتى يحقق لأسرته كل ما تريد، والذى اكتفى بالحصول على الثانوية العامة، بعد مرض والده، وسافر إلى الأردن للعمل وتحمل مسئولية أسرته، غاب عن الحياة كلها فى الغربة، ولم يترك خلفه إلا ذكريات شاب كادح، يرددها أفراد عائلته وأصدقاؤه. تقول والدته: لم يفكر أحمد فى الزواج طيلة هذه السنوات لشعوره بالمسئولية تجاه أسرته، وكنت دائماً أشتاق إليه، وأقول له يا أحمد تعالى أشوفك وارجع تانى، وكان يرد علىّ «يا أمى مسير الحى يتلاقى».
وتبكى وتقول: «نفسى آخده فى حضنى وأموت، ياريتنى كنت توفيت بدالك يا حبيبى». كان أهالى القرية شيعوا، الخميس الماضى، جثامين الضحايا الخمسة الذين لقوا مصرعهم مع 3 آخرين غير مصريين فى انفجار وقع بجمرك عمان بالأردن، بينما أصيب 8 مصريين آخرين بجروح متوسطة ويتلقون العلاج بمستشفيات الأردن. كانت جثامين الضحايا وصلت إلى مطار القاهرة الدولى، وتم نقلها إلى مسقط رأسهم بقرية «دير الجنادلة»، التابعة لمركز الغنايم.
من جانبه، أوضح محمد فؤاد، وكيل وزارة التضامن الاجتماعى، أنه سيتم صرف معاش ضمان اجتماعى بصورة عاجلة لأسر المتوفين، بناء على تعليمات الوزارة، وبحث احتياجات الأسر وتقديم المساعدات اللازمة لها، مشيراً إلى أن قيمة المعاش لن تقل عن 350 جنيهاً للأسرة.