أكذوبة «عودة الفلول»: «فزاعة» حشد الناخبين فى الطوابير
أكذوبة «عودة الفلول»: «فزاعة» حشد الناخبين فى الطوابير
صورة أرشيفية
عندما تقرأ عناوين الصحف «المانشيتات» عقب انتهاء جولة الإعادة من المرحلة الأولى للانتخابات فلن تجد نفسك سوى فى صفوف المتشائمين، تلعن انهيار حلم ثورة 25 يناير لتتحدث عن العودة للخلف وكيف أن نواب الحزب الوطنى عادوا ليحكموا مصر مرة أخرى.
الحديث عن هزيمة الثورة فى الانتخابات كانت له مقدمات، فقد حاول عدد كبير من قيادات ونواب الحزب المنحل العودة للحياة فى هذه الانتخابات فزرعوا كافة الشوارع لافتات ضخمة وصدروا صورة أنهم عائدون لا محالة وأن عصرهم الذهبى لم ينته بعد، فصرخ كثيرون من المنحازين لثورة يناير يندبون حظ الثورة العاثر، وتلقف الصرخة الحالمون بعودة «الوطنى» فنادوا مثل جحا بأن البقال يبيع لحمة مجاناً ليقف المئات فى الطابور وعندما رأى الطابور خاف أن تضيع منه اللحمة المجانية فوقف فى الطابور!
172 قيادياً بالحزب الوطنى سقطوا.. بينهم 31 فى الجيزة و21 فى الإسكندرية و15 بالبحيرة
ففى حوار عقب النتائج مع أحد الأصدقاء كان يتحدث بحزن شديد عن عودة «الفلول» فى الانتخابات وعندما سألته هل فاز فلان وفلان فى دائرته؟ كانت الإجابة لا، فقد فاز 3 شباب جدد ليس لهم علاقة بالحزب الوطنى، فأنهيت الحوار بصمت وضحكة فيبدو أن جميعنا تحول إلى جحا، ولأن التحليل هو نبش فى التفاصيل نجد أن سكان الجيزة والإسكندرية هالهم حجم دعاية الفلول وأغفلوا نتائج الانتخابات، فعلى سبيل المثال كانت دائرة المنتزه أول بالإسكندرية تعتبر أن فوز على سيف، النائب السابق للوطنى 3 دورات، أمراً مسلماً به ومعه أحمد أبوزيد، كذلك كان الحديث عن ممدوح حسنى بمحرم بك، وفى الجيزة كان الحديث عن بدر محروس بالجيزة وفارس أبوالدهب ومصطفى هيبة بالحوامدية، بل تم اعتبار فوز مرشحى عائلتى الجابرى وبطران بالهرم حقيقة قبل الانتخابات، ولكن هل تعلم أن كل هؤلاء فشلوا فى الفوز بمقاعد فى البرلمان، بل إنه فى دائرة تم إلغاؤها مثل بنى سويف كان البعض يرى أن نائبى الوطنى السابقين سيفوزان ويبقى المقعد الثالث لتنتهى الجولة الأولى بخروج أحدهما وتذيل الثانى المرشحين الستة الذى يخوضون الإعادة.
58 مقعداً فقط حصدها قيادات الحزب الوطنى من النواب السابقين وأمناء المحافظات وكبار رجال «التنظيم»
بعيداً عن الأمثلة دعنا نتحدث بلغة الأرقام، فقد خرج من هذه الانتخابات 172 قيادياً فى الحزب الوطنى خاليى الوفاض سواء فى الجولة الأولى أو فى جولة الإعادة، من بينهم 31 فى الجيزة وحدها و21 فى الإسكندرية و15 فى البحيرة.
الفيوم عاصمة «المنحل» بـ11 مقعداً.. ومخاوف الأهالى من التيار الدينى منعتهم من التصويت له
ولكن فى المقابل كانت الفيوم عاصمة «الوطنى» بفوز 11 من قيادات المنحل من إجمالى 15 مقعداً، وهو ما يرجع بالأساس إلى أن الناخب فى هذه المحافظة التى عانت الأمرين عقب فض اعتصامى رابعة والنهضة كان يخشى بوضوح عودة التيار الدينى ممثلاً فى حزب «النور» السلفى فلجأ إلى استخدام السلاح القديم لمواجهة خطر الصعود السلفى لتنتهى الانتخابات بخروج مرشحى حزب «النور» صفر اليدين فى محافظة هى معقل تاريخى للشوقيين وأتباع عمرو عبدالرحمن ومركز العنف الأكثر دموية فى محافظات مصر (خارج القاهرة) طوال عام 2014. تجيب مدارس السلوك التصويتى التقليدية عن سؤال الفيوم بطرح مثال أنه عند ظهور تهديد انتخابى واضح بصعود التيار اليمينى المتطرف فإن الناخب يلجأ إلى عدم المخاطرة ويصوّت لصالح المرشح الأقرب للفوز من التيار المحافظ أو التقليدى ولا يمنح فرصاً كبيرة للشباب واليسار، هكذا يفسر المتخصصون فى السلوك التصويتى انحياز باريس أحياناً لليمين على حساب اليسار، فى مصر فقط «اصرخ» الحزب الوطنى يعود حتى يسمعك الجميـــع ويقف فى الطابور.