قبل نهاية التحقيقات فى حادثة سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء، والعالم كله ينتظر، ودول كثيرة تحذر من تكهنات مبكرة من الممكن أن تكون خاطئة.. حتى الأمريكان «والعياذ بالله» بعد أن زايدت بعض الصحف واستبقت النتائج، خرج الخواجة «كيرى» وقال ما معناه إن الحكومة الأمريكية ليس لها دخل بتصريحات الصحف ونحن ننتظر التحقيقات النهائية.
لكن الإنجليز حاجة تانية طبعاً، فقد سعدوا جداً بتصريح «داعش» التى أعلنت عن مسئوليتها فى إسقاط الطائرة الروسية، وبعد السعادة والفرح نشرت «الديلى ميل» تأكيداً واضحاً بأن سقوط الطائرة كان بفعل قنبلة.. لماذا؟ لأن الصور التى نُشرت مؤخراً للطائرة وحطامها تبين وجود ثقوب فى حطام الطائرة، وقالوا بالحرف الواحد: ما يدل على أن الطائرة تحطمت إثر هجوم تنظيم داعش.. طبعاً على أساس أن «داعش» فى سيناء لديها بطاريات صواريخ أرض جو تستطيع إصابة طائرة تطير على ارتفاع 30 ألف قدم.. مش مشكلة.. رجعوا فى رأيهم تانى، وخرج وزير الخارجية الإنجليزى وقال: من المؤكد أنها قنبلة.. وطبعاً لما هى قنبلة يبقى ضرورى تم زرعها فى مطار «شرم الشيخ». إذن، لا بد من تعليق رحلات الطيران إلى شرم الشيخ.. هذا رغم أن مسئولين فى الطيران الروسى ذات نفسه نفوا تماماً عثورهم على آثار مواد تفجيرية على جثث الضحايا، ورغم أيضاً أن «الكرملين» أعلن أنه لن يوقف الرحلات السياحية إلى مصر ولا إلى شرم الشيخ.. لكن الإنجليز أصلاً بيفهموا أكثر من البنى آدمين، ولذلك قرروا ترك عشرين ألفاً من الإنجليز السائحين فى شرم الشيخ حتى يبعثوا بفريق أمنى ومعه فريق عسكرى لتأمين الطائرات التى سوف يركبها الإنجليز عائدين إلى بلادهم.. وقالوا حرفياً: إن الفريق الأمنى سوف يذهب إلى مطار شرم الشيخ لتقييم إجراءات الأمن بالمطار، وهذه هى قمة الغطرسة والصلف والتعالى.. مش مهم.. عنهم ما شافوا شرم الشيخ من أصله.. لكن الشىء المستفز غاية الاستفزاز أن تصدر هذه التصريحات قبيل وصول الرئيس عبدالفتاح السيسى بساعات قليلة.. وأيضاً أثناء وجوده فى لندن وقبل مقابلة الخواجة «كاميرون»، وهنا تحولت الغطرسة والعنصرية إلى قلة أدب إنجليزية.. وبما أن كل حاجة إنجليزية هى أحسن حاجة فى الدنيا إذن قلة أدبهم فاقت كل أصناف قلة الأدب الموجودة فى أسواق الغرب.
وتاريخ الإنجليز معنا نحن المصريين أسود سواد الاستغلال والاستعمار وسرقة الثروات والقتل وسفك الدماء.. الإنجليز هم الذين احتلوا بلادنا منذ عام 1882 حتى عام 1956.. الإنجليز أبطال اتفاقية سايكس بيكو التى قسمت المنطقة العربية والتى وضعت فلسطين تحت الانتداب الإنجليزى عام 1916.. الإنجليز منحوا اليهود الوعد الباطل عام 1917 الشهير بوعد «بلفور»، وهو الوعد الذى خلق دولة يهودية فى المنطقة تضمن لهم عدم استقرار المنطقة بأكملها مدى الحياة، وعدم الاستقرار هو المدخل لسرقة ثروات المنطقة والتى شارك فيها الأمريكان بكل براعة بواسطة خطة الربيع العربى.. الإنجليز هم الذين نفوا الزعيم المصرى الوطنى سعد زغلول عام 1919 وعام 1921.. الإنجليز هم الذين ضربوا قرى مصرية فى الفيوم وأسيوط بالقنابل لإخماد ثورة 1919.. هم الذين قتلوا أكثر من ثلاثة آلاف مواطن مصرى أثناء الثورة.. الإنجليز هم صانعو جماعة الإخوان المسلمين عام 1928 وهم أول من موّلها لتقوم بنفس الدور الذى تقوم به الدولة اليهودية منذ قيامها عام 1948 وحتى يومنا هذا.. الإنجليز الآن يحتضنون التنظيم الدولى للإخوان، وهم الذين احتضنوا «أبوحمزة المصرى» التكفيرى الجهادى الذى خطط لمذبحة معبد حتشبسوت عام 1996 وعاش منذ ذلك اليوم على الأراضى الإنجليزية لاجئاً سياسياً يأكل ويشرب ويسكن ويقبض ويعالج على حساب حكومة الإنجليز.
وبما أن جماعة الإخوان، بالاشتراك مع القاعدة، قد أنتجوا فيلم «داعش» فى المنطقة فهم مسئولون مسئولية مباشرة عن جرائم «داعش» فى المنطقة.. ومن الإنصاف أن تقاضى الحكومة الروسية هؤلاء الإنجليز لو ثبت بالفعل أن هذه الطائرة سقطت بواسطة فعل داعش.. ومن أدرانا؟! أليس من المحتمل أن يكون هذا الداعشى الذى زرع القنبلة من أصل إنجليزى أو إنجليزى بالفعل أو يحمل الباسبور الإنجليزى؟ عموماً، رغم قلة أدب تصريحات الإنجليز، فإننى بدأت أشك أن الطائرة قد سقطت بفعل قنبلة داعشية.. لأنه طالما صدّق الإنجليز تصريح «داعش» بمسئوليتها عن الحادث، وطالما أن الإنجليز والدواعش على وفاق سياسى وتناغم فكرى واستراتيجى، إذن ربما تكون المعلومة صحيحة.. والإنجليز أدرى منا بهذا.. أما لو خابت ظنونهم وجاء التحقيق خالياً من الدواعش فلا بد أن نحتفظ بحقنا فى الرد على قلة الأدب الإنجليزى.. ويكون رداً حاسماً، واحنا قدها بإذن الله.