«صبحية»: «ولادى الاتنين أخدتهم السيول.. لقيت جثة واحد والتانى مفقود»
«صبحية»: «ولادى الاتنين أخدتهم السيول.. لقيت جثة واحد والتانى مفقود»
«صبحية» لا تزال تبكى أبناءها
الأم المكلومة الحاجة صبحية السيد «78 سنة» تجلس على الطريق، وراءها جرار زراعى ينقّب فى الرمال بحثاً عن جثة ابنها المفقود، الذى لم يتجاوز 18 عاماً.. تلفُّ الشال الأسود حول رأسها بأيدٍ ترتجف، وعيونٍ جفّت من كثرة البكاء، هى الأم لـ7 رجال، فقدت منهم اثنين بفعل السيول التى ضربت البحيرة.. تقول الحاجة «صبحية»: «أولادى غلابة بيشتغلوا باليومية.. كانوا فى الأرض وقت ما حصل السيل، الميّه دفعتهم واتفرقوا عن بعض».
إبراهيم»: «شغال على جرار من يومين بادوّر على جثة ابنها.. وده موت وخراب ديار»
وبصوت متقطع تكمل الحاجة «صبحية»: «ابنى الأكبر راجل فى الخامسة والعشرين من عمره، بيعول زوجته وأولاده الاتنين، فقد حياته أثناء عمله ولم يعد لأسرته عائل أو دخل»، وتقول الأم إنها من قرية المطامير، وإن أبناءها اعتادوا القدوم إلى قرية «عفونة» من أجل العمل باليومية فى المزارع القريبة، وإنها وجدت جثة ابنها الأكبر بعدما دفعه السيل عدة كيلومترات، بينما لا تزال تبحث عن جثة ابنها الأصغر. «عايزة ألاقى جثة ابنى أدفنه، صعبت على الناس جابوا لى جرار يدور على ابنى تحت الرمل، وولاد الحلال بيدوروا على ابنى فى البرك اللى عملها المطر، لحد دلوقتى ما شُفتش حد من الحكومة». وتابعت «صبحية» باكية: «ابنى الكبير محمد أنجب طفله التانى من أسبوع بس، والواد اللى بيرضع ده مش هيشوف أبوه تانى وهيعيش يتيم»، أما عن أبنائها الآخرين فتقول إن معظمهم يعملون فى المزارع القريبة من القرية، ويتقاضون يومية لا تتجاوز الأربعين جنيهاً، التى بالكاد تكفى لإعالة ذويهم، وأنها تتوسل إليهم ألا يعودوا مرة أخرى إلى المزارع، خوفاً من أن يشهدوا سيلاً آخر قد يودى بحياتهم، على حد قولها.
أما إبراهيم محمد إبراهيم، شاب فى الثلاثين من عمره، فيعمل على جرار زراعى، وينبش فى الرمال، ممشطاً مساحة كبيرة من الأرض، تبدو عليه ملامح الإرهاق، يقول إنه قضى يومين كاملين فى محاولة النبش فى الرمال عن جثة الشاب المفقود، ابن السيدة «صبحية»، دون جدوى، وإنه يقوم بذلك العمل تطوعياً، بينما يدفع ذوو المفقود إيجار الجرار، الذى تصل تكلفته لنحو ألف جنيه فى اليوم الواحد، معقباً: «الناس دى كلها غلابة، اللى بيشوفوه موت وخراب ديار، ومحدش بيدور على جثثهم من فرق الإنقاذ زى ما بيكدبوا».