«فرخندة»: أنصح حرم الرئيس بالمشاركة فى العمل الاجتماعى
«فرخندة»: أنصح حرم الرئيس بالمشاركة فى العمل الاجتماعى
فرخندة
شاهدة على التاريخ ونُظم حكم مرت على مصر.. كانت جزءاً منها لمدة أكثر من 33 عاماً كنائبة برلمانية بمجلسى الشعب والشورى، ربطتها علاقة عمل بحرم رئيسين للجمهورية، «السادات» و«مبارك»، إنها الدكتورة فرخندة حسن، أمين عام المجلس القومى للمرأة السابق وعضو مكتب السياسات بالحزب الوطنى.. قالت إنها «متفائلة بالرئيس السيسى، وبسياسته التى يسير بها فى البلاد فى تلك الفترة الحرجة»، مؤكدة فى حوارها لـ«الوطن» أن ثورة 30 يونيو أوجدت نموذجاً جديداً لنظم الحكم أرساها الشعب بقيادة جيشه، لافتة إلى أن ثورتى 25 يناير و30 يونيو لم تحققا أهدافهما حتى الآن، ناصحة حرم الرئيس السيسى بالمشاركة فى العمل الاجتماعى. وإلى نص الحوار..
أمين «القومى للمرأة» السابق: تعيين عدلى منصور رئيساً للبرلمان «هيجيب للسيسى الكلام»
■ ما تقييمك لأداء الرئيس السيسى؟
- نُعتبر محظوظين بكونه رئيسنا فى تلك الفترة الحرجة، فأسلوبه الهادئ يصيب الهدف، كما أنه أشرك المواطنين فى التنمية وحمّلهم المسئولية، وهى من وجهة نظرى المسار السليم، أما مشروع الرئاسة لتأهيل الشباب فهو رائع، وفكرته جيّدة، ونحن بحاجة إليه، وأقترح بجانب هذه البرامج أن يكون هناك مساعدون لكل عضو فى البرلمان من خلال البعثات الداخلية من الجامعات، سواء الطلاب أو الباحثون، لمساعدة النائب فى تحضير المادة العلمية التى سيناقشها فى كل جلسة، حتى تكون مستويات المناقشة مرتفعة، ولا تقتصر على المشاجرات مع الوزير فقط، دون جدوى حقيقية.
«30 يونيو» أوجدت نموذجاً جديداً لنظم الحكم أرساها الشعب بقيادة جيشه.. وتطوير البلد يسير بشكل جيد
■ لكن ما عوائق التنمية الحقيقية؟
- الفقر، من أهم عوائق التنمية، فالناحية الاقتصادية لا بد أن ترتفع، وذلك ليس من خلال المشروعات الكبيرة والعملاقة فقط، لكننى متحمسة للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، فالجو العام حالياً أصبح لصالح رجال الأعمال الكبار، ورؤوس الأموال الضخمة، وهذا ليس فى صالح الكل، فالجزء الأكبر من التنمية الاقتصادية يجب أن ينزل لمستوى المشروعات الصغيرة.
■ وهل عدم وجود حزب للرئيس يُقلل من شعبيته؟
- لا، بالعكس، الرئيس يكون رئيساً لكل المصريين وليس لحزب معين أو مجموعة معينة من المواطنين، فالرئيس يجب أن يكون بعيداً عن الأحزاب، لأن الحزب المعارض لم يكن ضد الرئيس، لكنه ضد سياسة معينة أو خطأ معين، وأعتقد أن الرئيس السيسى لا يتبنى حزباً، فهو ترك الأمر لنا وللأحزاب الموجودة على الساحة، ومن يقُل إن الرئيس السيسى ستقل شعبيته لعدم تأييده حزباً معيناً، لم ينضج، فالرئيس شعبيته تقل عندما يراقب المؤيد والمعارض.
ليس كل من هو حزب وطنى فاسد.. وأغلبهم التحقوا بالحزب كبوابة للبرلمان.. وقانون الانتخابات لم يعجبنى
■ ومن سيُمثل تيار المعارضة فى البرلمان المقبل؟
- يخيل لى أن حزب النور هو من سيُمثل تيار المعارضة، أما باقى الأحزاب فستكون مؤيدة للرئيس.
■ وهل وجود حزب النور السلفى فى الحياة السياسية مفيد فى شىء؟
- أنا ضد كل الأحزاب الدينية وضد استخدام الدين فى السياسة، ولست ضد الدين، كما يعتقد كل من هاجم هذه الأحزاب، لكن أعتقد أن حزب النور أخذ درساً وسيُغير من مواقفه الغريبة، وأصبح لديه وعى بالسياسة، ولم يتحدث فى سن البلوغ والزواج من 9 سنوات، وإذا كان حزب النور ذا مرجعية سلفية، فلا يجوز أن يخلطها بالسياسة، ويهمنى أن يكون فى البلد مكون الدين، حتى يكون هناك توازن، لكن يجب ألا نرجع إلى فكر الجاهلية، الذى كانوا يسيرون به، ففى ألمانيا، هناك حزب ذو مرجعية دينية، لكنه يلعب سياسة بطريقة صحيحة، دون أن يخلط الدين بالسياسة، لكن عليهم أن يعلموا أنهم ليسوا فقط من يحافظون على الشريعة، بل كل المصريين يؤيدون الحفاظ على الشريعة.
■ وكيف تقيمين عام الإخوان فى الحكم؟
- كان عاماً راكداً، لم يتم إنجاز أى شىء فيه، إلا أنهم وافقوا على قانون المرأة المعيلة، لأننى «دُخت» أيام برلمان الوطنى لإصداره، بالإضافة إلى قانون أساتذة الجامعات، وأصدروا هذا القانون لأن أغلبهم من أساتذة الجامعات، وكان مفصّلاً لحسابهم، والكل فى النهاية استفاد منه، جميع أساتذة الجامعات، غير ذلك لم أرَ حسنة واحدة أذكرها لهم، لكننا كنا «رايحين فى داهية»، بسبب أخونة الدولة التى سيطروا على كل مفاصلها لصالحهم، وهذا كان سيؤدى إلى تفكُّك الدولة بشكل كبير، بالإضافة إلى التفريط فى حدود الدولة، خاصة أننا تعلمنا أن نحكم على حاكم الدولة فى التاريخ بزيادة الرقعة التى يحكمها أو نقصانها، فالإخوان كانوا يخططون لضياع سيناء وحلايب وشلاتين.
سوزان مبارك كانت تلميذتى فى الجامعة الأمريكية ولم أكن مقرّبة إليها ومن يقُل إنه كان مقرباً منها «كداب فى أصل وشه»
■ هل ما زال المجلس القومى للمرأة فاعلاً؟
- أنا سعيدة بأنه ما زال موجوداً، وتخوّفت من حله بعد الثورة، لكن نشاطه لم يعد مثل سابق عهده، فتنفيذ برنامجه أصبح أصعب، بسبب ظروف البلد، خاصة أنه كان يستمد قوته من وجود حرم رئيس الجمهورية رئيسة له، فكان الكل يُنجز ما يُطلب منه، سواء المحافظون أو المسئولون فى تلك الفترة، خاصة أن المجلس نجح فى أن يضع المرأة فى نسيج الخطة القومية الاقتصادية والاجتماعية.
■ كنتِ صديقة مقرّبة من سوزان مبارك، فكيف كانت العلاقة بينكما؟ وماذا تعرفين عنها؟
- لم أكن صديقة مقرّبة لها كما يُشاع، سوزان مبارك كانت تلميذتى فى الجامعة الأمريكية، واشتغلت معها فى جمعية بولاق للرعاية المتكاملة، وكان عاجبنى الشغل معها، فهى كانت جادة، وأنا عملت مع السيدة جيهان السادات منذ السبعينات، قبل العمل مع «سوزان»، فعندما رأت تعثراً فى المجلس القومى للمرأة استدعتنى للعمل به، لأنها كانت تعلم طريقة عملى منذ أيام الجامعة. وقالت لى «اخدمى زى ما بتخدمى فى الجامعة»، ولم يكن أحد مقرباً من السيدة سوزان، لكن كلنا كنا على مسافة واحدة منها، ومن يقُل إنه كان مقرباً منها «كداب فى أصل وشه»، لكن ما أستطيع قوله إنها كانت جادة ومخلصة، وبحاجة إلى من يساندها، وأنا لو لم أرَ فيها ذلك، لم أكن لأقبل بالعمل معها.
■ وإلى أى مدى كانت «سوزان» تتحكم فى مجريات الأمور داخل القصر والمجلس القومى؟
- لم أرَ منها ذلك إطلاقاً، ولم ترَ ولا فاتورة واحدة، أو تتدخّل فى شغلى على الإطلاق، لكنها كانت تأتى إلى الاجتماعات بدعوات من المسئولين والمحافظين، الذين كانوا يصرون على حضورها افتتاح المشروعات، كما كانوا يفعلون مع السيدة جيهان السادات، فأذكر مرة أن أحد المحافظين دعا السيدة جيهان، لافتتاح مشروع، لكنها رفضت، وقالت له «أنا فتحت مشاريع كتير، الناس تتضايق»، فرد عليها: «مش هنفتحه من غيرك»، فلو كل مسئول ينفّذ مهامه دون أن ينتظر رئيساً يوجهه أو حرم رئيس تفتتح له أعماله، كان مصيرنا تغير كثيراً، فمن يتحدث عن «سوزان» تحدث أيضاً على «جيهان»، والشائعات لم يسلم منها أحد.
■ وبمَ تنصحين حرم الرئيس السيسى، بحكم خبراتك فى العمل مع قرينتين لرئيسى مصر؟
- أنصح حرم الرئيس السيسى بالمشاركة فى العمل الاجتماعى، وأن تتولى رعاية «الهلال، والوفاء والأمل، والجمعيات الخيرية، والعمل الخدمى فقط».
■ وماذا عن اتهام سوزان مبارك بالتمهيد لتوريث الحكم؟
- أقسم بالله أنها لم تقُل لى مرة ساندى «جمال»، خاصة أن الأولاد «جمال وعلاء» كانوا تلاميذى.
■ لكن من كان اللاعب الأساسى فى هذه الفترة؟
- الحاشية التى كانت حول الرئيس التى كانت تريد أن تستمر لأطول وقت ممكن فى السلطة، والكل يعلمهم جيداً، وكانوا مجموعة يبحثون عن مصالحهم.
■ وماذا كان رأى «مبارك» فى ملف توريث ابنه؟
- سألته بشكل واضح وصريح، وقال لى «هو أنا أرضاها له؟»، أنا عايز أنزل الشارع مش عارف، من هذه الحبسة والتقييد، لكن أعتقد أن سلامة نية «جمال» ووالده تجاه من حولهما من المخططين للدسائس والتوريث، سبب انجرافهما إلى ذلك الفخ.
■ كنتِ عضواً فى مكتب السياسات للحزب والوطنى فماذا قدمتِ فى هذا المنصب؟ ولماذا لم تعترضى على سياسات الفساد؟
- لم نقدم شيئاً ولم يكن لى شأن فيما كان يحدث، وكان معى شخصيات كثيرة لها مكانة كبيرة، ومن بينهم الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، ولم يكن لنا دور سوى الوجود فى اللقاء السنوى والمؤتمرات التى كنا ندعى إليها، فالصورة بالنسبة لى عما يدور داخل الحزب غير واضحة حتى انتخابات ٢٠١٠ التى بدأت منذ لحظتها تتفتح عيناى، فأذكر أنه فى وقت الاستعداد للانتخابات قيادى فى الحزب قال لى «إحنا الانتخابات ديه مش هنسيب ولا كرسى»، فأنا استغربت جداً وقلت له «وده يبقى برلمان إزاى من غير معارضة؟» وكنت أعتقد أنهم لن ينفذوا هذا الاقتراح، ولكن الجبروت جعلهم لا يتراجعون عن هذه الفكرة الجنونية.
■ وما أبرز المواقف التى اعترضتِ عليها فى ذلك الوقت؟
- أتذكر أننى اعترضت على إلقاء مخلفات الصرف الصحى فى مياه البحر والنيل أيضاً، فوجهت اعتراضى للرئيس أمام الجميع فى أحد الاجتماعات، وكان الجلوس والكبار منهم ينظرون لى بضيق شديد، حينما قلت للرئيس، لدىَّ عتاب، فرد رئيس الوزراء حينها، وقال مبرراً: «الماسورة 12 متر» فاستوقفه الرئيس واستمع لى، وقلت له أنا باتكلم بناء على بحوث علمية، وكلهم انزعجوا جداً منى، وطلبت منه ألا يفتتحها، ولم يفتتحها الرئيس، وافتتحها كمال حسن على، وبعدها ظهر التلوث أمام منزل الرئيس فى المعمورة، واتصل بى حينها وقال لى «يا ريتنى سمعت كلامك».
■ هناك مطالب لتعيين الرئيس السابق عدلى منصور رئيساً للبرلمان المقبل.. فما تعليقك؟
- عدلى منصور شخصية اكتسبت احترامنا جميعاً واستطاع أن يدير البلاد بحكمة، ولكننى كنت أتمنى أن يرشح نفسه لمجلس النواب حتى يكون من اختيارات المواطنين أنفسهم، ولكن تعيينه من قبل الرئيس السيسى كرئيس للبرلمان هيجيب للرئيس الكلام ومهاترات كتير هو فى غنى عنها، وانتقادات كثيرة إن تم تعيينه من قبل الرئيس، وأتمنى فى المرحلة الثانية لانتخابات النواب أن تظهر شخصيات منتخبة تصلح لرئاسة البرلمان، ولا أحبذ أن يكون رئيس البرلمان ذا خلفية عسكرية.
■ وما القانون الذى تحفظتِ عليه فى الفترة الأخيرة؟
- قانون الانتخابات لم يعجنبى، وشعرت أنه غير مناسب واعترضت على فكرة القائمة، لأنها غير واضحة حتى لكثير من السياسيين، ولكن ربما يكون هناك سبب أدى إلى صدور هذا القانون بهذا الشكل.
■ وهل أنتِ متفائلة بجهود القيادة السياسية الحالية؟
- بطبيعتى متفائلة، وأعتقد أننا نسير على الطريق السليم من خلال الملامح العامة للمشهد، لا سيما بعد أن استردت مصر نفسها، أرى أن الأمور فى البلد على الرغم من أنها بطيئة لكنها جيدة، فرئيس الجمهورية دائماً يحملنا المسئولية.
■ وما تقييمك للاستحقاق الثالث من خارطة الطريق؟
- الانتهاء من الانتخابات البرلمانية يجعلنا ننتهى من المرحلة الانتقالية، فتقييمى أن العملية الانتخابية مرت بشكل جيد، والحديث عن ضعف نسبة الإقبال غير صحيح وأخذ أكبر من حجمه، فلو تكلمنا علمياً سنجد أن نسبة المشاركة معقولة وذلك بالمقارنة بنسب المشاركة عالمياً، والأعوام السابقة، فالنظام الحديث المتبع من قبل اللجنة العليا للانتخابات زاد أعداد الناخبين المقيدين، لأنه يسجل المواطنين تلقائياً فى كشوف الناخبين، أما فى خلال العشرين عاماً السابقة كان يلزم على المواطن الذهاب لاستخراج بطاقته الانتخابية للإدراج فى كشوف الناخبين.
■ وماذا عن عودة رجال «الوطنى» للحياة السياسية والمشاركة فى البرلمان؟
- ليس كل من كان فى الحزب الوطنى من الفاسدين، فكان كثير منهم يحصلون على كارنيه الحزب الوطنى فقط لتسهيل مهامهم، وكان أغلبهم يلتحقون بالحزب الوطنى حتى يكون بوابة عبور لهم للبرلمان، فالحزب الوطنى لم يكن حزباً عقائدياً ولكنه كان حزب الرئيس والحكومة.
«فرخندة» أثناء حديثها لـ«الوطن»