الدنيا عند «عم ربيع».. قفص كبير
الدنيا عند «عم ربيع».. قفص كبير
صانع الأقفاص ببولاق
يعيش فى عالمه الخاص، لا يتأثر بالضجيج والزحام الذى يحيط به، يجلس على الرصيف مستظلاً بعدد من الأقفاص التى صنعها، تدخل عليه الشمس خفيفة، تنزل أشعتها بين ثقوب الأقفاص، ترسم خطوطاً من الظل على وجهه، لا يسمع سوى صوت الطرق الذى يصدره أثناء صناعته للقفص.
تعلم «ربيع عبدالله»، مهنة صناعة الأقفاص منذ أن كان عمره 6 سنوات بالفيوم، أحب المهنة، وعندما كان طالباً فى المرحلة الابتدائية، قرر ترك المدرسة للتفرّغ لمهنته، على الرغم من أن والده لم يكن يعمل فيها، جاء «ربيع» من الفيوم إلى الجيزة منذ حوالى 40 عاماً، رغم ازدهار صناعة الأقفاص فى الريف، ليصبح الوحيد فى منطقة بولاق الدكرور الذى يعمل بتلك المهنة.
يرى «عم ربيع»، أن مهنته ليست صعبة، على الرغم من الإصابات العديدة التى أصيب بها بسبب المهنة، فأحد أصابعه تعرّض للكسر، ولا يستطيع تحريكه: «صباعى اتكسر مابيتفردش، السلاح نزل على إيدى كسر صباعى، ومع ذلك مش متضايق، الصنعة حلوة وكل حاجة.. بس قعدتها كئيبة وفلوسها قليلة».
يبدأ «ربيع»، عمله منذ الثامنة صباحاً، مؤكداً أن صانع الأقفاص يعمل بيده، قدمه، عينيه، عقله، فهى مهنة تحتاج إلى فنان أكثر منها إلى حرفى: «اتعلمت من المهنة دى القوة والصبر واكتسبت الهدوء لأنى طول النهار باشتغل لوحدى، ولو عاد بيا الزمن برضه ماكنتش هالاقى نفسى إلا فيها».
يرى «ربيع» أن المهن اليدوية ستنقرض، فلا أحد يريد العمل بها، حتى أولاده لم يحبوا مهنته، ويؤكد أيضاً أن سبباً من أسباب عدم اتجاه الناس إلى المهن اليدوية أنها مهن مظلومة: «يعنى لو مت مالكش دية، ولا تأمين، مع أنها مهن أساسية، وبقالها زمن»، مؤكداً أنه فى حالة تعبه أو عدم نزوله للعمل يوماً، فلن يسأل فيه أحد، ولا أحد سيهتم.