«أم رشا» ضحكت على المرشحين: «مرتب الشهر» فى يوم واحد
«أم رشا» ضحكت على المرشحين: «مرتب الشهر» فى يوم واحد
أم رشا
السابعة والنصف، ارتدت جلبابها الأسود الأنيق، وحملت فى يدها بطاقتها الشخصية، لتأخذها معها فى رحلتها إلى مدرسة القناة الإعدادية بالمعادى حيث لجنتها الانتخابية، على مهل تسير السيدة الستينية فى خطوات متثاقلة للإدلاء بصوتها فى المرحلة الثانية من الانتخابية البرلمانية، فاجأها سؤال من جانب أحد الرجال الذين يقفون بمحاذاة الرصيف المجاور للمدرسة: «انتخبتى ولا لسه يا حاجة؟.. تنتخبى وتاخدى 100 جنيه».
«فهلوة المصريين»: «آخد من المرشح.. وما أنتخبوش.. واللى بييجى منهم فايدة»
وقفت «أم رشا» مصدومة من «ناضورجية المرشحين»، بحسب وصفها، الذين يغرونها برشوة مقابل الإدلاء بصوتها لصالح مرشح بعينه، ومع تكرار السؤال وافقت لتخوض التجربة، لكنها فى قرارة نفسها لن تقوم إلا بالجزء الأول من الاتفاق: «هاخد الـ100 جنيه، لكن مش هصوت للمرشح أبوفلوس»، تواصل السيدة فى سرد تفاصيل رحلتها: «كنت فى الأول رايحة انتخب ومش عارفة هنتخب مين، ومش هدفى إنى آخد رشاوى من حد، بس من كتر ما الموقف استفزنى ولقيتهم بجحين وبيعرضوا الفلوس على الناس عادى فى مقابل صوتهم، قررت أجرب وأشوف شروطهم»، مضيفة: «الراجل مكنش بيطلب منى أى حاجة إلا بطاقتى عشان يعرف ليا حق الانتخاب وفعلاً لجنتى اللى واقفة عندها، ولما كانوا بيتأكدوا من المعلومات لقيتهم بيقولوا ليا رمز المرشح، وبعيدين يرجعوا ليا البطاقة ومعاها 100 جنيه، وميسألوش عليا بعد كده».
حصلت على الـ100 جنيه، مع وعد بالتصويت للمرشح، وبعد خطوات شعرت «أم رشا» أن الأمر يسير ويمكن تكراره فى مناطق متفرقة من دائرتها: «لحد آخر لحظة مدخلتش انتخبت عشان كنت باخد فلوس من كل واحد يقولى انتخبى، لأنهم بمجرد ما بيبصوا على صوباعى إنى منتخبتش بيدونى الفلوس ومش بيتأكدوا إنى دخلت انتخبت فعلاً ولا بضحك عليهم، كأن فلوسهم مش تعبانين فيها ولا فارقة معاهم»، مبتسمة فى خبث، فتقول: «لما لقيتهم مش فارق معاهم قررت أخسرهم على قد ما أقدر، وأعرفهم إنهم بيلعبوا بالفلوس لعب ومش فارق معاهم حاجة أكتر من إنهم يكسبوا بأى طريقة غير قانونية، عشان كده فضلت للآخر آخد منهم الفلوس وأضحك عليهم وفى الآخر دخلت أبطلت صوتى بعد ما لقيتها ماشية بالرشاوى».
ثلاث فتيات ترعاهن «أم رشا»، التى تجاوزت عامها الستين، مرتبها الذى تتحصل عليه نهاية الشهر من الجهة الحكومية التى تعمل بها كعاملة، يكفيها بالكاد لرعاية أسرتها منذ وفاة زوجها، لم تكن تعلم أنها على موعد مع مبلغ من المال يأتيها دون عناء فى ساعات قليلة تقضيها بين لجان انتخابية، تقول: «الحمد لله، أهو ده اللى طلعنا بيه من الانتخابات، والمرشحين مش هنشوف منهم حاجة بعد ما يدخلوا المجلس، يبقى نشوف دلوقتى بقى»، موضحة أنها استطاعت جمع ما يزيد على 600 جنيه خلال يوم واحد، ما يقارب من مرتبها الحكومى الذى تحصل عليه بعد شهر كامل من العمل.