"من داخل الطائرة".. مضيفات: "إحنا مش بنات شمال.. ولا جرسونات"
"من داخل الطائرة".. مضيفات: "إحنا مش بنات شمال.. ولا جرسونات"
سهام أنور
ترتدي زيها الأنيق الذي طالما حسدتها عليه صديقاتها، ترفع رأسها وتنظر للمرآة وتتجه صوب الباب، تتذكر ثم تقف ثانية لترسم ابتسامة على وجهها، وتترك كل ما في جعبتها داخل تلك الجدران، لتخرج مرحبة بالمسافرين على متن الطائرة في رحلة طالت أو قصرت، وجب عليها تحمل مسؤوليتهم كمضيفة، عكس الترفيه كما يراها الآخرون معتقدين أن الدنيا فتحت لها أبوابها وقت أن فردت الطائرة جناحاتها.
"أنا كنت شايفة الشغل زي ما الناس كانت شايفاه، بس هو فعلا أكتر من كدا"، تبدلت نظرة سهام أنور لعمل المضيفة عندما حلقت بها الطائرة لأول مرة، خوف وترقب ومسؤولية تحملها على أكتافها، وقلق ينتابها لا يجب أن يظهر لهؤلاء الذين تحرص على سلامتهم طوال مدة الرحلة، "المضيفة لازم تبقى ممرضة، وتحارب النار، وتعرف ازاي تتعامل مع أي مشكلة تحصل في الطيارة"، الجانب الآخر الذي روته سهام من عملها.
وجدت الفتاة العشرينية في عملها كمضيفة متعة ميزته عن دراستها للإعلام، فبعيدا عن الروتين اليومي أحبت السفر وزيارة بلدان طالما حلمت بها، حتى لأوقات قصيرة وفقا لمتطلبات عملها، "بقابل ناس جديدة، وبتعامل مع عقليات مختلفة وتفكير متنوع، مش بس في الجنسية، كمان في الطباع والديانات والثقافات"، إطلاع على العالم من نافذة طائرة هو ما زاد من شغف سهام كـ"مضيفة"، إلا أن "الحلو مبيكملش" كما تحكي عن الضغوطات والتضحيات التي تقدمها سبيل عملها، "أفراح مبتترحش، مناسبات مبتتحضرش، علاقات بصحاب بتقل، بعدك عن أهلك، والصحة في النازل، زهايمر وقلة نوم ودوالي وأذن"، وحدها مسؤولة على الطائرة، وحدها تواجه حياتها دون "ضهر" أو "سند".
"هي المضيفة بتتعب؟ ده أنتِ مقضيلها فُسح وسفر وشوبينج".. سخرية لاقتها أسماء صلاح الدين عندما اشتكت لأصدقائها من مشقة عملها كمضيفة، "ناس تانية بتشوفني مجرد جرسونة، ميعرفوش إن لو حصل حاجة في الطيارة الجرسونة دي هي اللي هتنقذهم"، أمور كثيرة تعاني منها أسماء في عملها، إلا أن أكثرها كان نظرة المجتمعات العربية التي ترى المضيفة "بنت شمال"، فتقول "عشان بتسافر لوحدها ومتحررة يبقى نصاحبها منتجوزهاش"، وعلى الرغم من كل ذلك وبعدها عن أهلها وأصدقائها إلا أنها وجدت نفسها فيما اختارت "أول مرة في حياتي أحس إني بعمل حاجة بحبها وليها قيمة، لقيت نفسي بمعنى الكلمة".
تعاني تقى الشامي أيضا من تدهور حياتها الاجتماعية بعد عملها كمضيفة مثل سهام وأسماء، فتحكي "الناس فاكرين إننا بنسافر نتفسح، ميعرفوش إننا ممكن يكون عندنا 4 رحلات في اليوم، وممكن نوصل بلد بنحلم بيها وننام من التعب"، وعلى عكس ما يعتقد الجميع أن المضيفة "بتقدم شاي وقهوة وأكل للركاب" تقول "إحنا أصلا بنكون موجودين على الطيارة عشان أمن وسلامة الركاب، أمال كنا بنتدرب على إيه قبل ما نشتغل؟".
تدريبات مختلفة لمدة لا تقل عن شهرين تخوضها المضيفة قبل أن تنطلق في رحلاتها كمضيفة، كما أوضحت الشامي: "قبل أي رحلة لازم تكوني مستعدة عشان لو حصلت حالة طوارئ زي نار أو أي عطل، أو حد من الركاب حصله حاجة، إحنا اللي بنسعفه"، تضحك وتتذكر قائلة: "أنا كنت على وشك إني أولّد واحدة قبل كده في رحلة"، وتضيف بعد أن تستعيد حديثها عما يراه الناس من عملها كمضيفة والصعوبات التي تواجهها لتقول "بعد ده كله لازم أبقى مبتسمة في وش الناس، مهما كان فيا"، لتستمر في عملها غير مكترثة بما يقال عنها وعملها، تحملها الطائرة وتطير بها من بلد لآخر، وتحمل أحلامها على ذراعيها تفردهم هي وتطير بهم.