«الوطن» فى أماكن تفجيرات باريس: حكايات «الخوف والدم» فى مدينة النور
«الوطن» فى أماكن تفجيرات باريس: حكايات «الخوف والدم» فى مدينة النور
جانب من عمليات إنقاذ الضحايا فى حادث باريس الإرهابى
خوف وترقب يخيمان على شوارع باريس «مدينة النور».
نظرات تلاحقك تراقبك أينما ذهبت، مليئة بالاتهامات والأسئلة، لم يعتد الفرنسيون عليها، لأن الجميع متساوون فى الحرية ما دامت فى حدود القانون. الشرطة تملأ كافة الأرجاء، لا تعترض أحداً (عربى، أجنبى، ابن البلد) ما دمت لا تخترق القانون، كان تفتيش الحقائب فى جميع المحال أمراً غير معتاد فى السابق، خوفاً من وضع أى متفجرات بها.
«الوطن» التقت عدداً من أصحاب المقاهى الشبيهة بتلك التى تمت بها الأحداث الإرهابية فى أماكن مختلفة من العاصمة الفرنسية «باريس» لمعرفة رأيهم فى الحادث وتأثيره عليهم.
قالت «إليزابيث ديكوستارس»، صاحبة أحد المقاهى: «بعد نحو أسبوع من الحوادث الإرهابية أصبح لدى الشعب الفرنسى نوع من الحذر أكثر من الأول، وانقسم العرب إلى قسمين، فبعض الناس تكون هيئتهم غير مألوفة، وآخرون من المقيمين فى فرنسا منذ زمن طويل وتكون طباعهم أقرب إلى المواطن الفرنسى، لكن الآن إذا حدثت مشادة بسيطة فى الكلام نكون خائفين أن تؤدى إلى أحداث أكبر، كما أن جمهور المقاهى والمطاعم صار أكثر حذراً من الجنسيات العربية، وفى المقهى يوجد زبائن معتادون ويأتون كل يوم، وآخرون غير معتادين من السائحين من مختلف الجنسيات، وبالنسبة للزبائن المعتادين من العرب يخافون أن يتم الخلط بينهم وبين الإرهابيين، أما بالنسبة للزبائن غير المعتادين من العرب فعندما يدخلون المقهى يخافون من نظرات الناس لهم وأن يتم الشك فيهم، واتهامهم بأن كل العرب إرهابيون، كما أن المسلمين يشعرون الآن بأن هذه الحوادث زادت الأمور تعقيداً أكثر من الأول، وأصبحوا مضطرين للدفاع عن أنفسهم أمام الزبائن الفرنسيين، وفى الماضى كان الذين يخافون من العرب المسلمين هم فقط كبار السن من الفرنسيين المحافظين، أما الآن فأصبح الفرنسيون بشكل عام يخافون من العرب، حتى طلبة المدارس أصبح لديهم نظرة خوف من الأجانب العرب».
وتابعت: «إحساس صعب وشىء خطر، لأننا فى وظيفتنا نقابل الناس، ولا بد أن نقابلهم بوجه بشوش، وأن نبعد عن الخوف، لأننا إذا دخلنا فى دوامة الخوف من كل شخص يدخل المقهى سيكون الأمر صعباً والأفضل أن نبقى فى المنزل بلا عمل».
وحول تدخل الرئيس الفرنسى، فرانسو أولاند، قالت: «رأيت تدخله كان بطيئاً ونسبياً ضعيفاً بالمقارنة برد فعل دول أخرى، وكنت أعتقد أن رد فعله سيكون أقوى، وكنت أتخيل أنه سيأخذ مواقف أقوى بعد حادث (شارل إبدو)، ونحن لم نكن نحتاج لحادثة أخرى حتى تتحرك الدولة، والذى يتبادل وسط أصحاب المقاهى والمطاعم أنهم كانوا خائفين بعد الحادث من أن تُستهدف الأماكن العامة، وأن تأخذ الحكومة الإجراءات فى منع هذه الحوادث مرة ثانية».
وقالت كريستال ماروجونيه، وهى شابة فى منتصف العمر، ظهرت عليها علامات الخوف والحذر من الحديث مع الجنسيات العربية، إنها كانت ستشعر بالخوف لو كانت فى المطعم الذى حدث فيه الحادث الإرهابى الأخير فى باريس، ومع ذلك على المستوى القومى عبر المواطنين الفرنسين برفضهم لهذه الأحداث، بالنزول إلى الشارع واستمرارهم لحياتهم الطبيعة، وكان هذا أكبر رد فعل إيجابى ضد هذه الأعمال الإرهابية، ومثل هذه الأعمال لا تؤثر فى صمود وقوة الشعب الفرنسى، حتى إذا كان يشعر بجراح من أثر هذا الموضوع.
وأوضحت أنها لم تتابع تخليد ذكرى الشهداء لانشغالها فى عملها، كما أنه يوجد أناس كثيرون فى فرنسا بعد الأحداث الإرهابية السابقة لـ«شارل إبدو» أصبحوا يتعاملون مع هذه الأحداث كجزء من الواقع اليومى وليست كحدث استثنائى.
وتابعت: «لم أتابع جميع خطابات الرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند، لأنه من الصعب أن تحكم على كفاءة الرئيس فى معالجة الحادث، لأن هذه الأحداث غير مقتصرة على فرنسا فقط بل تحدث فى جميع أنحاء العالم، كما أن الشعب لا يبلغ بكل الحقائق، وبالتالى لا نستطيع أن نحكم على أدائه مع الحدث ما دامت هناك معلومات لم نعرفها، ومؤسف أن هذه الأحداث وقعت فى فرنسا لكنها لم تقف عند فرنسا فقط بل من المتوقع أن تحدث فى بلاد وأماكن أخرى، كما أن الواقع يقول إن كل حدث من الأحداث الإرهابية هو تجربة جديدة لكل دولة ولا توجد دولة جاهزة للإرهاب».
ولفتت إلى أن هذه الأحداث لم تغير من علاقة الشعب الفرنسى مع العرب المقيمين فيها، لأن الشعب الفرنسى أذكى من أن يخلط بين الشعب العربى والإرهابيين، مشددة على أن العلاقة لن تتغير بل ستظل كما كانت فى الماضى.