المشردون على أرصفة القاهرة حياة تبحث عن «نقطة دفا»
المشردون على أرصفة القاهرة حياة تبحث عن «نقطة دفا»
المشردون على أرصفة القاهرة
بداية عام جديد من أجله تزينت شوارع العاصمة، ليشهد الناس حالة من البهجة، يخرجون مرتدين معاطفهم الثقيلة، بعد الانتهاء من أعمالهم، يجوبون المحلات والمطاعم، يتناولون أطعمة ومشروبات دافئة، ثم يعودون إلى منازلهم، لينعموا بالراحة والدفء، يشتكون من قسوة هذا الشتاء، وما يتسلل إليهم من البرد داخل البيوت، حيث لا توجد أجهزة للتدفئة. ولكن للعاصمة وجه آخر أقل رحمة، لمن فقدوا نعمة البيت والسكن، يرتمون بأجساد متخشبة على الأرصفة، أطرافهم زرقاء من شدة البرد، يحلمون بسقف وجدران، تحيطهم، تحميهم، تشعرهم بمزيد من الأمان. يبتكرون أساليب وطرقاً للمعيشة، من أجل البقاء، مثل الانزواء فى مدخل إحدى محطات مترو الأنفاق، أو داخل سيارة قديمة متروكة على الطريق، أو فى حديقة أحد الميادين العامة، أو يختارون رصيفاً فى أحد الشوارع الجانبية، يجعلون منه ملاذاً لهم. يرفعون شعار «فاجعل من كل متراس بلداً»، بعدما فقدوا الأمل فى أن تنظر لهم الحكومة، يقولون إنهم لم يسمعوا يوماً عن «اللجنة العليا للمعونة»، وأن العون الوحيد الذى يتلقونه يأتيهم من رب السماء، يقولون إنهم ليسوا مجاذيب ولم يفقدوا عقولهم بعد، لكنهم فقدوا الثقة فى المسئولين، بعد أول ليلة قضوها فى الشارع. بعضهم يتشبث بأطفاله، يختبئون بهم بعيداً عن أعين دوريات الشرطة، خوفاً من أن ينتزعوهم من أحضانهم ويحتجزوهم فى أحد بيوت الرعاية. الأطفال يصرخون لأن بيوت الرعاية بلا رحمة، وأسفلت الشارع أكثر رفقاً بهم منها.