لا نزال مع القراء الكرام فى متابعة شرح مواقف كبار العلماء والفقهاء والدعاة من موضوع السنة والشيعة، وهذا هو الدكتور مصطفى السباعى، مراقب الإخوان المسلمين فى سوريا، رحمه الله تعالى، يقول فى هذا الموضوع:
(فأعود فأكرر دعوتى للمخلصين من علماء الشيعة -وفيهم الواعون الراغبون فى جمع كلمة المسلمين- أن نواجه المشاكل التى يعانيها العالم الإسلامى اليوم فى انتشار الدعوات الهدامة، التى تجتث جذور العقيدة من قلوب شباب السنة وشباب الشيعة على السواء)، ثم يواصل قائلاً: (يجب أن تنصب جهود المخلصين من أهل السنة والشيعة، إلى جمع الشتات وتوحيد الكلمة، إزاء الأخطار المحدقة بالعالم الإسلامى وبالعقيدة الإسلامية من أساسها).
أما الفقيه الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بدوى فيقول:
(للشيعة أكبر الفضل فى إغناء المضمون الروحى للإسلام، وإشاعة الحياة الخصيبة القوية، التى وهبت هذا الدين البقاء قوياً قادراً على إشباع النوازع الروحية للنفوس، حتى أشدها تمرداً وقلقاً، ولولاها لتحجر فى قوالب جامدة، ليت شعرى، ماذا كان سيؤول إليه أمره فيها؟ ومن الغريب أن الباحثين لم يوجهوا عناية كافية إلى هذه الناحية، ناحية الدور الروحى، فى تشكيل مضمون العقيدة التى قامت بها الشيعة، والعلة فى هذا أن الجانب السياسى فى الشيعة، هو الذى لفت الأنظار أكثر من بقية الجوانب، مع أنه ليس إلا واحداً منها، وقد يكون من أقلها خطراً من حيث القيمة الذاتية لهذا المذهب، ووجوده بشكل واضح لا يدل مطلقاً على طغيانه على بقية جوانبه، بل كان نتيجة لطبيعة الصلة بين الدين والدولة فى الحضارة العربية، وفى الإسلام منها بوجه التخصيص، فهما فيه متزاوجان وينبعان من مصدر واحد، ولهذا نميل هنا إلى إطلاق لفظ الشيعة فى المقام الأول من التيار الروحى فى الإسلام).
وهذا هو العالم الجليل الدكتور على عبدالواحد وافى، (عضو المجمع الدولى لعلم الاجتماع) يقول: (يتفق الشيعة الجعفرية مع أهل السنة فى أصول العقائد الإسلامية، فهم يقرون بالشهادتين وأركان الإسلام، ويؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، ولا يختلفون فى هذا الصدد إلا ببعض معتقدات، لا يوهن أى معتقد فيها أصلاً من هذه الأصول)، ثم يواصل القول فيقول: والإمامية يقرون جميع الفروع التى علمت من الدين بالضرورة، كالصلوات المفروضة، والزكاة والصيام وزمانه، والحج، والكعبة ومكانها، والقبلة واشتراطها، وكذلك جميع الأمور الثابتة فى القرآن والسنة بدلالة قطعية).
أما العالم الفقيه الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصى فيقول: (وطائفة الشيعة من الطوائف الإسلامية، ذات الأثر الكبير فى المجتمع الإسلامى، وإذا كان التشيع قد بدأ بحب آل البيت النبوى الطهور: بيت سيدنا ورائدنا وقائدنا: رسول الله عليه وعلى آله الصلاة والسلام، فقد اتخذ بعد ذلك مسيرة متميزة خلال عصور التاريخ، وقد جعلت هذه المسيرة المميزة تنفسخ وتتسع، حتى صار للتشيع أعلامه وأبطاله ورجاله ومفكروه وزعماؤه والداعون إليه، والمدافعون عنه، وكان للشيعة خلال تاريخهم مواقف مشهودة، وبطولات مرصودة، تشعبت وتفرقت وانتشرت يميناً وشمالاً فى مصادر التاريخ المختلفة).
وهذا هو العالم الجليل مصطفى الشكعة (أستاذ الأدب والفكر الإسلامى بجامعة عين شمس وعميد كلية الآداب السابق) يقول: (الإمامية الاثنا عشرية، هم جمهور الشيعة الذين يعيشون بيننا هذه الأيام، وتربطهم بنا نحن أهل السنة روابط التسامح والسعى إلى تقريب المذاهب الآن، لأن جوهر الدين واحد ولبه أصيل، ولا يسمح بالتباعد، فهم يبرأون من المقالات التى جاءت على لسان بعض الفرق ويعدونها كفراً وضلالاً)، ثم يواصل فيقول: (وإذا أمعنا النظر جيداً، وطرحنا كل الأفكار البالية الجامدة خلف ظهورنا، فإننا لن نجد كبير خلاف بين كل من مذهب السنة ومذهب الشيعة الإمامية، حيث كان الإمام أبوحنيفة، تلميذاً للإمام جعفر الصادق، رأس الشيعة الإمامية أو الجعفرية، وكان إماماً فاضلاً ورعاً، له من الإيمان والثقافة الدينية ما لم يتوفر لإمام آخر من معاصريه).
وختاماً للاستشهادات العظيمة نورد هنا رأى الشيخ الجليل، محمد الزحيلى، أستاذ بكلية الشريعة جامعة دمشق، الذى يقول فيه: (ويعتمد مذهب الإمامية الفقهى على القرآن الكريم والأحاديث النبوية التى رواها حصراً أئمتهم من آل البيت)، ثم يواصل فيقول: (وفقه الإمامية قريب من المذهب الشافعى، ولا يختلف كثيراً عن فقه أهل السنة إلا فى مسائل محدودة كاختلاف بقية المذاهب مع بعضها).
أردت أن أورد هذه المقالات والآراء هنا، لأن هذا للتذكير والعظة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، لعلنا نواجه الفتنة الطائفية القائمة بين السنة والشيعة، وأنا أتساءل، هل يتبع المسلمون من أهل السنة آراء العلماء الأجلاء الذين ذكرتهم هنا، أم يسيرون وراء أنصاف متعلمين وجهلة فيهم من التعصب ما فيهم، يثيرون الفتن والفرقة بين المسلمين، ومنهم من يتطرف ويتشدد بل وتملكه جريمة التكفير والتفسيق والتبديع، دون دليل من قرآن أو سنة؟
الجواب يجب أن يكون واضحاً عند العقلاء من أبناء الأمة،
والله الموفق