لماذا يا رئيس الجمهورية.. لماذا وافقت على أن ترسل جماعتك ميليشياتها لقتل وسحل المعتصمين أمام الاتحادية؟ لماذا لم تعصم دماء مواطنيك وأنت مسئول سياسيا وجنائيا عن منع القتل والعنف وانتهاكات حقوق الإنسان، بل وحروب الشوارع التى تدفع بوطننا نحو سيناريوهات بالغة الخطورة؟ لماذا قررت أن تكون رئيسا لجماعتك ومناصريها فقط، وابتعدت عن الشعب الذى انتخبتك أغلبيته وانتظر منك عمومه أن تصبح رئيسا لكل المصريات والمصريين؟
لماذا حنثت بوعودك من إعادة تشكيل التأسيسية إلى عدم طرح دستور غير توافقى للاستفتاء الشعبى؟ لماذا لم تنصت لمقترحات بعض مستشاريك الذين طالبوك، بعد حوارات مع القوى الوطنية، بتجميد إعلان الاستبداد الذى أصدرته وتشكيل لجنة من الفقهاء الدستوريين لتعديل مشروع دستور التأسيسية والشروع فى حوار وطنى يهدف لحماية الوطن ومؤسساته وإنهاء حالة الاحتقان والاستقطاب؟ لماذا تحدثت إلى مناصريك فقط حين تجمعوا أمام القصر الرئاسى ثم اختفيت وهربت من الباب الخلفى حين أحاطت بالقصر جماهير ترفض بسلمية قراراتك الديكتاتورية؟ لماذا لم تستمع لهم وتخاطبهم؟ لماذا لم تدرك أن القابلية للعنف تمكن جميع الأطراف ذات المصالح الضيقة وربما الإجرامية من النفاذ بقوة للمشهد السياسى والمجتمعى؟ لماذا أدرت الأزمة الراهنة التى تعصف بوطننا بكل هذا القدر من الصلف والاستعلاء والأحادية ومن ثم الإخفاق؟
وقبل أزمة إعلان الاستبداد ومشروع الدستور الإخوانى، لماذا لم تخاطب الخائفات والخائفين من حكمك ومن جماعتك بين مواطنيك مطمئنا إلى أن مصر وطن الجميع وأنك ستكون رئيسا للجميع؟ لماذا لم تخاطب المسيحييات والمسيحيين وتؤكد على حمايتك لحقوق المواطنة الكاملة؟ لماذا قبلت أن يصنع من حولك مشهد صريح الديكتاتورية حين أردت الاحتفال بنصر أكتوبر فى استاد القاهرة وانقلب الأمر إلى احتفال من جماعتك ومنك بديكتاتورية يعاد بناؤها فى مصر؟ لماذا لم توقف الإجراءات التقييدية التى فرضتها أجهزة الدولة بضغط من جماعتك على الحريات الإعلامية؟ لماذا لم تمنع استحواذها وحلفائها على المؤسسات الصحفية القومية وهيئات مستقلة كالمجلس القومى لحقوق الإنسان؟ لماذا أفسحت لجماعتك أن تتغلغل فى مؤسسات وبيروقراطية الدولة وتعصف بقاعدة حيادية الخدمة العامة التى لا تقوم الديمقراطية إلا بها؟
لماذا قبلت أن تتحالف مع بقايا النظام السابق فى تشكيلك لحكومتك وداخل مؤسسات مختلفة؟ لم تخرج علينا مرة واحدة بخطاب صريح ينتصر للمواطنة وللمدنية وللحرية، وفى المقابل خاطبتنا أكثر من مرة كمسئول أمنى يتنصت على مواطنيه ويؤسس لثقافة انتقام؟ لماذا ابتعدت عن توظيف سلطاتك وأدواتك للانتصار لحقوق الشهداء والمصابين ولإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية قبل إعلان الاستبداد وقبل «محمد محمود 2»؟
أخشى أن الإجابة الصحيحة الواحدة على كل هذه التساؤلات هى لأنك وبإرادتك قررت أن تكون رئيسا للإخوان ولحلفائهم وتجاهلت مصر الواسعة الباحثة عن الحرية والعدالة والديمقراطية. لأنك غلبت النزوع للديكتاتورية والانفرادية على الشراكة الوطنية مع القوى خارج جماعتك وحلفائها. لأنك استخففت بدماء مواطنيك ولم تدرك حرمة الدم عند شعبك والتداعيات الكارثية للقتل وللعنف. لكل هذا، ومع أن شرعيتك جاءت عبر صندوق انتخابات، سقطت فى الهوة التى سقط بها سلفك غير المنتخب، هوة اللاشرعية والرفض الشعبى والمطالبة بالرحيل.