بروفايل:صلاح عبدالمقصود.. وزير إعلام الجماعة
«خلعت عباءة الإخوان على أبواب ماسبيرو» جملة شهيرة رددها صلاح عبدالمقصود، وزير الإعلام، مراراً وتكراراً فى جميع تصريحاته الصحفية عقب توليه منصبه، وتفاءل الملايين خيراً بالوزير الإخوانى الذى سينقذ التليفزيون من كبوته وسيطهره من الفساد ويعيد تليفزيون الشعب للشعب، ليأتى الواقع بعيداً كل البعد عن الأمنيات بعد أن تلخصت إنجازاته فى تصفية حساباته مع خصوم الإخوان و«كله بالقانون».
حرب الإخوان بدأت مع قنوات «دريم» بقرار صدر ونُفذ فى أقل من 24 ساعة بقطع البث المباشر عنها، بحجة أن بثها من استوديوهاتها بمدينة دريم غير قانونى ويهدر المال العام، على الرغم من وجود عشرات القنوات التى تبث من خارج المدينة، وعلى رأسها «الجزيرة» و«العربية» وما هى إلا أيام ليصدر حكم قضائى بعودة «دريم» لقواعدها ليرضخ «عبدالمقصود» للحكم، ويصمت بعدها تماماً عن الحديث عن الجرم الأعظم الذى ارتكبته «دريم» بتجاوزها القانون وإضاعتها لهيبة الدولة.
ولأن الإعلاميين «سَحَرَةُ فِرْعَونَ» كما وصفهم محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، قرر وزير «السَّحَرَة» إماطتهم عن الساحة، فبعث بعشرات التحذيرات لقنوات «أون تى فى» و«التحرير» و«القاهرة والناس» «مهدداً إياها بإيقاف البث لمخالفتها لشروط البث، فى الوقت الذى ترك فيه الساحة للقنوات الدينية وقنوات الأغانى بل وحتى قنوات الرقص.
«نعمل على تحويل سياسة الإعلام الحكومى من إعلام سلطة إلى إعلام شعب» كانت ثانى أشهر عباراته لنفاجأ بأن التليفزيون تحول لإعلام «شعب الإخوان» يسمح فيه «عبدالمقصود» للمؤيدين باحتلال مساحات شاسعة من الهواء ويقصى فيه المعارضين، ومن جديد «كله بالقانون»، ففى أقل من أربعة أشهر من توليه وزارة الإعلام سلطت مقصلة الإحالة للتحقيق فوق رقاب العاملين به حيث أحيلت الإعلامية بثينة كامل مرتين للتحقيق لانتقادها سياسة الإخوان، وتبعتها مذيعة الأخبار قصواء الخلالى بعد كتابتها لمقالة موجهة لوزير الإعلام تنتقد فيها سياسات التليفزيون، وأعقبهما فريق برنامج «نهارك سعيد» كاملاً لتغافله عن صدّ وردّ الهجوم الذى وجهه أحد الضيوف للرئيس، واتُّهم فريق كامل بإهانة الذات الرئاسية.
استطاع «عبدالمقصود» الذى قضى حياته بين جدران الصحف الإسلامية، وبجدارة، أن يفتت التليفزيون المصرى ويصنع حالة غير مسبوقة من النزاعات والصراعات بين العاملين فى «ماسبيرو» تمثلت فى عشرات الوقفات الاحتجاجية والاعتصامات بل وحتى محاولات لاقتحام مكتبه من المعترضين على سياساته التى تجاهلت مشاكل تأخر الرواتب واقتطاع البدلات والحوافز وتوقف مشروع العلاج لعدم سداد مديونية «ماسبيرو» لدى المستشفيات ونقص التمويل الذى يعيق إنتاج برامج جديدة وديون «ماسبيرو» التى وصلت إلى 20 مليار جنيه، وتفرغ لصراعاته مع القنوات الفضائية ورجال الإعلام، تنفيذاً لخطة إخوانية لتصفية الإعلام الحر، وأمام هذا كله وجد مسئولو «ماسبيرو» الذين حاولوا تنفيذ قرارات «عبدالمقصود» أنهم لا خيار أمامهم إلا أن يتركوا السفينة اعتراضاً على عودة التليفزيون لأساليب النظام السابق وتسخيره لخدمة جماعة الإخوان، حيث أعلنها رئيس التليفزيون صريحة: «لن أعود لتليفزيون عبدالمقصود»، وتبعه رئيس قطاع القنوات المتخصصة، وأرجأ آخرون تقديم استقالاتهم لحين هدوء الأوضاع، مؤكدين أنهم قرروا ترك الساحة لوزير الإعلام الذى لم يخلع عباءة الإخوان يوماً.