«قامولا قبلى»: نساء يعملن «دون مقابل» لإطعام الحيوانات
«قامولا قبلى»: نساء يعملن «دون مقابل» لإطعام الحيوانات
نساء فى حقول القصب بقرى الأقصر
«ست بميت راجل».. تلك هى الجملة التى تتبادر إلى ذهنك بمجرد أن ترى النساء فى مزارع القصب بقرى الأقصر، حيث تجد السيدة واقفة من صباح اليوم ولمدة 6 ساعات على قدميها، تقطع وتكسر بكل ما فيها من عزم وقوة جرايات وقشر القصب، غير عابئة بجروح يديها أو خشونتها أو الأمراض الجلدية التى تصيبها جراء التقطيع، مقابل أن تحصل على هذا القش «دروة القصب» تحمله على كتفها لتعود به للبيت طعاماً للبهائم التى تربيها.
«حلويات» تعالج تشققات يدها بـ«شوية ميه»
«فاطمة»، التى تبلغ من العمر 30 عاماً، أرملة وأم لأربعة أبناء، تذهب إلى الحقل فى قريتها «قامولا قبلى» بمحافظة الأقصر يومين فى الأسبوع لتقطع «جرايات» وقشر القصب حتى يعطى لها صاحب الغيط القش لتطعم به العجل الذى أعطته لها إحدى الجمعيات الخيرية، «ما باليد حيلة» تقول «فاطمة». أما «نعمة»، وهى أرملة تعيش فى القرية نفسها، فبعد أن تتم مهمتها فى قطع جرايات القصب، تعود إلى البيت، تضع يديها طوال الليل فى ماء ساخن كعلاج للآلام التى تشعر بها فى يدها، والتشققات التى تصيب كفها. تقول «نعمة» إن رب الأسرة توفى وترك لها أربعة أبناء، إضافة إلى والدتها الكفيفة، لذا اتخذت القرار من البداية بأن تعلم أبناءها، ولكى تعلمهم لا بد من أن تعمل وتكافح لتحصل على قوت يومها. أما «حلويات» فتبلغ من العمر 70 عاماً، وهى جدة لديها 14 حفيداً، مات أحد أبنائها وتركها وزوجته تعول أبناءه الـ7، وزوجة ابنها لا تستطيع أن تتحمل المسئولية وحدها، وأمام العوز والحاجة قررت أن تخرج للعمل، ولو كان العمل سيوفر لها «دروة البهيمة» التى يتكلف طعامها ما يعادل وجبات الأطفال بأكملهم. تقول الجدة: «إحنا صعايدة آه. نشتغل أحسن ما نشحت، والشغل مش عيب طالما عندى ما يكفى من صحة». تخرج صباح كل يوم تكسر القصب وتجلبه إلى الغيط وهناك تقوم مع السيدات بتقشيره دون مقابل، المقابل الوحيد هو أن تحمله إلى البيت لتأكله البهيمة. لكن أصعب لحظاتها حينما تخلد إلى النوم فيشتد الألم، وتتفتح التشققات لينزف الدم، وكل علاجها غسل يدها ببعض الماء، فليس لديها ما يكفى من مال للذهاب لطبيب.