كرة القدم النسائية: المرأة نصف «المستطيل الأخضر»
كرة القدم النسائية: المرأة نصف «المستطيل الأخضر»
رانيا عامر
على الرغم من تصدر الرجال للمشهد، فإن السيدات تمكنّ من أن يجدن لهن فيه نصيباً، خاصة أنه لا يوجد عائق ذهنى أو بدنى يحول دون ممارستهن رياضة «كرة القدم»، ومنذ أن عرفت الأوساط العالمية اقتحام النساء لعالم صنفه الرجال على أنه ملكهم فى أوروبا عام 1895، حتى كانت أول بطولة نسائية كبرى فى عام 1984 تحت مسمى «بطولة أمم أوروبا للسيدات»، حتى أصبح «المستطيل الأخضر يليق بهن».
لاعبات: نتخفى من نظرة المجتمع لنا كـ«مسترجلات» رغم تميزنا فى اللعب.. والحل فى دعم الدولة لمنتخب السيدات
بدأت كرة القدم النسائية فى مصر عام 1989، وتلى ذلك مشاركة المنتخب المصرى النسائى فى تصفيات أفريقيا، لينفتح الباب على مصراعيه لهن، ويحصدن عدداً من البطولات العربية، ويحفر الفريق المصرى اسمه بين أفضل 8 دول أفريقية فى كأس الأمم، إلا أنه ظل غائباً عن أعين المجتمع المصرى الذى انصرف إلى الاهتمام بفرق كرة القدم للرجال.
«للرجال فقط».. تجد «ياسمين السيد» لاعبة كرة القدم أن المجتمع ما زال ينظر لرياضة كرة القدم من هذا المنظور، وأن الممارسات لها «مسترجلات» ويوجه إليهن تعليقات ساخرة و«سخيفة» نتيجة عادات وتقاليد خاطئة، ما يجعلهم يستنكرون متابعة مباراتهن، وعدم الاهتمام بهن بنفس القدر الذى تنعم به الفرق الرجالية، رغم امتلاك العديد منهن لمهارات مميزة، فضلاً عن أنها «موهبة مش عيب ولا حرام».
«دنيا»: اللعبة مقصورة على الرجال وتركتها بسبب التعليقات الساخرة
حب كرة القدم تحديداً هو الذى دفع اللاعبة بفريق نادى «وادى دجلة»، إلى ممارستها قبل أن تتجاوز عامها العاشر، حيث كانت تلعبها مع أصدقائها وجيرانها وأقاربها، لتتجه إلى التدريب فى أحد النوادى فيما بعد، قبل أن تحيل الثانوية العامة بينهما، لتستعيدها مرة أخرى فور دخولها كلية الهندسة، التى انضمت خلال دراستها بها إلى فريق الجامعة لكرة القدم النسائية، ثم تولت تدريبه.
وفى العام الثالث الجامعى، أسست أكاديمية لاستقبال الفتيات الراغبات فى ممارسة كرة القدم وتدريبهن بنفسها من تمويلها الذاتى، والتى لاقت قبولاً كبيراً بين النساء من مختلف الأعمار، التى تمثل حلمها لمستقبل لاعبات كرة القدم، ومشواراً ستكمله بعد انتهاء دراستها، وفى تلك الأثناء لم تغفل الفتاة العشرينية حياتها الخاصة، حيث حافظت على حضور محاضراتها والمناسبات العائلية والتنزه مع أصدقائها، ولعب رياضات أخرى.
وهو ما شاركته معها «هند إسماعيل»، اللاعبة بنادى الطيران، والعضو بمنتخب مصر للكرة النسائية، خاصة أن تلك الرياضة لم تؤثر على حياتها الخاصة -على حد قولها- التى قالت إن أسرتها ساعدتها فى ممارسة المزيد من الرياضات كالمشى والجرى والقفز، والتى تصفها بأنها «هوايتى الأولى»، حيث تمارسها منذ 10 أعوام لحبها الشديد لها تنقلت خلالها بين مقر إقامتها فى الإسكندرية والمعسكرات فى القاهرة والمحافظات المختلفة.
وترى عضوة منتخب مصر للكرة النسائية، 21 عاماً، أن السبب فى عدم وجود جمهور كبير للفريق هو غياب الدور المؤثر لاتحاد الكرة النسائية، وعدم الاهتمام بتنمية الفرق ورفع مهاراتها، والترويج الإعلانى لها، قائلة «الفرق مش بتاخد حقها خالص».
غياب اهتمام الاتحاد والنوادى بفرق كرة القدم النسائية.. هو الرأى الذى أيدتها فيه «رانيا عامر» اللاعبة بفريق القاهرة الرياضى، التى تجد أن ذلك نتاج غياب قوى للدعم من جانبهم للفرق، مما أدى إلى عدم حصولهن على تدريبات وفترة إعداد جيدة لهن بقدر ما تناله الفرق الرجالية، فضلاً عن أن النظرة الذكورية العنصرية التى ما زالت موجودة داخل المجتمع، الذى لا يهتم بدوره بشكل فعلى بالمرأة، وإن كان الأمر صورياً فقط فى الاعتراف بحقوقها، مما يجعله غير مبالٍ بالمباريات النسائية، وينظر لهن على أنهن «مسترجلات».
حب كرة القدم جعل الفتاة العشرينية تحاول التغلب على المشاكل التى واجهتها فى ممارسة هوايتها التى تعود لـ7 أعوام، خاصة أنها محجبة، مما دعاها لارتداء «بادى» تحت فانلتها الرياضية، و«بنطلون كارينا» يعلوه الشورت المميز للفريق، وهو ما تقوم به غيرها من اللاعبات والمدربات فى نفس المجال، لتمارسها فى هدوء فى أيام التمرين الثلاثة، بينما تحظى بأوقاتها الخاصة باقى الأسبوع وسط تشجيع قوى من عائلتها لها. منذ ما يزيد على 8 أشهر، انضمت «رانيا» بمحض الصدفة إلى الفريق، حيث كانت فى طريقها لإجراء حوار صحفى مع المديرة الفنية لفريق كرة القدم النسائية للقاهرة الرياضى، بحكم عملها كصحفية فى أحد المواقع الإخبارية، لتفاجئهم بمهاراتها فى لعب الكرة، التى تعلمتها فى سن الثامنة، من خلال لعبها مع أخيها الأكبر وأصدقائه، لكنها لم تتمكن من الانضمام بشكل أساسى لأحد الأندية لكون الفرق النسائية ليست منتشرة من ناحية، واستنكار الشريحة العظمى من المجتمع للنساء اللاتى يمارسنها من ناحية أخرى.
رفض مشاركة المرأة بتلك الرياضة، دفع «دنيا سمير» إلى ترك المجال، بسبب التعليقات الساخرة المتعددة التى لم تقو على تحملها، وإهانتها نفسياً، قائلة «كانوا بيضحكوا ويتريقوا عليا كتير جداً، لدرجة أنى مابقتش أقول إنى لاعبة كرة قدم وأقول بألعب سباحة أو أى حاجة تانية»، وأرجعت ذلك إلى أن الكرة النسائية ليس متعارفاً عليها فى مصر بخلاف باقى الدول، فضلاً عن قلة الإمكانيات المتاحة للاعبات وضعف الاتحاد والفرق وانتشار المحسوبية، فضلاً عن أن العادات والتقاليد السائدة فى المجتمع ترفض مشاركة المرأة فى تلك الرياضة وتجعلها قاصرة على الرجال. وأضافت اللاعبة السابقة بفريق النادى الأهلى، أنها مارست كرة القدم وهى فى الصف الثانى الابتدائى، لشدة حبها لتلك الرياضة، وشجعها جدها الذى كان يعمل مدرباً للسباحة بنفس النادى، وفتح لها الباب على مصراعيه لمزاولتها، قبل أن تتوقف عن ممارستها منذ أعوام.