والدة الشهيد محمد الجندى لـ«الوطن»: ابنى يتعرض للاغتيال مجدداً.. وهناك ثورة مضادة على «يناير» لتقبيح كل ما هو جميل
والدة الشهيد محمد الجندى لـ«الوطن»: ابنى يتعرض للاغتيال مجدداً.. وهناك ثورة مضادة على «يناير» لتقبيح كل ما هو جميل
والدة الشهيد محمد الجندى
أيام تفصلنا عن الذكرى الثالثة لاستشهاد محمد الجندى، عضو التيار الشعبى، الذى استشهد فى 4 فبراير 2013 خلال حكم «الإخوان»، تنتظر والدته سامية الشيخ هذا التاريخ كل عام بفارغ الصبر، وفى قلبها غُصة من احتفاء الدولة بشهداء الجيش والشرطة وتجاهل شهداء 25 يناير والمدنيين، وتطالب الرئيس عبدالفتاح السيسى بالاهتمام بأسر الشهداء المدنيين، واحتواء الشباب وتمكينهم وبـ«سعة الصدر» فى التعامل معهم. والدة «الجندى» قالت فى حوارها مع «الوطن» إنها تستعد من الآن للاحتفال بذكرى ابنها من خلال زيارة قبره وقراءة القرآن على روحه.. وإلى نص الحوار:
■ أيام قليلة تفصلنا عن الذكرى الثالثة لاستشهاد ابنك محمد الجندى.. كيف ستحيينها هذا العام؟
- أنتظر بفارغ الصبر ذكراه فى ٤ فبراير المقبل، فأنا من الآن أزور قبره، وأدعو له، وسأحتفل بذكراه فى المقابر، وبقراءة القرآن على روحه، وسأحييها داخل منزلى، فبيت «الجندى» مفتوح لجميع الناس.
سامية الشيخ لـ«السيسى»: خلى بالك من أسر شهداء المدنيين.. و«وسع صدرك» للشباب
■ هل تشعرين أن الشهداء استردوا حقوقهم بعد مرور ٥ سنوات على ذكرى ثورتهم؟
- بكل أسف لا أشعر بذلك، فشباب الثورة ناضلوا فى الميادين وضحوا بأرواحهم ودمائهم الطاهرة من أجل ثلاثة أهداف رئيسية لخصوها فى شعارات الثورة، هى «عيش، حرية، عدالة اجتماعية»، إلا أن المشهد الواقعى يشير إلى عدم تحقق أى من تلك الأهداف، فلم يتحقق أى استحقاق منها وبالتالى لم يأخذ الشهداء حقهم بعد، ولم ترَ أحلامهم النور.
■ وكيف يمكن أن يسترد الشهداء حقهم من وجهة نظرك؟
- حق الشهداء لا يُسترد بالأموال أو التكريم والمجد، إنما بتحقيق أدنى حقوقهم المشروعة وأحلامهم التى ضحوا بأرواحهم من أجلها.
■ كيف ترين المشهد السياسى حالياً؟
- للأسف انتابتنى حالة شديدة من الإحباط واليأس، قررت على إثرها اعتزال المشهد السياسى والابتعاد قليلاً وتخصيص معظم أوقاتى للدعاء لابنى بعد أن رأيت ما تتعرض له ثورة يناير من اغتيال مادى ومعنوى كل يوم، حيث أشاهد البعض يخرجون لسبِّ الثورة واغتيال شهدائها مجدداً، فى محاولة لتقبيح كل شىء جميل، الثورة تتعرض لثورة أخرى مضادة وقوية، وابنى يُغتال كل يوم مثل «يناير».
■ كيف تابعتِ مشهد تكريم الرئيس لأسر شهداء الشرطة فى الذكرى الخامسة للثورة؟
- الحقيقة أن الدولة ما زالت منذ ٣ سنوات تختص بتكريم أهالى شهداء الشرطة والجيش فقط، دون شهداء يناير وغيرهم من المدنيين؛ فلم تكرم أسرهم أو ترعاهم، وهذا مخالف للدستور الذى نص فى مادته الـ١٦ على أن كلاً من شهداء الجيش والشرطة والمدنيين على قدم المساواة فى الحقوق والواجبات، لكن للأسف الدستور لم يُفعّل حتى الآن.
■ هل يعنى هذا أنك لم تكرمى من الرئاسة منذ استشهاد الجندى؟
- الرئاسة استدعتنى يوم الاحتفال بالدستور الجديد فى عهد الرئيس السابق المستشار عدلى منصور.
حق الشهداء مش هيرجع إلا بتحقيق الحرية والعدالة
■ هل التقيت بالرئيس عبدالفتاح السيسى أو كرمك؟
- التقيت بـ«السيسى» مرة واحدة فى قصر الاتحادية عندما دعانى المستشار عدلى منصور فقط، لكن لم يجرِ أى اتصال أو تواصل من قبل مؤسسات الدولة حتى الآن معى أو غيرى من أسر شهداء يناير والمدنيين، حتى إن المحافظين والوزراء لم يعترفوا بأبنائنا، واكتفوا فقط بتكريم شهداء الجيش والشرطة.
■ هل هذا سبب شعورك أن هناك اغتيالاً لثورة يناير؟
- للأسف، ولكن مهما حاولوا تشويه ثورة يناير لن يستطيعوا طمس ملامح التاريخ الذى سيذكرهم بالثورة شاءوا أم أبوا، وعلى الجميع أن يستوعب أن اغتيال ثورة يناير يفتح الباب للغرب للتشكيك فى ثورة يونيو، فمن يخون ثورة يناير كمن يصف ٣٠ يونيو بالانقلاب، والاعتراف بالأخيرة فقط وطمس «يناير»، يسير بنا نحو الخطر والهاوية.
■ ما آخر ما وصلت إليه التحقيقات حول استشهاد الجندى على خلفية تعرضه للتعذيب؟
- ما زالت القضية قيد التحقيقات ولم يبت فيها حتى الآن بعد قرار النائب العام بتجميع الأدلة وتحويلها للمكتب الفنى، ولم يحدث أى تحرك من وقتها.
■ ما الذى ترينه كافياً للقصاص لابنك بعد مرور سنوات على إنكار استشهاده؟
- ابنى لا ينتظر كلاماً من أحد لإثبات شهادته، يكفينى أن الله يعلم أنه شهيد كما سيذكره التاريخ هو وغيره من شهداء الثورة رغم أنف جميع الحاقدين، وأطلب من الله أن يأتينى بحق ابنى الوحيد، دون فلوس، أنا «مش عايزة حاجة من حد»، كما لا أقبل أى تعويضات، كل ما أريده أن أرى قبل موتى أحلام ابنى وزملائه الشهداء تتحقق، من عدالة اجتماعية، إلى تعليم جيد، إلى حرية للشباب وتقدم للبلاد، أحلامهم هى أن تكون هناك مصانع تُبنى، ودولة تقام.
■ ماذا كان حلم «الجندى» على المستوى الشخصى؟
- «الجندى» مثله مثل غيره من الشباب، كان يحلم أن يرى مصر كـ«باريس»، والسكك الحديدية كالتى فى «لندن»، كما حلم ألا يكون هناك أحد يأكل من «الزبالة»، ابنى نزل من أجل غيره ينادى بأحلام الشباب وحقوقهم، وكان يبحث عن المدينة الفاضلة، وأن تصبح مصر أفضل دول العالم.
■ ما رأيك فى موافقة مجلس النواب على قانون التظاهر بدعوى عدم إمكانية تعديله؟
- قانون التظاهر ليس قرآناً كى يكون فوق التعديل، إنه اجتهاد بشرى وكل صُنع بشرى قابل للتعديل.
■ كيف ترين مخاوف البعض من احتمال قيام ثورة ثالثة؟
- لا أتمنى قيام ثورة ثالثة، فالحالة الاقتصادية متردية ووضع البلاد كله لا يتحمل ثورة جديدة، وإنما يحتاج وقوفنا جميعاً وراء البلد، لتخطى الأزمات الحالية، «مش محتاجين غير إننا نحب بعض»، ونعيش فى استقرار وعدل ولا بد أن يستوعب المصريون ذلك.
■ ما الرسالة التى تريدين توجيهها للرئيس السيسى فى الذكرى الخامسة للثورة؟
- أحب أن أقول له «يا ريس خلى بالك من أسر شهداء يناير المدنيين، مش بس شهداء الشرطة والجيش، واستوعب الشباب ووسع صدرك لهم وافتح باباً للحوار الحقيقى معهم على أرض الواقع وعاملهم كأب لهم».
■ ولكن الرئيس أعلن بالفعل أن ٢٠١٦ سيكون عام الشباب؟
- أتمنى ذلك، وأن يشهد احتواء الشباب ودعمهم، وتوفير فرص عمل لهم، وتحسين مستوى معيشتهم وتمكينهم من صنع القرار، لكى يشعروا بالانتماء الحقيقى لبلدهم.
■ ما رأيك فى إعلان الرئاسة الإفراج عن عدد من الشباب المحبوس بسبب قانون التظاهر؟
- لفتة طيبة من الرئيس وخطوة جيدة على طريق احتواء الشباب والسماح لهم بالتعبير عن آرائهم وأتمنى ألا يكون هناك سجناء رأى آخرين، وننتظر تطبيق القرار لأنه الاحتفال الحقيقى بالثورة.
■ ألا تشعرين بالندم على دعمك لأى من النخب السياسية بعد مواقفهم الآن؟
- بالفعل أشعر بالندم والخزى تجاه مواقف بعض النخب السياسية خاصة التى كنت أدعمها من قبل، بعد مواقفهم الأخيرة التى لم يكونوا فيها على قدر المسئولية.