جاءت انتخابات رئيس مجلس النواب ووكيلى المجلس مخيبة لآمال العديد من النساء فى مصر وصادمة للمؤسسات النسائية التى ناضلت من أجل وصول المرأة للبرلمان بأعداد تساهم فى تمثيل المرأة تمثيلاً عادلاً والاستماع إلى صوتها، ويجب هنا أن نذكر أن المسودة الأولى لقانون البرلمان نصت على تمثيل المرأة بنسبة 3% فقط ولولا نضال كبير من المنظمات النسائية وحوار طويل مع اللجنة التشريعية ما كان وصل إلى 12%، فمقاعد البرلمانيات لم تأت هدية من السماء وإنما نتاج نضال طويل بهدف دعم تمثيل وحقوق النساء وعليهن عدم التعالى عن هذا الأمر لأن ذلك قد يحبط النساء ومنظماتهن فيتوقفن عن النضال وهو ما ينتظره الكثير لإلغاء الكوتة والعودة لتمثيل المرأة بخمسة مقاعد كالبرلمانات السابقة.
الأمر الذى يؤكد ضرورة وضع قواعد حاكمة وملزمة لتمثيل المرأة وذلك استناداً إلى الدستور الذى يشكل قمة الهرم التشريعى وينص على مبادئ أساسية لا بد من إدخالها بوضوح حيز النفاذ من خلال قوانين، وقد نصت المادة (11) من الدستور على عدد من الحقوق المهمة للمرأة المصرية من أهمها العمل على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلاً مناسباً فى المجالس النيابية، وتولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا فى الدولة والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها.
وبذلك قطع الطريق على كل من يحاول الترويج أن تحديد نسب محددة للمرأة يخل بمبدأ المساواة وهو خطأ تم ترويجه لسنوات طويلة كغطاء على الرغبة فى عدم إعطاء أى حقوق للمرأة.
وقد كان فى السابق يتم ترويج أكذوبة أن هناك حكماً للمحكمة الدستورية ضد الكوتة، وثبت عدم وجود أية أحكام بهذا المعنى، ويعد استخدام مثل هذه الحجة غير مقبول لأنه يعنى عدم قراءة الدستور أو معرفته بالمتغيرات القانونية التى يحدثها الدستور.
أيضاً لا بد من التأكيد أن نص المادة (11) طرح عدة حقوق، استخدم فيها عدداً من المصطلحات القانونية مثل: «تكفل أو تعمل على أو تلتزم»، وهى مفردات قانونية تختلف من حيث درجة إلزامها وإن كان أكد فيما يتعلق بالتمثيل للمرأة على استخدام لفظ «تعمل على» الذى يؤكد على إلزام الدولة ومؤسساتها بضمان تمثيل مناسب وهو ما تم بناء عليه الالتزام بالكوتة الانتخابية.
ومن المعروف بالضرورة أن الدستور يضع مبادئ عامة يأتى تفصيلها فى القوانين واللوائح، أيضاً هنا تجدر الإشارة إلى خطأ يحاول البعض ترويجه وهو الخلط بين المرأة وفئات أخرى، وهو خطأ يعكس إما عدم قراءة للدستور أو محاولة التضليل وافتراض جهل الآخرين بالدستور.
فما ورد عن تمثيل فئات أخرى جاء فى الباب السادس - الأحكام العامة والانتقالية، وذلك فى المادتين رقم (243- 244) والذى يأتى لمرة واحدة لكل الفئات، وذلك بالنص على كلمة «فى أول مجلس للنواب»، أما تمثيل المرأة فقد جاء فى مادة أساسية فى الباب الأول - الدولة، أى أن العمل على تمثيل المرأة تمثيلاً ملائماً يعد ركيزة أساسية لا بد أن ينعكس فى كل القوانين وبصورة دائمة بدوام الدستور وغير محددة المدة أو معلقة على شرط.
لذا من الضرورى أن تضم لائحة البرلمان تمثيل المرأة فى كافة المواقع واللجان البرلمانية بما لا يقل عن «النصف - 50%» تأكيداً للمساواة، إذا كان تمثيل المرأة على معيار القوة العددية، أما إذا تم الاستناد على تمثيل يتناسب مع الإسهام فى الاقتصاد فيجب ألا يقل عن إسهام المرأة فى قوة العمل الرسمى الذى يصل إلى 30%، أو القطاع غير الرسمى الذى يصل إلى 70%.