يقول الشاعر يا سادة يا كرام
«إن المعلم والطبيب كلاهما لا ينفعان إذا لم يُكرَما
فاصبر لدائك إن أهنت طبيبه واصبر لجهلك إن أهنت معلما»
فيرد أحدهم: المهم البلد يا جماعة!!.
(1) لأن الأطباء لم يجدوا من يحنو عليهم
الفيديو واضح، وأمناء الشرطة يتكالبون على أطباء فى مستشفى المطرية. شهداء العيان كثر، بل إن أحدهم نائب فى مجلس النواب يشهد أن أحد الأمناء سحل طبيباً ووضع حذاءه فوق رقبته، ويقول إن أحداً لم يستدعه للشهادة لكنه سيذهب للنيابة للشهادة ضد د.منى مينا أمين عام نقابة الأطباء المنتخبة، والتى تحرض - على حد وصفه - على التصعيد والإضراب.
الأطباء محتقنون، يشعرون بالإهانة، ولم يجدوا من يحنو عليهم، ولذلك فمهما كانت دعوتهم للإضراب مرفوضة، وتصب فى صالح آخرين (عايزينها والعة)، إلا أن لها منطق من يشعر بالعجز وعدم الاهتمام. يضرب أمين شرطة آخر سيدة داخل عربة مترو فى واقعة مصورة، لكن اللواء ماحصلش مدير إدارة النفى والعلاقات العامة بالداخلية، والشهير باللواء أبوبكر عبدالكريم ينفى الأمر ويوضح أنه بعد مراجعة الكاميرات لم يعتد الأمين عليها!!.
تتحدث عن الفساد فيزايدون عليك بالشهداء. من قال إنهما يستويان أيها الأغبياء؟؟ من قال إننى حين أهاجم فساداً أهاجم معه شهيداً أشرف من أن تزايدوا به علينا، وهو إلى جوار ربه، بينما أنتم إلى جوار التكييف. يلوّح (حاتم) أمين الشرطة فى الأفق مبتسماً فى آخر أفلام يوسف شاهين (هى فوضى) مؤكداً أنه لا يموت، ويردد الجميع: مفيش حاتم بيتحاكم. هل يجب أن يغضب كلامى هذا الشرفاء من الشرطة، أمناء وضباطاً؟؟ الواقع أنه لن يغضب إلا اللى على راسه بطحة، مثلما الواقع أن الداخلية تشعر بها إزاء بعض القضايا (بتصقّع قلل)!!
(2) الداخلية ونظرية القلل المستطرقة
مرة أخرى لا بأس من التذكير. هناك داخليتان فى بلدنا. وزارة داخلية الشرفاء الذين يقومون بأعمالهم بنزاهة مقدّمين أرواحهم فداءً للوطن، ووزارة تؤوى فاسدين موجودين فيها مثلما هم موجودون فى كل مكان، وحين نتحدث عن الفاسدين نكون من المدافعين عن الشرفاء بشكل تلقائى، فدعكم من (أسطوانات) التخوين والعمالة لأنها (مشروخة).
وفق نظرية الأوانى المستطرقة يكون الماء فى مستوى واحد فى كل الأوانى مهما تغير شكلها، المهم أن تكون متصلة ببعضها البعض. الداخلية أحياناً تحاول الاعتماد على هذه النظرية لكنها لا تدرك أنها تستخدم (قلل) قناوى، غير متصلة ببعضها أصلاً، فتجد البيان الصادر بشأن مواطن إيطالى اختفى وتم العثور على جثته وتم استدعاء السفير المصرى لأجله وأجرى السيسى اتصالاً يخصه مع رئيس الوزراء، لا يزيد عن أنه اختفى يوم كذا.. شكلنا فرق بحث.. وجدناه ميتاً فى الصحراوى. بس خلاص، ونكثف الجهود لكشف الملابسات. بس خلاص!! بعكس بيان محترف ومحترم صدر بخصوص خلية المعادى الإرهابية، بعكس (إيميل) رسمى عن (الطقس)!!، بخلاف إيميل ترويجى عن جهود رجال المرور رغم الطقس، بخلاف بيان يريد أن يوضح كيف أن الداخلية حريصة على مستقبل سجنائها فيكشف عن وجود 3000 طالب فى السجون!!
تريد الداخلية أن تقول إنها تعمل، لكنها تسرب لمن يصل إليه إيميلاتها أنها لا تهتم بالقضايا اهتماماً واحداً، بل على العكس، هناك بعض القضايا التافهة تولى لها اهتماماً وتوضيحاً، وقضايا رأى عام لا تتحدث عنها.
بالعودة لموضوع أمناء الشرطة والنفى المستمر، أين البيان؟؟ أين التصرف؟؟ أين رد الفعل؟ أين إزالة الاحتقان؟؟ أين وزير الداخلية السياسى؟؟ أين الرؤية؟؟
وما ذنب القلل؟؟.
(3) قاهرة عمرو دياب ورصيفه نمرة 5
بوضوح. عمرو دياب هو تاريخ حياة الذاكرة العاطفية لجيلنا. وبشكل مباشر: لم تعجبنى أغنيته الأخيرة القاهرة التى تشعر فيها بـ(طلسقة) لم أعهدها فى عمرو (القديم) بتاع (النوستالجيا)، والذى صنع عن القاهرة أغنية أجمل ستبقى وتبقى اسمها (رصيف نمرة خمسة). الأغنية التى كتبها مدحت العدل بعد اقتراح من خيرى بشارة ليضعها فى فيلم آيس كريم فى جليم لتخرج صادقة بعد أن اختار مدحت العدل أن يكتب عن الناس ويلتحم بهم لا أن ينظر عليهم من سطوح الفندق. لست مع هؤلاء الذين يطلبون أن تكون الأغنية مناسبة لجَلد ذاتنا، لكن طبعة القاهرة الجديدة من عمرو دياب باهتة حتى لو شاركه فيها محمد منير، والمكسب الوحيد فيها هو وجودهما معاً فى نفس الكادر، وبخلاف ذلك: قلشت يا هضبة.
(4) وكلاء 25 يناير
على حد علمى لم يسجل أحد ثورة 25 يناير باسمه فى الشهر العقارى، ولم تنتسب هى إلى أسماء بعينها يحتكرونها فيوزعون صكوك الثورية والوطنية على من يريدون ويسحبونها ممن يريدون. أزمة 25 يناير فى أن أغلب الوجوه التى صدّرتها فى الواجهة تخسر بنجاح ساحق، ليس فقط لتشويه قديم كان ينالها، لكن لأن كثيرين منهم يشوهون أنفسهم، ويصل الأمر فى مخاصمة النظام إلى كره الوطن وتأييفه على مقاسهم وتحذير الناس من المجىء إليه. هؤلاء هم سبب كره شريحة كبيرة لـ25 يناير، ومع مرور الوقت، سيتقلص عددهم مع فساد منطقهم وبذاءة ألسنتهم واحتكارهم للثورية، لنعود للمربع صفر. هؤلاء أطلب منهم أن يقولوا خيراً أو يصمتوا. أن يفعلوا خيراً أو يكفّوا. أن يدركوا أن الناس هى الأصل وليس بوستات «فيس بوك» أو «تويتر».
(5) الخوازيق فى الراس مش فى الكراس!!
بس يا سيدى، واتضح أن انهيار كوبرى سوهاج الجديد كان بسبب عدم وجود خوازيق توفيراً للنفقات!! تخيل أن (أساس) هذا البلد ينقصه (خوازيق)؟؟
تخيل أن شركة حسن علام للمقاولات تحفظت على التصميم لعدم وجود خوازيق، ومع ذلك تم بناء الكوبرى؟؟
السؤال إذن.. كم خازوقاً تحتاجه مصر لكى (يسند) البلد؟؟
(6) معرض وليد ديدا!!
ظاهرة معرض الكتاب هذا العام هو وليد ديدا. شاب مصرى أحب فتاة ورفضته أسرتها فى البداية لكنه أصر على حبه لها، وكتب لها العديد من الخواطر على صفحته على «فيس بوك»، وتحمس للأمر شباب جيله، ليشتهر وليد وينجح فى الزواج من حبيبته بعد أن غيرت أسرتها موقفها. طرح وليد خواطره فى كتاب وفوجئ المشهد الثقافى بآلاف يحضرون حفل توقيعه!!، وبين مهاجم مستنكر، أو منفسن، أو غير مصدق، تباينت ردود الأفعال، بل إن البعض (دس) عليه كلاماً لم يكتبه ليتحدث عن (ركاكة) ما يقدم دون إدراك أن هناك شباباً فى مصر لم يحدثهم أحد، وجدوا أنفسهم فى هذا الكتاب، وبدلاً من فهم الأمر، واستيعابه والتفكير فيما يجب أن يفعله المثقفون أو حتى الدولة نفسها، تفرغ كثيرون للسخرية والهجوم. وليد عبّر عن نفسه ووجد ناشراً شجاعاً يتحمس له، وقال لى ناشر صديق إن الدفاع عن هذا الأمر يشبه الدفاع عن الركاكة وإقرار مبدأ (الولاد تربيهم الشغالة)، بينما الأصل فى الأمر أن أحداً لم يقدم البديل. قدموا البديل قبل أن تهاجموا وليد ديدا، وحاولوا أن تفهموا شباباً لا تعرفونهم وما زلتم تتعالون عليهم. المهم أن تتواصلوا معهم.
(7) غيبوبة أحمد بدير
الفنان أحمد بدير (فنتوش الفشنى) المسرح المصرى، والذى أدرك أن الصعايدة وصلوا، وصاحب العديد من المسرحيات الكوميدية صاحب رأى مستفز عن ثورة يناير، للدرجة التى جعلت (السوايسة) يرفضون عرض مسرحيته (الغيبوبة) فى بلدهم. أتضامن - للأسف - مع أحمد بدير الفنان وليس صاحب الرأى السياسى الذى أحترمه بالمناسبة - أتحدث عن الرأى - وإن اختلفت معه.
عدم عرض مسرحيته اليوم يؤدى إلى تعرض أعمال أخرى لاعتراضات فريق آخر. الفن يمكن قبوله أو رفضه لكن لا يمكن منعه.
(8) رائحة عمرو مصطفى
يقول صديقى: كان المتنبى قليل الأدب، وياكل مال النبى، ويمدح بمال، ويهجو بمال، لكنه كان من أشعر الناس. أصدّق على كلامه، فيكمل: تعامل مع الفنانين كذلك. أحب فنهم، وأبغض مواقفهم الإنسانية أو السياسية. أقبل كلامه على مضض، فيكمل: عندك عمرو مصطفى مثلاً و..... كان هذا آخر ما قاله صديقى فى علاقتنا. يقارن عمرو مصطفى بالمتنبى!!! شوف يا سيدى. هناك عمرو مصطفى الملحن الذى تشبه جمله اللحنية العديد من الأعمال، والتى تم الكشف عنها أكثر من مرة منذ كان طالباً فى حقوق عين شمس، وهناك عمرو مصطفى الذى وجد نفسه وسط الكبار فأغراه الأمر بالغناء لتزيد المشرحة قتيلاً جديداً، وهناك عمرو مصطفى صاحب الأغنيات الناجحة التى سيبقى بعضها علامة شئنا أم أبينا، ثم هناك عمرو مصطفى المزعج متبنى هراءات نظرية المؤامرة الباحث عن لفت الأنظار الذى أصبح ملحناً للمرحلة بأوامر عليا رغم أن وجوده فى الكادر بمواقفه المتطرفة وأسلوبه المتجاوز سُبة لأى نظام فى حد ذاته، ثم هناك عمرو مصطفى الذى حاولت أن أحبه حينما وجدت أبنائى يرددون بعض أغانيه الوطنية التى كتبها له شاعر مجتهد اسمه تامر حسين، ثم يظهر عمرو مصطفى آخر يشكك فى (عمى) أحمد حرارة، ويشبّه والد وائل غنيم بالمسيخ الدجال، وينطلق للهجوم على كل من ينتقده ولو من زملائه من مبدأ نجومية الهيستيريا الذى راج فى الأعوام الأخيرة. وأخيراً عمرو مصطفى الذى يتحدث عن رائحة (رجلين) زميلته المطربة شيرين بعد أن انتقدته وهاجمته. هنا نقف أمام انتقاد فنى من مطربة، يتم الرد عليه بإساءة شخصية من شخص يلحن أوبريتات وطنية. وإلى الآن لا أعرف أى عمرو أتعامل معه. عمرو الملحن أم عمرو الإنسان المتجاوز؟؟ أم عمرو الذى يغنى له أبنائى؟؟.
(9) حاكموهم واحبسوهم أو كفّوا عنهم ألسنتكم
هل يضايقك جمال عيد؟؟ أحدهم يقول مين جمال عيد؟؟ جمال عيد واحد من أهم الحقوقيين فى مصر. أنا أعذرك لأنك لا تعرفه، وأعذرك إن هاجمته لأن سمعة (الحقوقيين) فى مصر تم تشويهها عن عمد، وأعذرك إن كنت تعرفه وتكرهه لأنه أحياناً (أو غالباً) يكون مستفزاً للكثيرين، وأعذرك لو كنت لا تطيقه، وأعذرك لو رأيته معارضاً شرساً، وأعذرك حتى لو قلت إن مكانه هو السجن. لكن كيف نُرضى حضرتك ونُدخله السجن؟؟ يحدث ذلك بالقانون، فلو أخطأ يدخل السجن، ولو لم يخطئ يعيش حياته كمواطن. الأستاذ جمال الذى نال عدداً من الجوائز والتكريمات فى العالم، والذى أنشأ مكتبة الكرامة العامة للأطفال فى أحد الأحياء الشعبية فى مصر صوت مختلف، وجد نفسه ممنوعاً من السفر بحجة وجود قضايا ضده. سبقه لذلك إسراء عبدالفتاح التى أعلم موقف كثيرين منها، لكنها تحاكَم فى قضية لا تتحرك لدرجة أنها ناشدت القضاء والنيابة والرئاسة أن يحاكموها ويحكموا عليها ويعاقبوها لو أخطأت، لكن قاضى التحقيقات لم يرد بأى إجراء يرفع اسمها من قوائم الممنوعين من السفر لتجد نفسها محرومة من منحة دراسية بسبب هذا الأمر. من المسئول؟؟ لا أحد يرد. طب سجن بالقانون أو تسريح بإحسان. لا أحد يرد. طب وبعدين؟؟