علماء نفس يحللون صور "مبارك" الخاصة: مشغول بنفسه يفضل الهروب من المشاكل.. ومصلحته أولاً
مبارك
«أنانى» و«متغطرس»، «يحاول التظاهر بالقوة ويختبئ خلف نظارته هرباً من الكابوس الذى يعيشه بين جدران سجنه»، هكذا حلل بعض علماء النفس صور مبارك المختلفة، التى نُشرت له فى أوضاع متعددة فى السنوات التى أعقبت خلعه من منصبه كرئيس للجمهورية.
تقول الدكتورة هناء أبوشهدة، أستاذ علم النفس بجامعة الأزهر، إن إشارات الجسد تفسر وتشرح طبيعة مبارك فى التعامل مع الأزمة التى مر بها خلال جلسات محاكمته، والتى بدت واضحة من خلال اعتياده على حركات معينة أو طريقة الجلوس أو الاستماع أو حتى التحدث، وإن قل فله دلالة أخرى، وشرحت تمسكه بارتداء النظارة السوداء فى معظم جلسات محاكمته، برفضه للواقع الذى يراه أمامه ويحاول الهرب منه والعيش فى فترة خيالية وجزء من الماضى الذى شعر فيه بالعظمة والسلطة والقوة، لذا كان يحاول أن يقلل الرؤية لما يجرى أمامه من محاكمة لم يكن يتوقعها وتخالف كل الاحتمالات التى لم يضع لها اعتباراً من قبل، وأنه يفضل ظل النظارة الأسود على سواد المأساة خلف النظارة من جلسات محاكمته بتهم عدة على رأسها قتل المتظاهرين.
وحول اعتياده تشبيك الأصابع خلال نومه على السرير داخل قفص المحاكمة، قالت أستاذة علم النفس، إنه دليل على حجم المشاكل المترابطة ببعضها والقضايا التى تشغله والمعقدة إلى حد كبير، متابعة: «تشابك الأصابع يعنى تشابك القضايا التى تحاصره وتثقل همومه وتحرمه النوم، لأن الأصابع فى هذه الحالة تشير إلى المشاكل وإلى أنه محتاس»، مشيرة إلى أن تفضيله للصمت وعدم الحديث باستفاضة أو المبادرة بالكلام مع القاضى أو هيئة الدفاع أو أى شخص موجود فى المحاكمة، هو دليل على الاكتئاب وأن الامتناع عن الكلام هو أولى علامات الاكتئاب وإن حتى تحدث فإنه يتحدث ببطء وكأن أحداً يدفعه إلى الكلام، ما يشير إلى حزن كبير كامن فى نفسه وأن هدوءه هو علامة من علامات الحزن. وحول جلوسه المستمر على المقعد أو نومه على السرير فى حين كان بإمكانه الوقوف مثلما تم تداول صوره واقفاً بعد حصوله على البراءة من إحدى القضايا، تقول «أبوشهدة»، إنه ربما كان صحياً يقدر على الوقوف لكنه يرى فى الوقوف إهانة أكثر من الجلوس، فكان يرى أن الوقوف عدم انصياع لأوامر الآخرين وذل هو لا يريد أن يشعر به بعد قوة وسلطة كبيرتين، مشيرة إلى أن وضع يده على خده بمثابة عملية استرجاع وتفكير فى الماضى، وقد يعزز انغماسه فى أحلام اليقظة ارتداؤه للنظارة السوداء ليسرح فى خياله هروباً من الواقع، متابعة: «هو استسلم لخياله وسرح وربما ذهب فى غفوة نوم حقيقية خلال الجلسات ولا أحد يشعر بذلك بسبب النظارة السوداء خاصة أنه كان يتعاطى بعضاً من المهدئات». وتقول الدكتورة مرفت العمارى، استشارى علم النفس، إن ارتداء الرئيس المخلوع مبارك للنظارة السوداء محاولة منه للهروب من الموقف الصعب والظهور صامداً وعدم الانهيار بعد ما حل به من كوارث، مشيرة إلى أنه حاول أن يبدو قوياً مثل صدام حسين الذى ظهر شامخاً خلال محاكماته وحتى لحظة إعدامه، موضحة أن تشابك الأيادى محاولة منه للسيطرة على نفسه وأن يستمد قوته حتى يدير أزمته بطريقة جيدة، نظراً لكونه رجلاً عسكرياً ذا تاريخ عسكرى ومنصب كبير فى القوات الجوية، ثم تولى قيادة سلاح الجو ورئيس الجمهورية، لافتة إلى أنه بالكاد تعرض لضغوط كبيرة وصعبة وأنه حاول تجاوز محنته مثل بقية المحن التى عاشها خلال فترة الحرب مع أصدقائه.
ورجحت «العمارى» أن نوم مبارك على السرير كان يتم بإيعاز من محامييه الخاصين، كمحاولة منهم لكسب تعاطف أنصاره أو المترددين فى اتهامه وحتى القضاة، متابعة: «النوم على السرير ثم الوقوف بعد جلسة أخذ فيها براءة، يدل على أنه شٌغل محامين وأنه المدخل العاطفى السريع والسهل، زى ما كان بيحاول يجذب تعاطف الشعب فى الخطاب الأخير»، معتبرة أن وقوفه على قدميه بعد البراءة يعبر عن «شطارة» منه ليثبت للناس أنه قوى ولن يهزم بسبب الثورة التى قامت ضده، موضحة أنه دليل على أنه لم يكن يشغله سوى نفسه وليس البلد، وأنه فى ظل ما يجرى للبلد لم يفكر سوى فى صورته أمام الناس وأن يحتفظ بقوته، ولم يفكر فيما فعله فى الشعب وفى البلد، قائلة: «احنا ما زلنا بنذكر محمد على وحتى الفراعنة بسبب أعمالهم، إنما هو طوال حكمه لم يفكر سوى فى نفسه وشخصه وصورته، حتى بعد انهيار البلد واندلاع الثورة به فلا يزال يفكر فى نفسه وصورته».