مصير الأموال المنهوبة فى علم الغيب وحقوقيون: «مافيش تحرك جاد»
فيلا مبارك فى شرم الشيخ
عاشت عائلة المخلوع محمد حسنى مبارك لسنوات طويلة حياة تفيض بالبذخ، دون رقيب أو محاسب، وامتلكوا عدداً كبيراً من القصور الرئاسية، وحسابات بنكية سرية فى عدد كبير من بنوك أوروبا، بالإضافة لعدد كبير من المشروعات والشركات، التى رصدها القائمون على مبادرة استرداد الأموال المنهوبة.
معتز صلاح الدين: «كل جهود استرداد الأموال تطوعية.. والدولة مقصرة»
وبعد قيام ثورة الـ25 من يناير عام 2011، وإعلان تنحى الرئيس محمد حسنى مبارك عن منصبه، سادت حالة من البهجة العارمة لدى الشعب المصرى، بعدما تفاءلوا بعودة الأموال المنهوبة، وانتشرت الحملات الإعلامية على شاشات القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعى، تبشر المصريين بالأمل، وبارتفاع مستوى معيشة المواطن المصرى فور استرداد أموال مبارك، بل وانشغل بعض المصريين بحساب نصيبه من تلك المليارات التى حلم بعودتها للخزينة المصرية، وبعد خمس سنوات من الحلم، لم تخط الدولة المصرية خطوات جادة، كما يقول حقوقيون، لاسترداد الأموال المهربة، بل وفقد المواطن المصرى الأمل فى عودة تلك الأموال.
يقول معتز صلاح الدين، رئيس مبادرة استرداد أموال مصر المنهوبة: «خلال الخمس سنوات الماضية قامت المبادرة بمجهود مكثف لإثبات الأموال المهربة فى عدد كبير من الدول الأوروبية، وذلك من خلال شبكة كبيرة من المتطوعين، وهم مصريون مقيمون فى الخارج، وعلى مدار تلك الأعوام تمكنا من تجميد ما يقرب من مليار و300 مليون دولار، منها 763 مليون دولار فى سويسرا، 84 مليون إسترلينى فى بريطانيا، 58 مليون دولار فى إسبانيا، ولم نتمكن من تجميد أى أموال مهربة فى أمريكا، حيث رفض الجانب الأمريكى التعاون مع أى جهة لاسترداد الأموال».
ويضيف معتز قائلاً: «اعتراف النائب العام السويسرى مايكل لوبير بتجميد 590 مليون فرنك سويسرى، خطوة جاءت متأخرة بعد جهود مضنية لإثبات وجود تلك الأموال المنهوبة، ولكن يبقى أن الجانب السويسرى تعاون وقام بدوره، فى حين يشهد الجانب المصرى تقصيراً واضحاً فى استرداد تلك الأموال، حيث إن الدولة عليها القيام بالخطوة التالية، وهى إعداد حشد قضائى دولى، لتتمكن من استرداد تلك الأموال، وهذا ما قامت به تونس من قبل، ونجحت فى استرداد مبالغ كبيرة نهبها زين العابدين بن على».
«لو فيه 10 راحوا سويسرا واهتموا بالفلوس المتهربة هيرجعوا لمصر بيها»، هذا ما أكده معتز صلاح الدين، مؤكداً أن نسبة الأموال التى تم حصرها وتجميدها لا تمثل أكثر من 10% من الأموال التى نهبها مبارك ورجاله، حيث ترفض معظم الدول الأوروبية حصر المشاريع والشركات التى قاموا بفتحها فى تلك الدول، مضيفاً: «وطبعاً تم تهريب وغسل تلك الأموال من خلال شبكة معقدة، يصعب رصدها وتعقبها، ولكن أثناء الحصر قمنا بالكشف عن مستندات واضحة وقمنا بتقديمها للنائب العام المصرى، وتتميز المبادرات الشعبية بأنها تتمكن من التحرك دون قيود روتينة حكومية، حيث يمكنها القيام بعملها الاستقصائى فى البحث والكشف عن تلك الملابسات».
ويكمل معتز: «للأسف ليست هناك نهايات حالمة بعد الثورات الكبيرة، كما تمنى المواطن المصرى، وعملية استرداد الأموال عملية شاقة ولكنها ممكنة، غير أن الحكومة المصرية لم تهتم ببذل أى مجهود فيها، وحتى نيجيريا لديها تاريخ فى استرداد الأموال المنهوبة حيث تم نهب ما يقرب من 7 مليارات دولار منها، لم تتمكن من استعادة سوى مليار واحد، بينما ستتمكن أسرة مبارك من الوصول لبعض الحسابات البنكية التى لم يتم تجميدها، وستكمل الأسرة حياتها بنفس النمط والمستوى التى اعتادت عليه قبل إجبارها على التنحى».
ويقول أمير سالم، المحامى الحقوقى: «أسرة المخلوع مبارك لن تواجه أى أزمة فى الإنفاق، من يعانى دائماً وأبداً هو المواطن المصرى، وبالرغم من مزاعم الدولة المصرية بأنها قامت بحصر وحظر ممتلكات مبارك وعائلته فى الداخل والخارج، ولكن لا تزال العائلة قادرة على الوصول لممتلكاتها وأموالها، من خلال شبكة معقدة من غسيل الأموال، واستخدام أشخاص سواء كانوا أقارب أو غير ذلك، ليكونوا معبراً تتمكن منه العائلة للوصول إلى أموالها، ولم تقم الدولة المصرية بدورها فى استرداد الأموال المجمدة، وفقاً للاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد».
وعن نمط حياة عائلة مبارك أثناء الحبس، يقول سالم: «كنت أتمنى أن يعامل كل متهم مصرى بنفس الطريقة، ولو كنا نحيا فى دولة تتعامل مع المسجونين مثل السويد، لكانت العناية المبالغة التى تلقتها عائلة مبارك أثناء الحبس أمراً اعتيادياً، ولكن ذلك لم يحدث بالطبع، حيث ظهر المحبوسون مبارك وعلاء وجمال يرتدون الجواكيت الثقيلة فى البرد، وبعض ملابسهم كانت ماركات عالمية، وهذا مرفوض أن ينعم به أى محبوس آخر، بالإضافة إلى نوعيات معينة من الطعام تقدم لهم، ورعاية طبية فخمة». ويضيف سالم: «بالرغم من وجود جهود تطوعية، سواء من صحفيين أو محامين للكشف عن الفساد المالى لعائلة مبارك، ولكن اعتبرها البعض هوجة ومرت، ولم يعد أحد يهتم الآن بتلك القضية، السنوات الخمس بعد التنحى مرت دون إنجازات أو مجهودات حكومية فى تلك القضية، وتم التشويش عليها فى بعض الأحيان، حتى نسى المصريون حقهم الذى سطت عليه تلك العائلة، فى حين أن أسرة مبارك ستعيش حياة مترفة بعد الجرائم التى ارتكبوها فى حق المصريين».
ويختم سالم حديثه بقوله: «فى الحوار الذى أجرته فجر السعيد مع سوزان مبارك، حاولت الأخيرة التمويه، واللعب على مشاعر المصريين، حيث ظهرت فى عباءة المظلومة، مدعية أن كل ملابسها كانت تفصيلاً داخل مصر، وبالرغم من أنها عاشت حياة البذخ فى أكبر فنادق العالم، وتحلت بأفخم أنواع الحُلى، فإنها اهتمت أن تظهر فى الحوار الصحفى بمظهر السيدة البسيطة، وأشارت إلى مساعدة إحدى سيدات العائلة المالكة الإماراتية لها، لتوضح للناس أنها لم يعد معها أى شىء، وربما يصدقها بعض البسطاء».