علمت من مصدر رفيع بمصلحة السجون أن «مبارك» لم يسقط فى «حمام محبسه» أمس الأول، كما أشاعت «الداخلية» ليلتها.. قال لى المصدر: مبارك أُصيب فى رأسه إثر سقوطه من فوق «السرير»!
وقبل أن أُعرب له عن دهشتى.. واصل كلامه: «الرجل الطاعن كان يشاهد التليفزيون، وحين رأى ميليشيات الإخوان وحازم صلاح أبوإسماعيل تهاجم الصحف الحزبية والمستقلة، وتعتدى على الصحفيين، قفز فجأة، ووقف فوق السرير، وانبرى فى الرقص الهستيرى، فسقط على الأرض، ورغم محاولات إسعافه، فإنه ظل يرقص فرحاً»..!
بصرف النظر عن مدى دقة هذه الرواية، فقد أوغرت صدرى وأشعرتنى بالغيظ، إذ إن شماتة «مبارك» فى مصر ومعارضتها وإعلامها صوّرته لى وهو يخرج لنا جميعاً لسانه، وتمنيت أن أراه فى هذا المشهد لأقطع «لسانه» مثلما قطع على مصر أى أمل فى مستقبل أفضل، ففى ظنى أنه كان شديد الذكاء، حين قضى على كل أطياف وأحزاب المعارضة، باستثناء «الإخوان المسلمين»، فبينما كان يدمّر التيارات المدنية من الداخل، كان يتعمد تقوية «الإخوان» والتيارات الأصولية الأخرى بـ«الملاحقات الوهمية» والصفقات السرية، ليصبحوا البديل الوحيد له، حتى يترحّم المواطن البسيط على أيامه..!
ورغم أننى لم ولن أترحّم على أيام الاستبداد والفساد، فإن سؤالاً مؤلماً قفز إلى ذهنى خلال الفترة الأخيرة: ماذا يعنى الهجوم ضدى فى عهدى مبارك ومحمد مرسى؟!.. الإجابة لن تخرج عن احتمالين؛ الأول: أننى على حق وكليهما على باطل.. والثانى: أننى على باطل وكليهما على حق.. وإذا كان الاحتمال الأول شديد الوضوح.. فإن الاحتمال الثانى يعنى فى علم المعادلات والمنطق ثبات «الشر بداخلى» فى العهدين، وثبات العهدين فى طريقة الحكم، أى إننى صحفى «سوداوى» ومبارك ومرسى مستبدان..!
«مبارك» كان يكرهنى، وكذلك رجاله، و«مرسى» يكرهنى، وأيضاًً «إخوانه».. ولكل منهما وسائله وأدواته الخاصة فى التعبير عن «الكراهية» حسب تكوينه ومبادئه وأفكاره.. «مبارك» كان يعطى الضوء الأخضر لـ«أحمد عز» بتأديب «الإعلام المستقل»، فكان «عز» يأمر رجاله وأقلامه فى بعض الصحف الحكومية بالهجوم علينا وتجريحنا و«اغتيالنا معنوياً».. وكنا نتحمل ونقول «هذه ضريبة الحرية والدفاع عن الوطن والمواطن».. و«مرسى» لا يعطى الضوء الأخضر لـ«خيرت الشاطر»؛ لأن «الشاطر» هو الذى يمتلك كل «الأضواء ومفاتيحها»، فيصدر التعليمات لـ«حازم صلاح أبوإسماعيل» وميليشيات الجماعة بالهجوم على وسائل الإعلام بـ«المولوتوف والحجارة والنار»؛ لإسكات الأصوات وذبح «الأقلام».. الفارق بين الاثنين (نظام مبارك ونظام مرسى) أن كل «واحد» ينطلق فى قمعه لنا من «قناعاته وتكوينه وتاريخه»..!
فى عهد «مبارك» كنت مهدداً بـ«السجن»، وفى عهد «مرسى» أصبحت مهدداً بـ«التصفية والاغتيال».. وفى ظنى أن «الإخوان» وحلفاءهم أكثر رحمة، إذ إن «سجن مبارك» عذاب وتعذيب ومعاناة و«قلة أدب».. أما «موت الإخوان» فراحة وسكينة وكرامة؛ لأن «إكرام المصرى دفنه».. وليس «سجنه».
«مرسى» و«شاطره» و«مرشده» و«حازمه» ورجاله و«ميليشياته» حققوا التغيير المأمول بعد الثورة.. إذ كيف تظل مصر كما هى بعد «25 يناير».. ألم تخرج الملايين للمطالبة بالتغيير؟.. ألم تساند الصحافة المستقلة هذا الزحف الجماهيرى الخالد؟.. ألم ننتخب «مرسى» بـ51٫7٪؟.. ألم نقل لبعضنا البعض إن «الإخوان ناس بتوع ربنا»؟.. ألم نكبّر ونهلل خلف «خطب حازم»؟.. ألم «نزغرد وراء حازمات»؟.. أبعد كل ذلك سنقول «إحنا عيال وكنا غلطانين»؟.. والله عيب.. لازم «ناخد الدور لآخره.. تماماً مثل الأنفلونزا أو الطاعون أو الكوليرا.. لا فرق»..!
أنا شخصياً.. ما زلت مؤمناً بأن «الإخوان بتوع ربنا».. لأنهم أقصر طريق إليه..!!