"الأمثال الشعبية" كلمات إذا خرجت عن سياقها لن يفهمها الكثيرون، فالمعنى الحرفي لهذه الكلمات غريب وغير منطقي، لكن أن ترى كلماتك تلك وقد تحولت لصورة تؤدي المعنى دون حاجة لسياق، يفهمها القاصي والداني، مصريا أو حتى أجنبيا لا يعرف العربية.
بين الورق وجهاز الكمبيوتر، بأقلام ولوحة مفاتيح، بعد يوم حافل، عكفت مي النجا، ذات الـ23 عامًا، والطالبة بكلية الطب، على تحويل الأمثال الشعبية إلى لوحات ترسم جزءًا منها على الأوراق ثم تحوله إلى إلكتروني لإدخال تعديلات والتلوين بواسطة برامج الجرافيك، ليعبر في النهاية عن مشهد واقعي يعبر عن مثل شعبي معروف، تقوم بترجمته حرفيا مرة ومجازيا مرة أخرى إلى اللغة الإنجليزية، كي تنشره على مواقع التواصل الاجتماعي، ليجد إبداعها صداه، وتتواصل معها مدرسة في كامبريدج بانجلترا تقوم بتعليم اللغة العربية في أحد فصولها، لتطلب أن تستعين بلوحاتها كوسيلة تعليمية.
"في شهر أكتوبر في حدث عالمي على مواقع التواصل إن كل واحد يرسم ويربط رسوماته بهاشتاج الإيفنت وشاركت السنة اللي فاتت عادي لكن السنة دي قولت لازم رسومتها تكون فيها قصة وفكرة واخترت الفكرة دي لما قعدت اتأمل كلام الناس حواليا ولقيت كلام دارج وأمثال محدش يفهما غيرنا"، ومن هنا بدأت الفتاة العشرينية في عرض فكرتها التي ركزت على تجسيد المصطلحات الدارجة وطلبت من متابعيها على فيسبوك وانستجرام بإرسال الأمثال والجمل التي يحبون أن تجسدها، وذلك بحسب "النجا" في حديثها لـ"الوطن".
تفاعل كبير جذبته رسوماتها، ومتابعة لطريقتها التشويقية في عرض الصورة بدون تعليق حتى يخمن من يراها معناها، لتختبر بذلك قدرتها على إيصال الفكرة بشكل واضح لا يشوبه غموض، ثم بعد ذلك تنشر المثل أو الجملة المقصودة وتترجمها وتشرحها إلى اللغة الإنجليزية لتشارك في الحدث العالمي بلغته وتنقل ثقافة بلدها للخارج، كما سبق أن فعلت من قبل مع الأمثال الشعبية والجمل العامية الدارجة الإنجليزية، وتقوم "مي" بتوثيق لوحاتها المرسومة بعدسة المصور الشاب عمر خالد الذي تستعين به في صورها الشخصية كذلك.
لوحات الأمثال الشعبية الإنجليزية والعربية التي تبدعها مي النجا تستعين بها مدارس في بريطانيا والصين لتعليم اللغات
وتروي عن مدرسة صينية تواصلت معها تطلب هي الأخرى الاستعانة بها في تعليم اللغة الإنجليزية "فرحت جدا بإن تصميماتي وصلت لكل الناس وقدرت أوصل المعنى للي بيعرفوا عربي واللي مايعرفوش والصغير والكبير في كل مكان قدر يفهمها زي أجداد صحابي اللي عملوا شير ليها وكانوا فرحانين بيها".
وتحكي طالبة السنة الخامسة بكلية الطب جامعة عين شمس أن ممارسة الرسم هوايتها منذ الصغر التي لا تتخيل أن تحيا بدونها، يدفعها في ذلك شغفها في تعلم الجديد من خلال الالتحاق بدورات تدريبية في مجال الجرافيك وغير ذلك لتعلم الفن الرقمي، بدعم من أسرتها التي ترى فيها بذور الإبداع.
"مي النجا" ترسم على القماش وساهمت في تجميل سور مستشفى الأطفال في الدمرداش: الطب مش عائق وتنظيم الوقت هو الأساس
"مقتنعة جدا إن الواحد يقدر يعمل أكثر من حاجة في وقت واحد ونفسي كل الناس تفهم دة وتعمل زيي.. يمكن دراسة الطب صعبة وبتاخد وقت لكن بنظم نفسي علشان مابعدش عن الفن"، متابعة أنها بعد انتهاء اليوم الجامعة الساعة 2 ظهرا تبدأ في ممارسة أي عمل فني قد خططت له لتعود لحياة الطب والمذاكرة مرة أخرى في تمام الثامنة مساءً بشكل يومي.
الرسم والتصميمات لم تجعله "مي" في حيز ضيق كموهبة فقط، إنما تسعى لإتقانه كي يصبح لها اسم مميز في عالم الفن، من خلال المشاركة في معارض محلية وخارجية، كما ترسم على الأقمشة "سكارف" على وجه التحديد رسومات يدوية لتبيعها على الانترنت بحيث تحصل كل عميلة من عملائها على قطعة بتصميم فريد، كما نظمت مع مجموعة من الرسامين يوما لتجميل سور مستشفى الأطفال بالدمرداش كنوع من إدخال البهجة على المترددين عليها "طالما أقدر أوفق بين دراستي وأي حاجة يبقى هعملها.. الموهبة بتدعم حياتنا وكل اللي بنعمله وحلمي أوصل للعالمية بفني".
تعليقات الفيسبوك