مشروع "إسراء": عمود رخامى يزين استاد حرس الحدود
«إسراء» بجوار مشروعها
قرار اتخذته كلية الفنون الجميلة جامعة الإسكندرية العام الماضى يشترط تصميم مشاريع التخرج لتكون لها علاقة بأماكن فى المحافظة، بعد أن كان الأمر متروكاً لاختيار الطالب سواء داخل الإسكندرية أو خارجها، فما كان من إسراء يسرى، دفعة 2018، إلا أن تتجول فى مدينتها تبحث عن مكان يليق بمشروعها بعد أن كان توزيعها فى مجموعات مشاريع تخرج قسم التصوير الجدارى مع مشرف أكاديمى حريصاً على أن تكون أعمال هذا العام «جداريات مجسمة»، فاختارت تصميم عمود يحمل كتابات من العصور المختلفة التى أثرت فى عروس البحر المتوسط، وأصرت أن يكون بالحجم الطبيعى ليتناسب مع جنينة الشلالات، لكن قرار الكلية لم يكن إلزامياً بأن تلك التحف الفنية سيجرى وضعها فى الأماكن المختارة، فقد تُترك فى مخرن الكلية إذا لم تعرض الجهات الرسمية أو غير الرسمية اقتناءها على سبيل التبرع أو بسعر التكلفة، لكن تحفة «إسراء» حالفها حظ كبير بأن تم اختيارها كى تكون جزءاً من استاد حرس الحدود فى خطة إعادة هيكلته.
خريجة "فنون جميلة": "معظم مشاريع الطلبة بتروح هدايا لبعض الأماكن بالمحافظة أو تترمى فى المخازن".. والمشروع يتكلف آلاف الجنيهات
4 براميل من الكرتون، طول الواحد منها أقل من المتر، ومزودة بإطار معدنى فى طرفيها، قامت «إسراء» بتجميعها لإعادة تدويرها بعد أن حصلت عليها من شركات الأدوية، التى كانت تستخدمها كحاويات فى الاستيراد، وعبر لحامها معاً من الإطارات كانت ابنة الإسكندرية قد شكلت البنية الأساسية لعمودها، ولأن جنينة الشلالات تقع بجوار أسوار الإسكندرية القديمة، فقررت أن يأخذ الشكل الأولى للعمود طابعاً تراثياً قديماً، فقامت بنشر الجزء العلوى للعمود حتى أصبح طوله 3 أمتار، ثم قامت بتغطية العمود بـ30 كيلو من الرخام والسيراميك بدرجات لونى «البيج والبنى» ليتناسب مع الألوان المحيطة به، ليطل العمود فى النهاية بمنظر تراثى منحوت عليه بالرخام بحروف من اللغات المختلفة المتعاقبة على المدينة ومُطعَّم بقطع من الزجاج المُصنَّع بألوانه الزاهية «الأحمر والأزرق واللبنى» لكسر حدة الألوان الترابية السائدة.
ورغم اعتراض رئيسة القسم على المشروع فى بداية الأمر لكبر حجمه على المقاسات المحددة وخشية أن يتأخر تسليم المشروع فى المواعيد المحددة، إلا أن إسراء تمكنت من الانتهاء منه قبل التسليم بأسبوع، حيث وصل ارتفاعه إلى 3 أمتار، وقالت لـ«الوطن» إن «المشروع كان أكبر من المعتاد لأننا دايماً بنعمل أحجام مصغرة بطريقة مقياس الرسم بس، أنا كنت شايفة إنه لو صغر عن حجمه الطبيعى مش هيبان لأن العمود لازم يفضل ضخم، والحمد لله قدرت أخلصه قبل الوقت وكله انبهر لأنه احتاج مجهود كبير».
وكانت رغبة مصممة العمود الرخامى أن يتم وضعه فى جنينة الشلالات، لكن جامعة الإسكندرية لم يكن يربطها اتفاق مع المحافظة، غير أنها تقدم خدمات لاستاد حرس الحدود فى إطار خطة إعادة هيكلته، لذلك كان القرار أن يكون مشروع تخرج «إسراء» جزءاً جمالياً من الاستاد، وتوضح قائلة «معظم المشاريع السنين اللى قبلى كانت بتروح لأماكن على سبيل الهدية أو بيتم شرائها من زمايلنا بسعر التكلفة أو يترمى فى المخازن والجنينة لو صاحبه ماعندوش مكان وسابه.. كان نفسى مشروعى يتباع أو يتحط فى المكان اللى اخترته… فكرت فيها وحسبتها ولقيت إن ماعنديش مكان يتحط فيه غير الفيلا وكده هيبقى معرض لعوامل تعرية كتير ومحدش بيروح هناك يشوفه وكمان محدش هيشتريه وإجراءات وضعه فى جنينة الشلالات كتيرة وممكن ماتكملش علشان مفيش اتفاق بين المحافظة والكلية».
وبعد أن تأكدت أن اسمها سيخلد فى مكان لائق، أشرفت إسراء يسرى على إقامة وتثبيت عمودها فى الصالة الرئيسية لدخول استاد حرس الحدود، وكذلك متابعة أعمال النقل والوضع والترميم فيما بعد وقت الحاجة، وبهمة ونشاط قضت «إسراء» أسابيع عديدة بعد التخرج فى تجميل الصالة التى ستنتقل إليها تحفتها من خلال انضمامها لفريق التجميل، فقاموا بتجميع 30 لوحة جدارية من مشاريع تخرج الأعوام الماضية كان قد تم إهمالها حتى ازدحمت بها مخازن الكلية، فقررت العميدة الاستفادة منها فى الاستاد بعد أن يقوم الفريق بإعادة ترميمها.
واختتمت «إسراء» حديثها قائلة: «ليه مايبقاش فيه قرار كل سنة إن مشروع التخرج يكون فى منطقة قديمة من المحافظة ونقوم بتجميلها وترميمها وتبقى الإسكندرية كلها أعمال فنية معمولة بشغف، ولو فيه مبنى جديد نعمله ديكور بأعمالنا.. بنكلف المشروع آلاف الجنيهات ومجهود وتعب وفى الآخر لو محدش قال هشتريه بتكلفته علشان ده عمل طلابى مش فنى بيكون مصيره المطر والتراب فى جنينة الكلية أو المخرن لو ماعرفناش ناخدها بيوتنا علشان ضيق المكان.. كفاية إننا مش بنلاقى شغل فى تخصصاتنا كمان مشاريعنا تترمى».
«إسراء» بجوار مشروعها