سألنى صديقى اللدود منفعلاً وقال: شفت.. شفت يا عم.. أهو السيسى بيبيع أرض مصر!
قلت: ياه.. كيف ذلك؟
قال: أرجوك لا تستعبط.. أنت تعرف ما جرى أمس فى تيران وصنافير وتعرف أنهما مصريتان!
قلت: لا.. بل أعرف أنهما سعوديتان.
قال: إنهما ملك مصر قبل قيام المملكة نفسها!
قلت: نعم.. قبل قيام المملكة ممكن.. لكن قبل وجود أرض المملكة فلا طبعاً، والفرق كبير.. كما أن القوانين الدولية لاحقة لقيام المملكة، وجاءت منذ تأسيس الأمم المتحدة لتنظم علاقات الجوار البحرية لكل دول العالم، وبالتالى يمكن ضبط السابق على اللاحق.. وليس العكس، لأن اللاحق جاء لينظم السابق كله!
قال: لا تُدخلنى فى متاهات تاريخية.. جمال عبدالناصر نفسه قال إنها مصرية، ألا يعجبك عبدالناصر وأنت تؤمن به جداً؟!
قلت: عبدالناصر العظيم قال ذلك فى مواجهة إسرائيل وليس فى مواجهة السعودية وقالها والسيادة على الجزيرتين كانت مصريه فعلاً.. ولا يوجد واحد فى العالم ينكر سيادة مصر على الجزيرتين من عام 1950 ولكن تذكر أنها سيادة وليست ملكية كما تذكر أنها منذ عام 1950!
قال: حتى عبدالناصر لا يعجبك.. يا أخى حتى الفن يشهد بأنها مصرية، وهناك أغنية شهيرة لمحرم فؤاد عن تيران!
قلت: جمال عبدالناصر العظيم أغلق مضيق تيران.. هل تعتقد أنه يغلق مضيق تيران فيغنى محرم فؤاد لمضيق باب المندب مثلاً؟ كان طبيعياً والمواجهة هناك أن يغنى حماسياً للمنطقة محل المواجهة ولا يعنى ذلك ملكية مصر لها ولم تقل الأغنية ذلك أيضاً!
قال: يا راجل اتق الله.. انظر إلى الخريطة ستجد تيران على بعد 6 أميال فقط من سواحل سيناء!
قلت: بل هى 4 أميال فقط، وليست 6، لكنها تقترب من صنافير بمسافة 3.6 ميل وصنافير هى الأقرب للسواحل السعودية وبالتالى فهى سعودية وبالتالى أيضاً فتيران أقرب للأراضى السعودية التى هى صنافير منها للأراضى المصرية وعندك تجربة بسيطة يمكنك أن تفعلها حالاً لما يسمى قانونياً خط المنتصف، وهى مدّ خط فى منتصف المسافة بين مصر والسعودية على خليج العقبة ومدّ الخط خارج مضيق تيران، شرط أن يكون فى المنتصف تماماً.. وبعدها انظر بنفسك أين تقع تيران وعلى أى جانب!
قال: لماذا تريد تزوير التاريخ.. لماذا تجامل السعودية؟
قلت: إذن موقفك من السعودية نفسها وليس من الاتفاق.. وهذا موقف غير عقلانى وغير موضوعى.. لك موقف من السعودية هذا حقك لأننا لنا أيضاً ملاحظات عديدة عن السعودية.. لكنك تناقشنى فى اتفاق عودة الجزيرتين للسعودية وليس عن السياسة السعودية.. أليس كذلك؟!
قال: لماذا لم نلجأ للتحكيم؟
قلت: التحكيم بين دول بينها منازعات وخلافات وتفتقد للحوار المشترك.. وهذا غير موجود بيننا فى حالتنا!
قال: الاتفاق غير دستورى لأنه تم قبل عرضه على مجلس النواب!
قلت: المادة التى تقصدها هى المادة 156 وهى تقول إن الرئيس يصدّق على المعاهدات بعد موافقة البرلمان.. يصدق.. وليس يوقع والفرق كبير.. أى إن من حقه التوقيع ومن حق المجلس أن يرفض ولكن إن وافق المجلس يصدّق بعده الرئيس ويُعتبر التصديق إعلاناً ببدء تنفيذ الاتفاق!
قال: الاتفاق مخالف للدستور أصلاً لأنه لا يجوز التنازل عن أراض مصرية!
قلت: بعد كل ذلك ترى أنها أرض مصرية؟ هل تعتقد أن الرجل الذى تصدى وهو وزير دفاع لرئيس البلاد من أجل مخاوف.. مجرد مخاوف من مساس بأمن وسيادة مصر فى مشروع تنمية قناة السويس الإخوانى وقتها وكان معرضاً لعقاب رئيس الجمهورية بإقالته على الأقل لكنه لم يخف، هل تعتقد أنه يتنازل عن شبر واحد من أرض وطنه؟ إن حوارنا حوار طرشان على الأقل من طرفك، فيبدو أننى أتكلم مع نفسى.. والدليل سؤالك الأخير.. أنا أتكلم عن أراض سعودية عادت لأصحابها وأنت بعد كل ذلك، ورغم كل ذلك، تتحدث عن أراض مصرية.. إنه الغرض.. والغرض مرض كما يقولون، شفاك الله وعافاك!