الجامع الأزرق: مسجد بـ4 أسماء ونخلة «مباركة» وأجواء روحانية
الجامع الأزرق بالقاهرة الفاطمية
رغم القيمة التاريخية الكبيرة لمسجد «آق سنقر»، فإن الإهمال أبعده عن دائرة الضوء والشهرة التى حظيت بها مساجد القاهرة الفاطمية، إضافة إلى أنه موعود بالسرقة التى لم تقتصر على الأحجار الكريمة والمقتنيات، بل امتدت السرقة لاسمه، الذى تغير أكثر من مرة، من «آق سنقر» أو «النور» إلى «الأزرق»، و«إبراهيم أغا مستحفظان»، على مدى عمره البالع 670 عاماً، وكذلك فيوضات وروحانيات، يستشعرها المصلى والزائر.
ومهما كانت حدة الضوضاء وصخب المارة والسيارات، فى محيط المسجد بشارع «التبانة» بمنطقة الدرب الأحمر، لا يشعر الموجود داخله بأى من ذلك الضجيج، إذ يغلف المسجد حالة هدوء، لا تخطئ طريقها إلى الروح، فتسبغ عليها سكينة لا تنقطع.
أبواب المسجد الذى أغلق عشرات السنوات بعد زلزال 1992 فُتحت مجدداً للمصلين والزائرين من السياح الأجانب، عام 2015، إثر انتهاء عملية ترميمه، لكن الاهتمام الحكومى بيوم الافتتاح لم يعد على المسجد سوى بنشر صور الافتتاح فى الصحف فحسب، دون أن يتبعها اهتمام لاحق به.
يتذكر إمام المسجد، الشيخ الشاب محمد الحديدى، يوم انهيار قبة المسجد قرب صفوف المصلين، أثناء زلزال عام 1992، عندما كان صبياً صغيراً يتردد على المسجد، ويركز فى حديثه لـ«الوطن» على الروحانيات العالية التى يتميز بها المسجد الأزرق، لكنه يبدى استياءه من تشوهات الترميم المتعاقب الذى خصم من الجماليات والقيمة الأثرية، بخلاف السرقات، خاصة فى فترة الاحتلال الإنجليزى لمصر، أبرزها، مرآتان كانتا مثبتتين بجوار القبلة، وما زال مكانهما شاغراً حتى اليوم، ويُقال إنهما مباركتان، كان يتردد عليهما مرضى العيون، وبمجرد أن ينظروا إليهما تبرأ أى علة بالعين، إضافة إلى لوحتين أثريتين كانتا تجسدان رحلة الإسراء والمعراج.
فى الصحن المكشوف، وسط المسجد، يشير «الحديدى» إلى مكان «الفسقية» التى أزيلت النافورة من وسطها، أثناء الترميم، ويقول إنها كانت تخرج منها مياه «مباركة»، على حد وصف المترددين على المسجد ومن عاصروها، لأن المياه تنبع دون مصدر معلوم لها. بجوار «الفسقية» تقف نخلة شامخة، يقدر الشيخ محمد عمرها بـ250 سنة ويصف طرحها بـ«العزيز»، ويقول إنها تثمر رطباً أكثر من أى نخلة، وإلى جوارها شجرتى نبق، إحداها «سورية»، تثمر «نبقاً» به سائل أحمر يعالج أمراض الفم والأسنان.
وعن أجواء شهر رمضان فى المسجد، يقول الإمام إن المسجد يستعيد روحه فى الشهر الكريم، ولا تنقطع الصلاة فيه، وتتوّج الحالة الروحانية التى تغلفه، بصلاة عيد الفطر، فى صحن المسجد، موضحاً أن رعاية المسجد وصيانته من تبرعات المصلين والزائرين، مشيراً إلى ضعف إقبال الزوار من مصر والسائحين الأجانب، بسبب تجاهل المسجد والتعريف به فى البرامج السياحية وعدم اهتمام الجهات المعنية بالثقافة والسياحة الدينية به.
لإنشاء المسجد قصة تعود إلى عام 748هـ عندما شرع الأمير شمس الدين آق سنقر فى تشييده، وعُرف بعدها بـ«مسجد النور»، حتى رممه الأمير التركى إبراهيم أغا مستحفظان، وسماه «الجامع الأزرق»، عام 1061هـ نسبة لمجموعة القاشانى الأزرق التى كسا بها جدار القبلة، وصُنعت فى تركيا خصيصاً.