إلى القارئ وحده، لأنه قطعاً سوف يفهمنى ويشعر بما يسكننى.. فهو وحده يمتلك ذات المشاعر، وتعذبه نفس الأسئلة!
أسأل نفسى دائماً وكلى ألم: لماذا يتحول المرء من إنسان مثلى ومثلك إلى كائن آخر حين يعمل فى السياسة؟!.. قبل السياسة والسلطة يكون صريحاً جريئاً ومباشراً.. تتحدث معه، فيدخل فى الموضوع.. تسأله فيجيب عن السؤال، يتكلم دائماً عن أحلامه وطموحاته فى الشفافية والعدل والإنسانية.. تصدقه.. وتؤمن به.. ثم تكتشف أن مواقفه وأقواله وآراءه كانت مجرد «جسر» للعبور إلى مكاسب السياسة ومصالح السلطة.. فتصاب بالصدمة، وتكاد تكفر بالجميع..!
ومن السؤال يتفجر مليون سؤال: هل يرضع المرء شيئاً ما حين يدخل عالم السياسة؟!.. هل يأخذونه من يديه ويدخلونه «ماكينة صنع السياسى».. ليخرج منها كائناً آخر؟!.. كائناً يكذب كما يتنفس.. يعقد الصفقات فى الغرف المظلمة.. يتآمر ويدبر ويكيد ليحصل على المكافأة من السلطة الحاكمة.. منصب.. دور.. مكانة.. أو حتى مكان على حجر الحاكم؟!
فاصل ضرورى.. لزوم الصدمة..!
حاولت أن أفهم التحركات المحمومة لـ«محمد البلتاجى وعصام سلطان» لإخفاء وثيقة أو كشكول «فتح مصر» سمِّها ما شئت.. جلست فى غرفة مظلمة لأضع نفسى مكانهما، فلم أصل لشىء.. حاولت أن أرتدى وجهاً خشبياً وأذهب إلى النائب العام للتصرف فى موضوع «الوثيقة» الثابتة فى مضبوطات خلية «مدينة نصر» وتناولتها التحقيقات، فلم أفلح، وسقط القناع عن وجهى.. قررت أن أدخل على «تويتر» وأكتب ما كتبه البلتاجى من أن «الوطن» أعدت هذه الوثيقة مع «أمن الدولة» فأُصبت بالخجل من نفسى، وارتعشت يداى، وخشيت الله عز وجل أن أقذف الناس بما ليس فيهم، فيقذف بى الله فى جهنم..!
عاودت ارتداء القناع الخشبى.. وتخيلت نفسى فى مداخلة هاتفية مع «معتز الدمرداش».. مثلما حدث أمس الأول من عصام سلطان، قلت لنفسى: سأمسك بهاتفى وأتجرأ على الحقيقة، وأزعم أن الوثيقة بلا وجود.. وصور الشخصيات المستهدفة بالاغتيال بلا وجود، فلم يطاوعنى هاتفى.. لذا تصبّبت عرقاً وخجلاً بالنيابة عن «سلطان» صديق الماضى، وهو ينفى وينفى.. بينما يدخل المحامى البارز منتصر الزيات على نفس الخط، وفى وجود «سلطان»، ليؤكد ضبط «كشكول» وصور المستهدفين فى منزل الخلية، رغم أنه محامى المتهمين، ولكنه انتصر لحق الشهادة التى سيحاسبه الله عز وجل عليها.. والمفارقة أن الاثنين محاميان: منتصر وسلطان.. ولكن الفارق أن «سلطان» عضو فى «جبهة الضمير»!!!!!!!!
..ولأنه محام.. فقد لاذ «سلطان» بالفرار إلى «الجدل» حول تسمية «الوثيقة» أم «الكشكول».. وتسمية «قائمة الاغتيالات» أم «صور الشخصيات التى سيتم اغتيالها».. غير أننى ألتمس العذر لـ«البلتاجى» لأنه يدافع، ويستميت فى الدفاع عن «جماعته» حتى لو بهتاناً، ولكن أسأل عصام سلطان، عضو جبهة الضمير المنبثقة من لجنة الحوار الوطنى مع الرئاسة: هل ضميرك مستريح؟!.. سيجيب حتماً بـ«نعم»!.. إذن.. فما مشكلتك وما مصلحتك.. وماذا سيضرك يا «ضمير» حين تراق دماؤنا فى الشوارع؟!