سيناريوهات نتائج الانتخابات البرلمانية في المغرب
صورة أرشيفية
أربعة أيام فقط، تفصل المغرب عن ثاني استحقاق برلماني بعد دستور 2011، حيث تكثر القراءات والاستنتاجات بخصوص نتائج هذا الاقتراع، الذي يأتي في ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة، حيث تمر المملكة بأزمة اقتصادية خانقة، تعكسها الزيادة في المديونية، وانهيار القدرة الشرائية، وضعف الاستثمارات؛ بالإضافة إلى تزايد الاحتقان الاجتماعي بعد أن برمت الحكومة، المنتهية ولايتها، ظهرها للحوار الاجتماعي، ومراجعتها المجحفة لنظامي التقاعد والمقاصة، واعتمادها زيادات كبيرة في مجمل الاقتطاعات الضريبية.
وعلى الرغم من التخوف من فكرة العزوف عن المشاركة بسبب فقدان الثقة في الاحزاب السياسية، خاصة بعد تجربة العدالة والتنمية التي لم تكن مرضية للشعب المغربي (وخاصة الطبقة الوسطى) الذي منح ثقته لهذا الحزب في 2011، وايضا بسبب التطاحن الذي تعيشه الاحزاب فيما بينها والصراع على المقاعد بعيدا عن هموم الشارع وانشغالاته، فإن مختلف القراءات تذهب إلى أن الدولة المغربية تراهن على هذا الاستحقاق الانتخابي لضمان، أولا، النزاهة والشفافية للمسار الانتخابي المقبل، وذلك لحماية الاختيار الديمقراطي باعتباره أحد ثوابت الأمة، وفقا للفصل (1) من الدستور المغربي.
والرهان الثاني يتمثل في تحقيق نسبة مشاركة مهمة للكتلة الناخبة، وهو ما دفع بوزارة الداخلية المغربية للقيام بمجموعة من الإجراءات والتسهيلات، لمنح المواطنين فرصة التسجيل في اللوائح الانتخابية، نظرا لأهمية الشاركة في مثل هذه الاستحقاقات.
أما الرهان الثالث فيتمثل في الحفاظ على صورة المغرب وعدم خسارة رصيد الثقة الذي كسبه داخليا وخارجيا خلال مرحلة 2011. مما يجعل من محطة 7 اكتوبر فرصة لتأكيد ما بدأه المغرب في 2011، ومناسبة لإبراز إرادته الحقيقية في المضي قدما في مسار الانتقال الديموقراطي.
وعن سيناريوهات ما بعد 7 اكتوبر، يرى المحلل السياسي، خالد إمزال، أنها لن تخرج نظريا عن ثلاثة سيناريوهات: الأول: فوز حزب العدالة والتنمية بالمرتبة الأولى ولكن بفارق صغير عن الأحزاب المنافسة، وترؤسه للحكومة، وتشكيله للتحالف القائم الآن نفسه، مع فارق بسيط سيعود بالحكومة إلى نسختها الأولى؛ إذ سيعود حزب الاستقلال المنسحب، وسيخرج حزب التجمع الوطني للأحرار.
والثاني، حصول حزب الأصالة والمعاصرة على الصف الأول، وفوزه بالتالي برئاسة الحكومة، وتحالفه مع كل من حزب الاتحاد الاشتراكي والتجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية، مع احتمال إشراك أحزاب صغيرة أخرى في التحالف كحزب الاتحاد الدستوري؛ والثالث، تمكن حزب الاستقلال من تشكيل الحكومة بعد حصوله على أكثرية الأصوات، وستتألف مبدئيا من أحزاب الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية والحركة الشعبية، مع إمكانية توسيعها لتضم حزبي الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار، في حال ما إذا كان المطلوب تشكيل ما يسمى بحكومة وحدة وطنية.
ولم يستبعد امزال، امكانية وجود سيناريو رابع، يتمثل في حصول حزب العدالة والتنمية على المرتبة الأولى في الانتخابات، لكن بفارق ضئيل عن حزبي الأصالة والمعاصرة والاستقلال، وبعد تكليف الملك لأمينه العام بتشكيل الحكومة، يفشل هذا الأخير في هذه المهمة، بسبب عدم توفره على الأغلبية اللازمة بفعل إحجام مجمل الأحزاب عن المشاركة في تحالف حكومي بقيادة حزبه.
هنا يرى ذات المتحدث، انه سيتم الانتقال إما إلى ما يشبه السيناريو الثاني أو الثالث، ويتم تكيلف الحائز على المرتبة الثانية، أي حزب الأصالة والمعاصرة أو حزب الاستقلال، بتشكيل الحكومة بالمواصفات المذكورة سلفا.
في سياق متصل، يرى المحلل السياسي مصطفى السحيمي، أن أكثر السيناريوهات حضورا، هو تصدر العدالة والتنمية لنتائج الانتخابات، كما حدث في انتخابات 2011، لكنه سيواجه صعوبات كبيرة في جمع 198 مقعدا من أجل تشكيل الأغلبية في البرلمان، ويكون بالتالي قادرا على تشكيل الائتلاف الحكومي، "لأنه من المستحيل أن تمتد الأغلبية الحكومية الحالية، نظرا للانشقاقات العديدة التي عرفتها"، على حد تعبير السحيمي.
واضاف ذات المتحدث، انه بصرف النظر عن التحالف الثابت بين العدالة والتنمية وحزب التقدم والاشتراكية، فإن عبد الإله بنكيران لم يحصل على دعم صريح من طرف حلفائه الآخرين. ذلك أن التجمع الوطني للأحرار، في شخص زعيمه صلاح الدين مزوار، عبر عن مواقف انتقادية له، واتهمه في اكثر من مناسبة بـ"الهيمنة". كما ان علاقة الحزبين لم تكن جيدة على الإطلاق، حيث صار مزوار خصما لبنكيران أكثر من كونه حليفا، حسب تعبير نفس المصدر.
واعتبر السحيمي ان بنكيران واجه صعوبات أقل مع حليفه الآخر المتمثل في حزب "الحركة الشعبية"، الذي عبر أعضاؤه عن عدم امتناعهم في المشاركة في التحالف الحكومي المقبل إذا فاز "العدالة والتنمية" في الانتخابات.
من جهته، يرى الأمين العام لحزب الاستقلال، حميد شباط، أن حزبه سيتصدر انتخابات الـ 7 من أكتوبر القادم، مذكرا باحتلال حزبه صدارة انتخابات مجلس المستشارين وحصوله على المرتبة الثانية في انتخابات 4 شتنبر الماضي، إضافة إلى تحقيقه لنتائج جيدة في الانتخابات المهنية، مؤكدا أن هذه المؤشرات تؤكد أن "الاستقلال" سيتصدر الانتخابات البرلمانية المقبلة.
واردف شباط أن جميع السيناريوهات مفتوحة خلال تشكيل الحكومة المقبلة، مؤكدا أن سيناريو "حكومة وحدة وطنية" يبقى واردا، مستحضرا ما وقع في الجارة الشمالية للمغرب، عندما عجز الحزب الشعبي، الفائز في الانتخابات الاسبانية الأخيرة، عن تكوين أغلبية برلمانية وتشكيل الحكومة.