لا أقول إننى مع هذا أو ذاك، بقدر ما أقول وأصرخ ليل نهار إن هناك أزمة محتدمة تتزايد وتتصاعد وتزداد تعقيداً يوماً بعد يوم وهى بلا شك بحاجة إلى حل.
وتعريف «الحل» هو ما يؤدى إلى رضاء أطراف متخاصمة أو مختلفة فيما بينها حول قضية ما وتوصلهم إلى نقطة متوسطة تشعر كلاً منهم أنه قد أخذ حقه أو معظم حقه.
أما منطق كل شىء أو لا شىء، أو كما يقولون باللهجة العامية «فيها لأخفيها» ومعنى المثل الشعبى إن لم أحصل على ما أريد تماماً، قمت بتحطيم المعبد على رأس الجميع.
والأزمة التى نحياها اليوم هى عدم رغبة أى طرف فى التراجع عن جزء مما لديه من أجل الهدف الأكبر أو الأعظم فى الحياة وهو الوطن والشعب والمصلحة العليا.
كل طرف يريد هزيمة الآخر هزيمة كاسحة مدمرة يحصل فيها على كل شىء ولا يحصل الآخر على أى شىء.
كل طرف يعتقد أنه وحده دون سواه صاحب الحق المطلق والحقيقة المطلقة، وأن الشرع والشرعية والدستور والشارع والمنطق والتاريخ معه!
منطق المراجعة النقدية مفقود من عقول النخبة السياسية فى مصر!
لا أحد يضع احتمالاً ولو «واحد فى المليار» أنه من الممكن أن يكون من أخطأ أو أخفق أو لم يحسن التقدير فى اتخاذ قرار سواء كان هذا القرار صادراً عن الحكم أو المعارضة، أو سواء كان من السلطتين التنفيذية أو التشريعية.
وما يحدث الآن من صراع بين الحكم والمعارضة وما بين السلطتين التشريعية والقضائية، وما بين القضائية والتنفيذية، هو أعقد وأصعب تجسيم لاستفحال الصراع بين الأطراف فى مصر التى وصلت إلى نقطة اللاعودة فى مسألة اللاتفاهم.