كباريهات شارع الهرم لا بد أن تحصل الآن، حالاً، على تراخيص تمتد لثلاث سنوات لا لعامين فقط، كما اعتاد أن يفعل النظام الفاسد بقيادة المخلوع، هكذا قرر الإخوان على ريق النوم، تشجيعاً للسياحة الليلية، أنا مش باهزر، تلك هى الحقيقة التى لا يجرؤون على إنكارها، لا أحد أخبرنا لماذا العجلة فى اتخاذ قرار كهذا، بالمقارنة مع البلاوى المتلتلة التى تخنق الناس؟ بالطبع هم يعلمون أن رواد شارع الهرم يأتون من قطر أو الكويت أو السعودية، وأن السواح الإيرانيين سيزورون بالنهار مساجد آل البيت لكنهم بالليل سيلتقون مع أعدقائهم فى كباريهات شارع الهرم، القرار جاء دليلاً قاطعاً على مدى تدين الجماعة، أقترح أن يبادروا على الفور بإصدار بيان يقولون فى مطلعه: «أحلى م الشرف مافيش».[FirstQuote]
*******
الكدب راخر بقى مغشوش اللى ما فى كدبة واحدة تملا العين أو الودن أو المناخير على مدى الأيام التى مضت من أبريل الذى أوشك على نهايته، أنا شخصياً لم تلفت انتباهى كدبة واحدة عليها القيمة منذ انجعاص مرسى على فوتيه الرئاسة، الإخوان -أى نعم- يعشقون الكذب، يمارسونه بسرعة التنفس، لكنهم من الغباوة بحيث لا يقدرون على إفراز أى نوع من الكذب الجيد، إلى درجة أن مصر أصبحت تبدو لمن يتأملها من الخارج كسفينة تترنح وسط بحر من الكذب الردىء، لا توجد كذبة يتمتع طباخها بالحد الأدنى من الضمير أو سعة الخيال، الكذب الممل من نوعية أن هذا الذى نعيش فيه هو مجتمع ديمقراطى، بينما الانتخابات يجرى تزويرها على عينك يا تاجر، وعلى حين يتعرض البشر إلى التعذيب حتى الموت فى سلخانات الأمن المركزى بالجبل الأحمر ولا يكاد يخلو أسبوع من امرأة يغتصبها كلاب السكك بأوامر من المقطم، أو شاب يلقى بجثمانه المشوه من تأثير الصعق بالكهرباء من البوكس على الرصيف، فإن البعض لا يحلو لهم سوى الكلام بصفاقة منقطعة النظير على الشاشات الحكومية عن حقوق الإنسان، بل إن هناك من يسعون فى الوقت الحاضر إلى حملنا على التصديق بأن إيران هى عدو مصر الحقيقى، وأن الحرص على أمننا القومى يقضى بأن نتحالف ضدها مع إسرائيل على الرغم من أن آخر الحروب التى خضناها مع الفرس كانت قبل الميلاد بآلاف السنين، هل جاء زمان نترحم فيه حتى على أيام الكدب اللى على الحركرك؟ الكدب مالوش رجلين، ربما كان هذا فى الماضى دلوقت لا رجلين ولا إيدين ولا مخ، ولا حتى شوية دم.
*******
شاء القدر أن أقرأ فى فترة مبكرة من حياتى ما كتبه الأديب الأرجنتينى المتوهج خوان لويس بورخيس: على الإنسان بالضرورة أن يختار: إما أن يكون ذئباً يأكل الحملان أو حملاً تأكله الذئاب، ولا سبيل آخر أمامه، ولم أقتنع أبداً بهذين الحلين الأول بدا لى عدواناً يرتكبه الإنسان ضد الآخرين، والثانى عدواناً يرتكبه ضد نفسه، أشقتنى هذه القضية طويلاً، أشقتنى إلى غير ما حد. إلى أن اهتديت منذ الصغر إلى طريقة ثالثة فى الوجود، أو هكذا تصورت، طريقة قد لا ترضى كل الناس، ولا ألزم أنا من جانبى بها أحداً: أسد نباتى.