خلال الفترة القصيرة التى عمل بها مجلس شعب 2012، أنجزنا فى لجنة حقوق الإنسان مسودة كاملة وتوافقية لقانون جديد للجمعيات الأهلية. الهدف كان إطلاق حرية العمل الأهلى وضمان حرية التنظيم بعيداً عن القيود الحكومية والتدخلات الأمنية. الهدف كان تمكين الجمعيات والهيئات (على اختلاف مسمياتها) من الحصول على التمويل اللازم بشفافية ورقابة قانونية ودون تعسف. الهدف كان الترخيص للمؤسسات الأجنبية الراغبة فى العمل فى مصر وإلزامها بشفافية مصادر التمويل وأوجه النشاط وفى ذات الوقت إنهاء التعسف الحكومى والأمنى المستمر الذى أدخل الكثير من المؤسسات هذه بتزييف صريح إلى دائرة الخروج على القانون وتهديد الأمن القومى المصرى.
أنجزنا فى لجنة حقوق الإنسان المسودة الكاملة والتوافقية لقانون الجمعيات الأهلية بمشاركة كافة القوى التى كانت ممثلة بمجلس الشعب، من اليمين الدينى الإخوانى والسلفى إلى الأحزاب الليبرالية واليسارية والمستقلين.
أنجزناها أيضاً فى سياق تشاور مستمر مع ممثلى الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدنى، بل وبانحياز واجب إلى مطالبهم المتعلقة بإطلاق حرية العمل والتنظيم والتمويل، وكنا، وإلى اللحظات الأخيرة فى عمر مجلس الشعب، نعمل على تجويد مواد القانون وفقاً للاقتراحات العادلة للجمعيات والمنظمات. أنجزناها فى إطار شد وجذب مع ممثلى السلطة التنفيذية (وزارة الشئون) وأجهزة الأمن القومى (المخابرات العامة)، وتمكنا فى جلسات التصويت على مواد القانون بلجنة حقوق الإنسان وبمشاركة حزبى «الحرية والعدالة» و«النور» من مواجهة النزوع الحكومى الدائم لفرض القيود ولتوظيف «مطرقة الأمن القومى» لقمع الجمعيات الأهلية وإخضاعها.
ثم قضى على المسودة التوافقية للقانون بحل مجلس الشعب، وغاب النقاش العام بشأنه باستثناء إشارات عابرة ارتبطت بمسألة تقنين أوضاع جماعة الإخوان المسلمين، وكان التوقع السائد هو أن الأمر سيؤجل إلى حين انتخاب مجلس النواب. ثم فوجئت الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدنى بطرح الحكومة وكذلك كتلة حزب الحرية والعدالة بمجلس الشورى، مسودات لقانون الجمعيات وتداولها بهدف تمريره، على الرغم من أن المأمول كان أن يقتصر العمل التشريعى لمجلس مطعون فى شرعيته وبه نسبة من المنتخبين ونسبة من المعينين، على القوانين المنظمة لإجراء الانتخابات البرلمانية.
قضى على المسودة التوافقية التى أطلقت حرية العمل والتنظيم والتمويل الأهلى، وطرحت الحكومة وطرح حزب الحرية والعدالة مسودات تعيد إنتاج القيود الحكومية والتدخلات الأمنية وتضيق إمكانية الحصول على تمويل داخلى أو خارجى، وتدفع بالمؤسسات الأجنبية مجدداً إلى دائرة الخروج على القانون الزائفة والمتناقضة بالكامل مع المعايير الدولية. واللافت فى الأمر هو أن الفريق التشريعى لحزب الحرية والعدالة الذى اشترك معنا فى تطوير مسودة تقدمية وديمقراطية، هو ذاته المسئول اليوم عن إنتاج قانون سلطوى للجمعيات الأهلية، لا يختلف كثيراً عن القانون سيئ السمعة المعمول به حالياً.
وإزاء هذا، يحق للجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدنى الضغط السياسى والإعلامى لإيقاف القانون وتجميد نقاشات مجلس الشورى بشأنه وترك الأمر إلى مجلس النواب المنتخب. وواجبنا هو الدعوة إلى حملة شعبية فورية لإيقاف قانون للجمعيات الأهلية لا يطلق لا حرية العمل ولا التنظيم ولا التمويل، ويتناقض مع كافة المعايير الدولية.