عام 2016 هو عام «حضرة المواطن» فى كل موقع وأى زى، مهما كان عمره أو مهنته أو طبقته الاجتماعية.. يحمل على ظهره -بكبرياء- هموم الحياة لينتقل بها من خانة إلى خانة.. وحين يفقد الحذر فى أى خطوة يقفز من الحياة نفسها!
1- «الشهيد»: اللقب الذى توج جبين مئات المواطنين، فى لحظة لا تفرق بين رتبة الشهيد العميد أركان حرب «عادل رجائى»، قائد الفرقة التاسعة مدرعة بالقوات المسلحة، ولا بين أصغر جندى مجند استهدفته يد الغدر والإرهاب بكل خسة.
الموت واحد، بكل مرارته وقسوته، مهما تغيرت شكل الجنازات.. قد يخرج «الشهيد» فى جنازة رسمية تنقلها شاشات الفضائيات.. ثم يطل علينا من يلعن الشاب الذى راهن على قارب «هجرة غير شرعية»، لأنه تمرد على العشوائيات وشرب مياه الصرف الصحى، وكان لا بد عليه أن يكافح ويتعلم ويجلس فى انتظار وظيفة حكومية لن تأتيه حتى فى الأحلام!
2- «تحليل الـDNA»: كم من أم انتظرت تحليل الـDna لتطلق من صدرها «زغرودة للشهيد»، سواء من ضحايا الطائرة المصرية، التى سقطت فوق البحر المتوسط قبيل الحدود المصرية، فى أثناء عودتها من العاصمة الفرنسية باريس فى 19 مايو الماضى.. أو من ضحايا تفجير الكنيسة «البطرسية».. امتزج الدم المسلم بالمسيحى فالإنسان واحد، والأرض «خريطة دم» مرسومة بجثث المصريين.
3- «وكأنها حياة»: فى هذه الحياة تمضى «منى السيد» فتاة «جر البضائع» فى شوارع محافظة الإسكندرية، صاحبة الصورة الأشهر على مواقع التواصل الاجتماعى.. تمضى دون ضجر أو تذمر أو شكوى.. دون أن تعرف «طعم الحاجات» حتى الحلوى التى تبيعها.. دون أن تحلم إلا بالستر وتجهيز زواج ابن شقيقها، الذى تعتبره ابنها!
4- «مواطن وحكومة وحرامى»: كم مليون مواطن أكلوا من لحم الحمير؟.. كم منهم باع «كلية» أو «فص كبد» بدلاً من أن يتسول طعام أطفاله؟
لماذا يستنكر المجتمع «سلوكيات الفقير» الذى يبيع قطعة من جسده ليسدد ديونه أو يزوج بناته، وكأن هذا المجتمع لم يسمع بأم تبيع أطفالها من شدة العوز والحاجة.
هذا مواطن لا يعرف شيئاً عن «تعويم الدولار»، ولا سمع عن تجديد «الخطاب الدينى»، ولا يحفظ أسماء السادة الوزراء.. إن أقصى معلوماته هى عن ثروة «اللبان» والجناح الفندقى لـ«خالد حنفى».
5- «الدواء المر»: جريمة غش وتهريب الأدوية تتساوى مع جرائم القتل والشروع فيه، ورغم ذلك فالعقوبة على المتسببين فى اختفاء أنواع الأدوية والغش فيها تافهة، فالعقوبة القديمة تتراوح بين 100 و1000 جنيه، وهذا ما يسمح للجميع بالتلاعب والغش بأرواح المصريين! وفى رحلة البحث عن الدواء يموت مئات الأطفال ومرضى السكر والسرطان.. إلخ.
إن شئت أن تحدد جريمة الحكومة فى أزمة الدواء فهى «شروع فى قتل».. لكننا فى بلد لا يحاكم أحداً رغم تصريحات الرئيس المتكررة.. أما إن شئت التعرف على حال المواطن المريض فهو «راض بقضاء الله» وكأن حكومته أمر قدرى!
6- «المواطن مصرى»: تحمل بشجاعة قانون «القيمة المضافة»، ونقص السلع التموينية، وغلاء الأسعار، وسياسة «الجباية» التى تتبعها الحكومة لخفض عجز الموازنة وتمويل المشروعات العملاقة.. تحمل ذنوب دولة «أمناء الشرطة»، وإرهاب «الإخوان»، ومشايخ «الأرز والفتة»، وإعلام «الطبل أو العويل»، وسينما «السبكى».. سخر من محاكمة البرلمان لـ«نجيب محفوظ»، وتظاهر بعضه فى «جمعة الأرض» ثم هلل للعفو الرئاسى عن المعتقلين فى المظاهرة والآن يقف حائراً بين أحكام القضاء حول «تيران وصنافير»!
إنه المواطن الذى لم يفقد خفة ظله، يواجه ارتفاع الدولار بنكتة ساخرة، ويستقبل العام الجديد بالمعوذتين، يتابع «كرة القدم» بجنون، ويتندر على «النخبة» و«الاشتراكيون الثوريون» و«ثوار يناير»، مواطن يناضل على «الكيبورد»، ويتناسل درءاً للإحباط، وينام على «فيلم رعب»، ويبحث عن الحب فى «الإنبوكس»، ويفتش عن نفسه فى فيلم «أبيض وأسود».. ثم يصلى ويدعو على الحكومة بطريقة «عادل إمام»: (اللهم أغنيهم وأفقرنا).
سيادة المواطن: أرفع لك القبعة.