أشير اليوم إلى أن قضية المنهج الأشعرى وإن كانت غير واضحة بفروعها عند عضو مجلس تحرير مجلة الأزهر «د. عبدالمنعم فؤاد»، فإنها -وللأمانة- واضحة عند العضو الآخر الدكتور «عبدالفتاح العوارى» الذى يردد دائماً: «السادة الأشاعرة قدس الله أرواحهم»، ويذكر أن رفض المنهج الأشعرى يؤدى إلى انتشار الأفكار المنحرفة.
أما «د. عبدالمنعم» -المخول إليه من المشيخة تشكيل العقول- فقد كتب يرد على مقالى بكلام يدل على أن التشوش المنهجى الحاصل له يزداد تفاقماً واتساعاً، ذلك أنه فى رده ترك النقاط الرئيسية التى أثرتها وهى: (إنه مرة سلفى مدح حزب النور، ومرة إخوانى وصف الإخوان برافعى لواء الشريعة، ومرة أزهرى، ومرة يهاجم الإخوان، ولا يكاد واحد يعرف هل هو أشعرى أم سلفى؟ ونقلت كلامه فى تمسك مرسى بالكرسى وأيضاً فى مدح عزله)، فإذا به يرد على هذا بأن مؤلفاته بلغت 42 مؤلفاً، وأنه سافر إلى عدد من الدول، وناقش عدداً من رسائل الماجستير والدكتوراه!! فظن فضيلته أن سلامة المنهج تكون بكثرة المؤلفات والسفريات والإشراف على الرسائل؟ وهذا وحده قمة التشوش، ولو أن سلامة المنهج بكثرة المؤلفات والسفريات لكان المتطرفون هم الأسلم منهجاً، فضلاً عن أننى لم أنازعه فى مؤلفاته ولا سفرياته، وإنما النزاع: أى من مؤلفاته انتصر للمنهج الأزهرى بأركانه الثلاثة؟
أكرر أن الشخص له كامل الاحترام والتقدير، لكنى أتناول منهجه المشوش من خلال نموذجين يدلان على عقليته السلفية والحماسية التى يحاول إخفاءها بالدفاع عن شيخ الأزهر وقيادات المشيخة، ضد من ينتقدونهم.
النموذج الأول: أن الكاتبة «نوال السعداوى» قالت كلاماً أقل ما يوصف بأنه بهتان وهذيان ومذهب هدام، ولما تكرر مثله فى عهد العلامة «فريد وجدى» رئيس تحرير مجلة الأزهر رد بمقالات ماتعة فند فيها جذور هذه المذاهب الهدامة، ولكن الدكتور «عبدالمنعم» وهو يقف مكان «فريد وجدى» وفى نفس حالته كتب يرد عليها بقوله: (اطمئنى النار موجودة، لها سبعة أبواب)!! وهذه الطريقة فى الرد لا تختلف عن لغة وعقلية المراهقين من الإخوان والسلفيين على الفيس بوك، لكنها لا تمت بأدنى صلة لسابقه فى المجلة «فريد وجدى».
النموذج الثانى: فى مؤتمر البيئة والسكان والتنمية، الذى عقد سابقاً، حيث ترك موضوع الندوة، لينتقد مصطلح الأقليات، قائلاً: (مصطلح الأقليات مصطلح عنصرى، لم يقل به الرسول الكريم).
وهذه عقلية السلفيين، لأن القول بتخطئة مصطلح أو تصرف لأن الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- لم يقل به هو بعينه منهج السلفيين والتيارات المنحرفة فى الفهم، ومن هذا المنهج اتهموا الناس بالبدع والشركيات، لكن المنهج الأزهرى المنضبط فى هذا هو اتباع قاعدة: (الترك لا يعنى المنع، لكن المنع يعنى الترك)، بمعنى أن عدم استخدام الرسول الكريم لمصطلح ما لا يفيد منع استخدامه، وأن منع استخدامه يكون بقرائن ودلائل وأسباب أخرى ليس من بينها أن الرسول لم يقل به، ولو كان استخدام مصطلح (الأقليات) ممنوعاً وعنصرياً لأن الرسول الكريم لم يستخدمه، فهذا معناه أن مصطلحات مثل: التنمية، والمستقبل، والحرية، والعدالة الاجتماعية ممنوعة، لأن رسول الله لم يقل بها أيضاً، والقاعدة كما مر: (الترك لا يعنى المنع، لكن المنع يعنى الترك).
ثم الكلام فيه مجاملة لشيخ الأزهر فى رفض مصطلح الأقليات، وتأييد الإمام الأكبر لا غبار عليه إن كان نابعاً من اقتناع ودراسة، أما أن يكون مجاملة فقط وفى مجلة عريقة كمجلة الأزهر فهذا لا يصح.
أيضاً فإن المذكور ليس على قدر المسئولية، فقد قال كلاماً فى حق الإمارات -التى ذهب إليها ممثلاً للأزهر-، وهو كلام كفيل بإحداث فتنة بين مصر والإمارات، وهو ما أتناوله فى المقال المقبل -إن شاء الله-.