بعد تفجير "مارجرجس".. طابور المتبرعين يجسد الوحدة الوطنية أمام المساجد
مواطنون على أعتاب مسجد المنشاوى
للمرة الأولى فى حياته، يقف الرجل الخمسيني ضمن طابور على باب مسجد، ثقافة الطابور التي يعرفها منذ صغره تقتصر على شباك المخابز والجمعيات الاستهلاكية، لكنه ومع قدوم المئات من المتبرعين بالدم لضحايا تفجير كنيسة مارجرجس بطنطا، وجد نفسه في طوابير متعددة، تبدأ من مدخل المسجد وصولا إلى الحصول على الاستمارة والوقوف للتبرع بالدم.
انطلق الصوت عبر مذياع مسجد المنشاوي، الملاصق للمستشفى الذي نُقل إليه عدد كبير من المصابين، مطالبا المواطنين بالتبرع بالدم، ليجد محمد سامي نفسه بين العشرات الذين هرعوا إلى المسجد، وللمرة الأولى يقف إلى جوار المسيحي والمسيحية قبل المسلم والمسلمة: "المشهد صعب، ولما الأعداد كترت حصل تنظيم تلقائي، ثقافة الطابور فادتنا" يحكي محمد، وهو يقف في طابور على مدخل المسجد ضمن غيره منتظرا الدخول لملء استمارة يدون بها اسمه ورقمه وعنوانه، ويمر على طابور آخر لقياس نسبة الهيموجلوبين ولقياس الضغط، ثم ينتظر دوره في التبرع: "المشهد خلاني أبكي غصب عني، والله إحنا شعب واحد وقلبنا على بعض، واللي بيعملوا فينا ده مبيزودوش إلا محبتنا لبعض"، لتنظر له سيدة مسيحية أمسكت الصليب بيدها، وعلى وجهها ابتسامة: "كلنا واحد يا حاج ودي أول مرة أخش جامع".
امتلاء المستشفى بالمتبرعين، دفع الأطباء والممرضين لتوجيه الناس إلى المسجد، بينما تطوع آخرون للمساعدة في نقل المستلزمات من المستشفى إلى المسجد، كان أحدهم إبراهيم أحمد، رجل أربعيني ترك عمله وتوجَّه إلى المسجد مع كثير من جيرانه، محاولا مساعدة كل شخص ينوي التبرع سواء بتنظيم طابور أو توزيع استمارات على الراغبين في التبرع: "أنا هنا من الساعة 11 ونص، صحيت من النوم على الخبر، ومتوقعتش لما آجي هلاقي الناس هنا بالشكل ده"، مشيرا إلى أن الحادث الذي أودى بحياة أكثر من 20 شخصا وإصابة أكثر من 70، وعلى الرغم من الخسارة الكبيرة التي سببها والألم العميق الذى أحدثه، إلا أنه كان أوضح مثال على الوحدة الوطنية بين المصريين: "الدم واحد والرب واحد، المسيحين إخواتنا ولو محتاجين أي حاجة نفيدهم بروحنا ودمنا، ومش هنسمح لحد يعمل بيننا فتنة"، مشيرا بيديه إلى الواقفين في المسجد: "أهو مسلم جنب مسيحي وواحدة بحجاب جنب واحدة بشعرها، واحد بيقرا في مصحف وواحد ماسك صليب، كلنا واحد والواحد مبيتجزأش".