مع كل حادث إرهابى يتدفق الحزن والغضب وتنطلق اللعنات والدعوات والرغبة فى الثأر فى نفوس وقلوب المصريين والعرب وكل البشر فى العالم.. وفى كل مرة تخرج علينا ذات الوجوه والأفكار فى وسائل الإعلام المصرية والعربية تفسر أو تقعر وتشجب أو تبرر وتهول وتضخم أو تقلل وتبسط بذات الكلمات والأفكار، وكل يبتعد عن المواجهة الشعبية الحقيقية المطلوبة لوقف هذا الدمار للبشرية، وكأننا وقعنا جميعاً فى فخ التردد والتخبط والعجز عن اتخاذ خطوات جادة فى مواجهة هذا البلاء الذى استشرى فى دولنا العربية والعالم.
والظاهرة الصوتية فى تناول الأحداث الإرهابية متكررة طوال السنوات الأربع والعشرين الماضية ولم يتم إشراك الشعب فى المواجهة.. وكانت أعلى درجات الفعل السياسى سابقاً هى تشكيل لجان حوار وإعلان توبة كاذبة ثم نكوص عن العهود التى قطعها الإرهابيون لرجال الدولة المتحاورين معهم وليعودوا بعدها أكثر شراسة وعداء ليس لمواطنين أو نظام دولتهم فقط وإنما امتد إجرامهم يقتل البشرية كلها.. وفشلت كل تجارب الاحتواء والتوظيف التى مارستها الأنظمة السياسية فى مصر والدول العربية مع التنظيمات الإرهابية التى أخفت أحياناً رداء العنف المسلح واستبدلته بالسيطرة على النقابات والاقتصاد ودخول البرلمان مع تورطهم فى العمالة لقوى أجنبية لتنمو هذه التنظيمات المعروفة وتتضخم قدراتها وتتمدد فى المجتمع المصرى ودول الخليج وغالبية الدول العربية، وأصبحت تخدع الشباب وتصهرهم فكرياً وحركياً فى آتون «الطاعة العمياء» لمخططات وقيادات مريضة حولت الشباب العربى إلى كراهية الوطن والمواطنين وقتل الأهل والأصدقاء بدم بارد تحت شعارات دينية زائفة وأصبحت طاعة الشيخ بديلاً لطاعة الله «أستغفر الله العظيم»، وأصبحت أوامر الأمير والمرشد أن تقتل نفسك والناس لتدخل الجنة.. والأغرب أن الشيوخ والأمراء أنفسهم وأبناءهم لم يحمل أى منهم قنبلة أو حزاماً ناسفاً ويعيشون رغد العيش فى كل العصور!!!
وبعيداً عن الحكى الكثير فى تواريخ وأسماء التنظيمات الإرهابية وبعيداً عن ألعاب الاستخبارات وصراعات المصالح بين دول العالم، فإن الحقيقة الماثلة «أن كل عمليات الإرهاب تقوم بها تنظيمات عصابية مسلحة تقتل الأبرياء بلا هوادة ودون تفريق بين طفل وكهل أو رجل وامرأة أو برىء ومذنب أو مسلم ومسيحى»، ومصلحة كل مواطن مصرى وعربى وإنسان فى هذا العالم أن تتوقف هذه العمليات الإرهابية حفاظاً على حق الحياة الإنسانية الآمنة للفرد والشعب.. إنها المصلحة المباشرة التى يجب أن يهتم بها «المجلس القومى لمكافحة الإرهاب» فى معالجتهم لقضايا الإرهاب، وهى مهمة صعبة ومصيرية بين الشعب وأجهزة الدولة معه ضد الإرهاب وهو ما يتطلب:
إلغاء التراخيص لكل التنظيمات والأحزاب التى تدعم أو تتعاطف مع الإرهاب، واستبعاد مؤيديها من العمل بمراكز صناعة القرار والمصالح العامة والحكومية والمنابر والقضاء ومصادرة كل أموال التمويل ومواجهة إعلامية مهنية لوسائل إعلامه الممتد داخلياً وخارجياً، وخفض الأسعار وعلاج الفقر والعوز والبطالة والظلم الاجتماعى واعتماد المواطنة أساساً للحياة الآمنة وتوقف الحديث عن أى شكل من أشكال المصالحة مع الإرهابيين.
إن تطبيق قانون الطوارئ مؤخراً يجب أن يشرك المواطنين فى أعمال الحرب ضد الإرهاب إلى جانب الجيش والشرطة والقضاء والأجهزة الأمنية، باعتبار أن المهمة الأساسية على كل فرد اليوم هى حماية حياته الشخصية وحياة أسرته وأصدقائه وجيرانه وعمله وممتلكاته العامة والخاصة ومسجده وكنيسته وشارعه ومنطقته ووطنه ومستقبله، ويجب أن يتحرك كل مواطن لتأدية واجبه فى مواجهة الإرهابيين والقضاء على كل من يحمل السلاح.. أما أعضاء هذه التنظيمات من الذين سيهديهم الله بالابتعاد عنها، فيجب أن يستوعبهم المجتمع أفراداً وليس كأعضاء تنظيم سابقين أو تائبين مخادعين أو متعاونين خائنين كما حدث من قبل..
كما يجب أن يهتم مجلس مكافحة الإرهاب بإشراك الشباب من مختلف الفئات فى أنشطة اجتماعية تؤدى إلى استيعاب شباب الوطن المخدوعين بهراء الإرهاب الأسود، حيث أخطأنا طويلاً عندما تركنا شبابنا للتنظيمات الإرهابية بلا توعية وأطر حضارية تعلمهم وتوجه مواهبهم ومهاراتهم لصالح المجتمع.. رحم الله الشهداء وشفى المرضى وحمى الشعب والوطن من المجرمين.. والله غالب.