لن أزايد على الشيخ (سالم عبدالجليل)، ولن أزيد على ما قاله المسلمون والمسيحيون والمشايخ والمذيعون والمواطنون، تعليقاً على كلماته، لكنى أتساءل: ماذا كان يفعل الشيخ سالم؟! أكان يبشر بالإسلام؟! أكان يُنذر أصحاب الديانات الأخرى من مغبة الاستمرار فى دينهم، قبل فوات الأوان؟! أم كان يفسر آيات الله البينات؟!
أياً كان قصده، فإنه لم يتحقق أى شى مما سبق، أولاً: التبشير بالإسلام أو الدعوة إليه، (وهو العالم الجليل، وأعلم منى بذلك) يكون بالحكمة والموعظة الحسنة، فأين الشرطان من خطاب سيادته؟!
ثانياً: يحذر أهل الكتاب من الموت دون الدخول فى الإسلام، يا شيخنا الجليل الأولى بحضرتك أن تدخل المسلمين بالإسلام أولاً، كثير من المسلمين متدينون تديناً قشرياً، يقولون ما لا يفعلون، يحفظون ما لا يفهمون (إن حفظوه أساساً). آيات الله بوادٍ وهم بوادٍ آخر، وكثير من الدعاة الدارسين، حافظون متلقون، لا يستنبطون ولا يُحللون، لهذا تفسر آيات الله بطرق يستغلها المنحرفون للخروج على دين الله، فالمتطرّفون يزعمون أنهم يتبعون آيات الله. وما هم إلا بتابعى تفسيراتهم الخاصة.
ثالثاً: تفسيرك للآيات، الذى من المؤكد أن حضرتك قد أخذته عن علماء ومشايخ سابقين وأساتذة وكتب ومراجع!! أتراه كان دقيقاً؟! مطلقاً!!؟ لا لَبْس فيه؟؟!!. لا أعتقد، والدليل أن الآية الكريمة ذاتها التى استشهدت بها بمعرض حديثك قد فسّرها الشيخ أحمد الطيب تفسيراً مختلفاً تماماً، وهو التفسير الأقرب إلى المنطق والعقل وروح الدين، حيث قال: «إن فى تفسير الآيتين الكريمتين (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ)، وآية: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) أن كلمة الإسلام التى ترد فى القرآن تعنى الدين الإلهى، فسيدنا إبراهيم عليه السلام، بشّر بالإسلام، «رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ»، وسيدنا نوح قال: «وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ»، وسيدنا موسى الشىء نفسه، حتى سيدنا عيسى عليه السلام «فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِى إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ»، كل الأنبياء جاءوا بدين الإسلام، وقالوا نحن مسلمون لله.
إذاً يا سيدى الفاضل، لا يكون الحديث فى الاجتهاد بتفسير كتاب الله بشكل قاطع وصارم، كأنك تملك الحق وحدك، القرآن كتاب الله، وبحور تفسيره واسعة، يجتهد العلماء فى التفسير ونجتهد نحن عموم المسلمين فى الفهم والاستنباط وعقل الكلمات واستفتاء القلوب، حتى إن استقر المعنى بوجدانك حد اليقين، ورأيت أنه من واجبك هداية إخوانك فى الإنسانية بالديانة التى تدين بها، أيكون الطريق لهذا بنعتك عقيدتهم بالفاسدة؟! مراعاة شعور الغير والرحمة واللين من شأنها أن تكون أبلغ فى الإقناع، إن كان لإقناعهم بُد.
ان الأمر ليس مجاملة لأهل الكتاب أو تضليلهم كما رأيت حضرتك، هم يعلمون ونحن نعلم أننا مختلفون فى تفصيلة أصيلة، لكن كلاً منا معتقد ومقتنع بتفصيلته، وهذا شأن كل فرد فى الكون، حرية العقيدة، لهذا سوف نموت فرادى ونُبعث فرادى ونُحاسب فرادى. ليست مجاملة، لكنه اتفاق على أن كلاً منا يعبد الله بطريقته، وكما اختار وقنع، وإلا ما فائدة العقول الفردية؟!؟
يا سيدى الجليل، ويا ابن عبدالجليل، ألم يبلغك عدد الشباب المسلم الذى تحول للإلحاد؟ أو للديانات الأخرى؟! يا سيدى الفاضل نحن المسلمين أولى أن تبشرنا بالإسلام وصحيح الدين وعمقه الحقيقى.
لهم دينهم ولنا دين!! لن يرضى أحدنا عن الآخر حتى نتبع ملة بعض، لكن الأولى رضا الله، إن رآك المسيحى أو أى صاحب دين غير الإسلام، بصفات يحبها لاتبعك دون أن تدعوه إلى الدخول بالإسلام، إما أن يُقدّم الإسلام على أنه دين أهل داعش، وأنهم أهل قبلة وأن انتماءهم إلى الإسلام واجب! وكذا التفسيرات الغريبة التى يأتى بها أناس متطرفون من إباحة العدوان على الآخر واستحلال ماله وحلاله وحياته؟! أتظن أن صورة من يقدمون الإسلام اليوم وخطابهم الدينى من شأنه أن يُحبّب كائناً من كان بالدّين الحنيف، يا شيخنا إن الإسلام أولى بالمساندة وحُسن التقديم، من أن نهاجم أتباع الديانات الأخرى.
ثم من طلب رأى المسلمين فى دين غير المسلمين؟ أتحب أن تسمع رأى المسيحيين بالإسلام؟؟ حقيقة وصدقاً ودون مجاملة؟! لن يعجبك الأمر أبداً، فأصحاب الديانات الأخرى يَرَوْن ديننا ليس موجوداً أساساً، وليس فقط كما ترى أنت دينهم بأنه عقيدة فاسدة.
يا سيدى ما نفع تبادل الآراء فى ديانات غيرنا؟!
يا سيدى لماذا لا تدعو المسلم والمسيحى إلى مكارم أخلاق اجتمعت بالديانتين؟؟ وبأن يتعاونوا على محاربة إرهاب قاتم وظروف اقتصادية صعبة، وأخلاق شباب متدهورة؟! وآفات سلوكية واجتماعية من شأنها أن تدمر ولا تعمر، نعتب عليك كثيراً لأنك من الدعاة المعتدلين!! وما أحوجنا إلى الاعتدال والمعتدلين والجامعين الناس على كلمة سواء.
اللهم اجمع عبادك الصالحين من كل ملة، وكل دين، على محبتك وعلى خير الإنسانية والوجود، يا موجود.