«التخطيط» يستعرض تقرير السعادة العالمى: مصر تقدمت 16 مركزاً خلال عام
أستاذان بمعهد التخطيط القومى خلال حديثهم لـ«الوطن»
استعرض معهد التخطيط القومى، فى ندوته الشهرية الثلاثاء الماضى، تقرير السعادة السنوى الخامس 2017، الصادر عن شبكة الحلول المستدامة التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، فى ظل محاولة الحكومات والمنظمات الدولية والمجتمعات المدنية العمل على زيادة استخدام مؤشرات السعادة لتوضيح خطط عملها وآلية صناعة قراراتها. ويستند التقرير، الذى يصدر فى مارس من كل عام، إلى 6 مؤشرات فرعية؛ هى نصيب الفرد فى الناتج المحلى الإجمالى، متوسط عمر الفرد، مدى تمتعه بصحة جيدة، الحرية الفردية، سخاء الدولة مع مواطنيها والدعم الاجتماعى المقدم للأفراد، مدى انحسار الفساد فى المؤسسات العامة والخاصة. ويعتمد تصنيف الدول على استفتاء موسع يجريه معهد جالوب العالمى المتخصص فى الإحصاء على أفراد فى أكثر من 155 دولة ويتاح لهم من خلاله تقييم حياتهم على مقياس ما بين صفر إلى 10، وتعتبر درجة صفر الأسوأ، فيما تعدّ 10 هى الأفضل، وهذا التقرير ارتكز على مسح شمل 3000 شخص فى 155 دولة.
«التقرير»: الدول الـ7 الأكثر سعادةً فى شمال الكرة الأرضية.. والصومال أكثر سعادة من مصر.. «عاشور»: تقدمنا على المؤشر بفضل المشروعات القومية ذات البعد الاجتماعى
ووفقاً للتقرير فإن الدول الـ7 الأكثر سعادةً توجد فى شمال الكرة الأرضية وهى النرويج، الدنمارك، آيسلندا، سويسرا، فنلندا، هولندا، وكندا، كما حازت أول 4 دول فى التصنيف على مراكز مرتفعة فى جميع العوامل والمعايير الخاصة بالسعادة وهى الرعاية، الحرية، الكرم، الصدق، الصحة، الدخل والحكم الرشيد، وتقترب معدلات هذه الدول من بعضها البعض لدرجة أن تغييرات بسيطة بإمكانها أن تغير تصنيف هذه الدول من عام لعام، فيما جاءت مصر فى المركز 104 على مستوى العالم متقدمة بذلك من المركز 120 العام الماضى، لتحقق بذلك قفزة كبيرة نسبياً. أما عن أتعس الدول عالمياً، فجاءت أفريقيا الوسطى فى المرتبة الأولى عالمياً، والأخيرة من ناحية السعادة، تلتها جمهورية بوروندى، تنزانيا، سوريا ورواندا. وعن الدول العظمى والأوروبية، لم تنجح الولايات المتحدة الأمريكية فى الوصول إلى المراتب العشرة الأولى، محتلة المرتبة 14 عالمياً، تلتها المملكة المتحدة فى المرتبة 16، وألمانيا فى المرتبة 19، ثم فرنسا فى المرتبة 31 وإسبانيا فى المرتبة 34، أما روسيا فقد احتلّت المرتبة 49، واليابان فى المرتبة 51 والصين فى المرتبة 79، فيما احتلت الصومال بشكل مفاجئ المركز 93 عالميا.
وعرف التقرير البؤس على أنه انخفاض الرضا عن الحياة، وينخفض البؤس إذا ما تم القضاء على الفقر، والتعليم المنخفض، والبطالة، والمرض البدنى، والمرض العقلى.
واستخدم أيضاً مسوحات من الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا وإندونيسيا لإلقاء الضوء على العوامل التى تمثل الاختلاف الهائل بين الأفراد فى سعادتهم وبؤسهم (وكلاهما يقاس من حيث الرضا عن الحياة). وقال الدكتور أحمد عاشور، مدرس الاقتصاد بمعهد التخطيط، الذى استعرض التقرير أثناء السيمنار الثامن لمعهد التخطيط أمام مجموعة كبيرة من أساتذة المعهد وضيوفه، إن هذا المؤشر يصدر فى مارس من كل عام، وجاءت مصر فى المركز 104 فى ترتيب الدول الأكثر سعادة على مستوى العالم، مشيراً إلى أن هذا التقرير الدولى معنىّ بترتيب الدول وفقاً لمؤشر السعادة العالمى الذى يتكون من 6 مؤشرات فرعية، أولها متوسط دخل الفرد فى المجتمع وهو مؤشر لقياس متوسط دخل الفرد إلى الناتج المحلى الإجمالى. يتابع «عاشور»: «المؤشر الثانى هو متوسط العمر، ومتوسط عمر السيدات فى مصر يتجاوز 72 سنة ومتوسط عمر الرجال يتجاوز 70 سنة، أما المؤشر الثالث فهو الدعم الاجتماعى، وهو من المؤشرات التى كانت مصر فى السنوات الماضية متراجعة فيها للغاية، وحالياً بعد ظهور عدد كبير من برامج الحماية الاجتماعية مثل برنامجى (تكافل وكرامة) والإسكان الاجتماعى وتوصيل الصرف للقرى الأكثر فقراً، حققت مصر فى هذا المؤشر قفزة كبيرة للغاية، نتيجة الإجراءات التى اتخذتها الحكومة فى ملف الحماية الاجتماعية، ما أدى إلى تقدم مصر على المؤشر العالمى من المركز 120 إلى 104».
«عزيزة»: الرضا أكثر شيوعاً فى المجتمعات العربية من السعادة والدين هو السبب
ويمضى «عاشور» مستكملاً حديثه لـ«الوطن»: «هناك أيضاً المؤشر الفرعى الرابع الخاص بمكافحة الفساد، وهو الآخر من المؤشرات التى قطعت فيها مصر شوطاً كبيراً نتيجة وجود إرادة سياسية حقيقية عازمة على الحد من الفساد، أما المؤشر الخامس فيتعلق بالتماسك المجتمعى، ويشير إلى تعاظم دور المؤسسات فى مصر التى تقوم بأدوار اجتماعية محمودة مثل بنك الطعام ورسالة ومصر الخير والأورمان وغيرها، وهذه المؤسسات كثيرة للغاية، وأنشطتها متفرعة إلى مجالات المياه والصرف والحماية الاجتماعية وغيرها، أما المؤشر السادس والأخير فهو مؤشر حرية الاختيار ومقصود به حرية الفرد فى الاختيار بين بدائل متعددة، ويقيس مدى قدرة الأفراد على الاختيار بين بدائل اجتماعية واقتصادية متعددة، وبين أكثر من سلعة، وأكثر من وظيفة، وأكثر من نظام للتعليم.. إلخ، وهذا المؤشر يختلف من مجتمع لآخر، وجزء من هذه الحرية مأخوذ من مدى القدرة الاقتصادية التى كلما زادت زادت معها قدرة الفرد على الاختيار بين بدائل متعددة ولهذا السبب تحتل دول الخليج الغنية مراكز متقدمة فى مؤشر السعادة».
من جانبها، قالت الدكتورة عزيزة عبدالرازق، أستاذ الاقتصاد بمعهد التخطيط القومى، إن هناك دوماً مؤشرات اقتصادية تشير بجلاء إلى وجود تنمية اقتصادية وبشرية مستدامة وأن الأوضاع فى تحسن، إلا أنهم اكتشفوا أنها غير كافية، فالمؤشرات الاجتماعية مهمة لدعم فكرة أن يكون الإنسان راضياً وسعيداً، إلا أنه لا بد من قياس مدى شعور المواطنين بالرضا والسعادة. تضيف «عزيزة» قائلةً: «معروف أن معدلات النمو الاقتصادى قبل ثورة 25 يناير 2011 كانت قد بلغت 7% تقريباً فى مصر، إلا أن ثمار هذا النمو لم تكن تتساقط على جموع الشعب المصرى، وكثير من شرائح هذا الشعب لم تستشعر ثمار هذا النمو الاقتصادى، وبالتالى فإن مؤشر السعادة يتضمن مؤشرات عن الحب والدعم النفسى والأمان والثقة.
عملية السعادة هذه معنوية، كما تراها «عزيزة»، إلا أنها ترى ضرورة أن يرتكز مفهوم السعادة على دعائم مادية ملموسة، لافتةً إلى أن البُعد الدينى يؤخذ فى الاعتبار باعتباره سبباً فى وجود الرضا والثقة بالله حتى لو لم تكن الأمور مواتية. تضيف «عزيزة»: «منذ تسعينات القرن الماضى جرى الاهتمام بمؤشرات التنمية البشرية باعتبارها تكشف عن مدى سعادة البشر ورفاهيتهم ورضاهم بالاعتماد على مؤشرات الصحة والتعليم والدخل، وهنا أشير إلى أن الدول الإسكندنافية تتصدر هذا المؤشر باعتبارها توفر أعلى مستوى من الرفاهية لمواطنيها، ومفاهيم السعادة والرضا والرفاهية هى مفاهيم نسعى إلى تحقيقها فى اقتصاداتنا النامية».
وتتحفظ «عزيزة» على بعض نتائج التقارير الدولية، ومنها تقرير السعادة، تقول: «كيف يأتى ترتيب مصر فى مؤشر السعادة متراجعاً 11 مركزا عن بلد يعانى ويلات الحروب كالصومال؟».