مقدمة (١)- على القطاعات الشعبية والقوى المختلفة التى شاركت فى الموجة الثورية ٣٠ يونيو إدراك أن إنهاء الرئاسة المنتخبة للدكتور محمد مرسى وتدخل الجيش لتنفيذ العزل الجبرى للرئيس بعد إرادة شعبية طالبت به يمثلان خسارة فادحة لجماعة الإخوان وحلفائها ويعيدان إنتاج مخاوف اليمين الدينى التقليدية من التعرض للقمع وللتعقب وللإقصاء والتى يعمقها اليوم الترويج الإعلامى والمجتمعى لخطاب التشفى ولمقولات الثأر والانتقام من الإخوان.
مقدمة (٢)- على القطاعات الشعبية المؤيدة للإخوان ولليمين الدينى والرافضة للتغيير الذى أعقب ٣٠ يونيو إدراك أن تورط قيادات الإخوان فى محاولة احتكار الدولة والمجتمع والسياسة وإخفاقاتهم المتكررة خلال عام رئاسة الدكتور محمد مرسى كلفهم رفضا واسعا بين المصريات والمصريين. وعليهم أيضا إدراك أن تورط قياداتهم وبعض مناصريهم اليوم فى التحريض على العنف أو ممارسته للتعبير عن رفضهم لعزل الدكتور محمد مرسى يكلفهم ثمنا مجتمعيا باهظا يتمثل فى قطع شعرة القبول والتواصل الأخيرة.
مقدمة (٣)- علينا جميعا إدراك أن تدخل الجيش فى السياسة بتنفيذ العزل الجبرى لرئيس الجمهورية المنتخب يواجه مصر بتحديات كبرى وطويلة المدى لجهة ديمقراطية العلاقات المدنية - العسكرية. تماما كما يواجهنا تعطيل دستور ٢٠١٢ وغياب المؤسسات المنتخبة بتحديات عظيمة تتعلق ببناء نظام سياسى ديمقراطى.
تأسيسا على هذه المقدمات الثلاث، يبدو لى أن مصالحة وطنية فى مصر ليس لها إلا أن ترتكز إلى النقاط الأولية التالية:
1 - إطلاق مبادرة وطنية جامعة بهدف الوقف الفورى لكافة أعمال العنف والاشتباكات وعصمة الدم المصرى.
2 - التمسك بحق كل القوى والجماعات والأحزاب والتيارات فى المشاركة فى إدارة الشأن العام والمنافسة السياسية فى إطار احترام القوانين المصرية والسلمية وقاعدة اعتراف الكل بالكل كبديل عن الإقصاء المتبادل.
3 - الانفتاح على حوار مع جماعة الإخوان وحلفائها فى اليمين الدينى هدفه تثبيت قيم الشراكة الوطنية فى إطار الاعتراف بتغيرات ما بعد ٣٠ يونيو، وصياغة ضمانات حقيقية لعدم تعرضهم للقمع أو للتعقب أو للإقصاء شريطة الوقف الفورى للتحريض على العنف وممارسته وشريطة الكف عن توظيف الدين فى السياسة لبناء الاستبداد والاحتكار أو لإقصاء المنافسين.
4 - الإفراج الفورى عن قيادات الإخوان واليمين الدينى المحتجزين فى السجون أو فى أماكن أخرى حال عدم وجود سند قانونى أو شبهة تورط فى مخالفة القانون. ويسرى هذا على الدكتور محمد مرسى ومساعديه ومستشاريه وقيادات الإخوان و«الحرية والعدالة» وغيرهم، ويتعين ضمان معاملتهم الكريمة فى أماكن احتجازهم إلى حين البت بعدالة ناجزة وبشفافية فى وضعهم.
5 - إنهاء إغلاق الفضائيات الدينية وإعادة بثها، مع إلزامها بالامتناع الكامل عن التحريض على العنف والشحن الطائفى والمذهبى ونشر خطاب الكراهية واضطهاد معارضى اليمين الدينى ومحاسبتها بالقانون إن هى خالفت القواعد هذه.
6 - التوافق حول برنامج متكامل للعدالة الانتقالية يتضمن المساءلة والمحاسبة القانونية الناجزة عن كافة انتهاكات حقوق الإنسان وممارسات العنف (تحريضا وفعلا) التى وقعت خلال الفترة الممتدة من ٢٥ يناير ٢٠١١ وإلى اللحظة الراهنة ودون تمييز بين ماسبيرو والاتحادية والتحرير والنهضة ورابعة العدوية.
7 - بناء التوافق بين القوى والتيارات المجتمعية والسياسية المختلفة حول الجدول الزمنى (تفضيلى هو ألا يتجاوز من ٣ إلى ٦ أشهر) لتغيير القواعد الدستورية وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية لنقل السلطة إلى إدارة مدنية منتخبة دون تدخل الجيش، وفى إطار ضمانات للنزاهة وللشفافية.
8 - بناء توافق وطنى واسع حول حكومة الكفاءات التى ستدير الشأن التنفيذى خلال الأشهر القادمة وتحتاج لكل الجهود المخلصة لإنقاذ الملفات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وللإعداد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
هذه نقاط ارتكاز أولية للمصالحة الوطنية خيطها الناظم سيادة القانون والسلمية وعدم الإقصاء وقاعدة اعتراف الكل بالكل. علها تفيد!