ما الذى يفعله حزب النور السلفى، ومعه «حزب مصر القوية» لصاحبه الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح.. فى المشهد السياسى المصرى الآن؟
الحقيقة أننى لا أحمل ذرة تقدير تجاه الدكتور أبوالفتوح وحزبه.. ولا ينتابنى أدنى شك فى أن الرجل ينتمى قلباً وقالباً إلى جماعة الإخوان المسلمين بكل ما تمثله من غش وتدليس وكذب وغدر، ولهذا لم أنتظر أبداً من «حزب مصر القوية» أن يُسهم بأى دور فى المشهد السياسى الحالى، إلا إذا كان دوراً تخريبياً، الهدف منه إعاقة المرحلة الانتقالية بأى شكل، وتأخير أى إجراء سياسى قد يأخذ البلد إلى الأمام.. حتى يتمكن الإخوان من تنظيم صفوفهم وحشد قوتهم للانقضاض مرة أخرى على السلطة، وهو أمر لن يحدث أبداً مهما كان الثمن!
الدكتور أبوالفتوح لا يمكنه إذن خداع أحد، ولم يعد فى استطاعته أن يُقنع عشرة أشخاص فى أرجاء الجمهورية بأنه انفصل فعلاً عن هذا التنظيم الخطير الذى أشاع الكراهية فى كل خلايا هذا الوطن خلال عام واحد من وجوده فى الحكم، ولكن المشكلة الخطيرة تتمثل الآن فى حزب النور السلفى، الذى يلعب دوراً شديد اللؤم مع كل الأطراف وعلى كل الأطراف، وكأنه تقمص فجأة طريقة الإخوان فى التعامل مع الأحزاب والأصدقاء والأعداء، وهى طريقة تقوم على خداع الجميع دون استثناء، فها هو حزب النور يشارك فى وضع خريطة الطريق ويعترض عليها، ويشارك فى اختيار رئيس الوزراء ويعترض على تولية البرادعى ثم يعترض على تولية زياد بهاء الدين المنصب لأن والدته مسيحية، ثم يعترض على وزراء بعينهم دون أن يقدم بدائل لهم، وها هو قبل ذلك كله يشترك منفرداً مع مجموعة غامضة وغير معلنة من المستشارين فى وضع الإعلان الدستورى، ثم يسارع بالتنصل من،ه معلناً أنه كان يريد تضمين الإعلان مواد أخرى، ولكن الرئاسة لم تستجب له!
وخلال ذلك كله يحرص حزب النور على تمثيل واضح وبارز ومعروف فى اعتصام رابعة العدوية، بل يحرص «النور» على الدعوة العلنية -عبر قواعده فى الريف- للخروج الحاشد فى مظاهرات مؤيدة للإخوان، تطالب بعودة «مرسى» إلى الحكم.
إن ما يقوم به حزب النور فى «رابعة» وما يقوم به فى دواوين الحكومة والهيئات والمؤسسات العامة، هو أمر بالغ الوضوح فى التحريض على «عدم التحرك من أوحال اللحظة الراهنة» وإعاقة التقدم خطوة واحدة إلى الأمام.
لماذا يفعل حزب «النور» ذلك؟.. هل يريد حقاً عودة محمد مرسى إلى الحكم؟.. الإجابة المؤكدة أنه لا يريد عودة محمد مرسى ولا يريد الإخوان أن يصلوا إلى الحكم مرة أخرى.. ولكنه فقط يريد أن يفتح أحضانه لفلول الإخوان العائدة من مستنقع الكذب والغدر والخيانة، لتندمج فى حزب النور ولتضع قدرتها المعروفة والمجرّبة على الحشد فى الانتخابات تحت تصرف حزب النور.. والمعنى الذى أقصده هنا أن حزب النور فقد براءته السياسية وها هو ينتقل إلى طور جديد من أطوار نموه السياسى، مسلحاً بذات الأدوات الإخوانية التى جعلت الشعب المصرى كله يكره الإخوان أكثر من كراهيته لإسرائيل، ولا أستبعد أبداً أن ينتفض الشعب مرة أخرى ليقول لكل المتاجرين بالدين: كفاكم.. وإلا...