بروفايل| المليجى يرحل «مأموناً»
صورة تعبيرية
«انا حلمى شبهى ولونه من لونى.. راضى بحياتى وراضى بجنونى».. كلمات غناها ضمن ما غنى دون أن يسمعه أحد، فقرر أن يضعها شعاراً على صفحته بموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، لتحمل ملخصاً دقيقاً وصادقاً عنه، لا يعلمه إلا من اقترب منه، شاعراً كان أو ملحناً أو مطرباً أو فناناً تشكيلياً أو مهندساً، أو مأموناً فى زمن «المليجى».
كوكتيل مواهب، لم يكن هذا زمنه، لذا فلم يكن هو نجمه، عاش ابن الإسكندرية حياة مفعمة بالتفاصيل، منذ مولده «بين شطين وميّه» فى 5 مايو 1960.. مروراً بنشأته فى رحاب الجمال، بين جبال لبنان مع والديه المصريين، ثم عودة جديدة لما هو أجمل، إنها الإسكندرية التى كان يراها أجمل من بيروت، هنا تلقى تعليمه فى كلية الهندسة، وهنا أكمل رحلته، ليس مهندساً فحسب، بل فناناً أيضاً.
لا يبدو اسم «مأمون المليجى» مألوفاً لكثيرين، فلا هو من مطربى عهد ما قبل الثورة، حيث الغزو اللبنانى للطرب المصرى، ولا هو من ملحنى أغانى الثورة رغم ميل أعماله إليها، بداية من «فى الشوارع»، التى عكست حالة الإحباط بسبب الفقر والبطالة حينها، وصولاً إلى «أصرخ بصوتك، يا شعب عمره ما ثار» التى أثارت ضجيجاً سياسياً وفنياً حوله، ليصبح بأغانيه من أيقونات التغيير التى بدأت تتسرب منذ عام 2005، لتتغير البلد بالفعل.
مأمون هو مجرد نموذج لكثيرين غيره أحبوا الفن واحترفوه لكنه لم يحبهم، لم يمنحهم مثلما منحوه، أخلص المليجى لفنه ومبدئه وأغانيه التى كانت تمثل له حالة مزاجية خاصة.. ولم يخلص الفن له، لم يمنحه الشهرة التى تليق بموهبته، ولم ينتشر غناؤه إلا فى أوساط محدودة تعرف بأنها للنخبة والمثقفين، ممن ارتادوا مسرح ساقية الصاوى كبديل عن مسرح الدولة وخاصة فى مرحلة ما قبل الثورة.
لم يتخيل «المليجى» وهو يتعلم الجيتار فى سن الخامسة عشرة ويغنى لأول مرة من كلمات شقيقه على أنه سينفق عمره كله مغموراً فى رحاب الفن.. ليتسبب فى طرح السؤال الأبدى: ما قيمة فن هادف ذى رسالة وموهبة حقيقية دون قاعدة جماهيرية ودعم؟.. هكذا عاش المليجى فناناً صاحب رسالة ومبدأ دون قاعدة جماهيرية اللهم إلا حفنة المثقفين ممن تداولوا ألبومه الوحيد «غيّر حروف الغنا»، ومن تابعوا حفلات فرقته «عشاق النهار» وتلك الجوائز المحلية والدولية التى حصلت عليها إثر مشاركتها فى مهرجانات لم تكن يوماً مثار اهتمام الإعلام.