تقولين أن في الابتعاد راحة لكلينا.. كم هي أنانية أن تبحثي عن راحتك وحدك، لكنني سأبتعد احتراما لرغبتك، ولكوني لست ديكتاتورا في العشق، فلك مطلق الحرية فيما ترغبين، ولك حق تقريرالمصير، حتى وإن كان قرارك هو الانفصال، فإنك ستبقين العمق الاستراتيجي للعشق، والأمن القومي لكريات دمي الحمراء منها والبيضاء على حد سواء.
لأجلك سأغادر جنتك، ولأجلك أرحل عن موطني الذي فيه ولدت فعليا، فأنا لم أولد قبل أن أراكِ.. أريد أن أخبرك شيئا قبل أن أختفي من أيامك؛ لقد حاولت أن أخفي ما بداخلي كثيرًا، لكنه لما زاد فاض، وظهر في عيني كشريط الأخبار الذي يجري أسفل شاشة التلفاز يخبر الناس أني أحبك، وصاحب أنفاسي فخرج مع صوتي، وانطبع على جلدي يا غالية، حتى أنني عندما أنظر في المرآة أجد اسمك مكتوبا على جبيني، وصورتك تنعكس في عيني.
أخبريني يا دقات قلبي، يا دمائي، يا حبيبتي، كيف سأجد الراحة بعيدا عنك؟ وكيف يهدأ ذلك القلب الذي يشبه الديك المذبوح، يحسبه من رآه من بعيد مستمتعًا يرقص فرحا، ولا يعلم أنه ينازع خروج الروح من جسده، لا يعلم أن اليد الذي ذبحته هي نفسها التي كان يأمل أن تكون المصدر الذي يمده بالقوة، كيف يهدأ ذلك القلب الذي كان ينشد الذوبان في قلبك الموصد الأبواب؟.
قابلت كثيرًا من الناس، ورأيت أسبابًا عديدة لابتعادهم، فمنهم من يبتعد عندما يسئ إليه شخص ما، ومنهم من يبتعد عندما يحصل على مراده من الطرف الآخر، لكني لم أرَ في حياتي شخصا يبتعد عن إنسان يعشقه حد الجنون، ومستعد لتقديم روحه فداءً له.
كم هي غريبة حياتنا، وكم هي قاسية، عندما يأتينا منها ما لا نطلبه، وتحرمنا مما نتمنى، لا تعتبري كلامي هذا لومًا أو عتابًا، فأنتِ بريئة من سهري ومن قلقي وهمومي، أنت لم تتآمري مع النوم حتى يهجر جفوني، ولم تدفعي رِشوة للابتسامة حتى تضل طريقها إلى شفتيَ، وسلام على عينيك اللتين تعلمت منهما صنوف الحب كافة.