باحث سعودي أنصف أبو زيد علميًا بدراسة وحيدة
مادة خصبة لمئات من الدراسات والأبحاث والرسائل العلمية، إنها أفكار الكاتب والمفكر نصر حامد أبوزيد لما تحتويه من مواقف وتحليلات للتراث الإسلامي العظيم، ورغم ما تحتويه مكتبة أبوزيد العقلية من أفكار، ومناهج، ومؤلفات إلا أن مكتبة الدراسات الإسلامية الضخمة، والمنتشرة في ربوع الوطن العربي لم تذكره إلا في رسالة علمية واحدة.
فالمفكر صاحب مقولة " أنا أفكر إذاً أنا مسلم "، كان موضوعاً لرسالة دكتوراه في كلية " أصول الدين" بجامعة "أم القرى"، بالمملكة العربية السعودية بعنوان "نصر حامد أبو زيد ومنهجه في التعامل مع التراث- دراسة تحليلية نقدية".
وتدور فكرة هذه الدراسة على موقف نصر أبو زيد من التراث وكيفية تعامله معه، والمقصود بالتراث هنا بالدرجة الأولى القرآن الكريم والسنة النبوية ثم شروحات العلماء لهما بالدرجة الأولى، حيث يعتمد نصر أبو زيد في رؤيته للتراث وحكمه عليه على خلفياته الفكرية التأسيسية من خلال طرح المعتزلة والمتصوفة مُركزا على النص القرآني في جانبه اللغوي وعلاقته بالإنسان باعتباره المقصود بالخطاب من جهة والمشكل له من جهة أخرى، وذلك بحكم ثقافة الإنسان وبيئته التي ترتبط بالنص في تنزيله.
وتشير الدراسة إلى اعتماد نصر أبو زيد على منهج تأويلي، أي البحث عن المعاني الخفية وراء المعاني الظاهرة في الكلام ، استمده من المعتزلة والمتصوفة لكنه طبقه على القرآن الكريم بشكل واضح من خلال المناهج الغربية التي اهتمت بفلسفة التأويل، حيث يرى أن المنهج الذي يجب أن يسلكه المرء في فهم القرآن ليس منهج الاتباع، ولكنه منهج الشك والمراجعة وإعادة النظر، لا منهج الإيمان الأعمى واليقين الزائف والطاعة والتقليد.
الدراسة التي جاءت من بابين وستة فصول، تركزت في محورين رئيسيين، وهي القراء ة التأويلية لمنهج نصر حامد أبو زيد وآلياته، و موقف نصر أبو زيد من مناهج الاستدلال عند أهل السنة والجماعة والتي ينتهي فيها إلى أن منهج الإسلام يقوم على التعددية لأن الخطاب الإلهي في نظره ينطوي على تعددية تجعله مفتوحا لآفاق التأويل والفهم، ولما يتمتع به النص من خصوبة لغوية، فهو بالتالي نص قابل للقراءة والتأويل.
وقد خلصت رسالة الباحث السعودي إبراهيم بن محمد أبو هادي، إلى عدة نتائج بحثية محللة لأفكار ومناهج الكاتب والمفكر نصر حامد أبو زيد، وهي أن أفكار أبو زيد تجعله من المنتمين للمذهب التفكيكي، الذي ينتهي إلى القول بلا نهائية المعنى، وهو ما أكده بقبوله لجميع الأديان على طريقة المتصوفة أمثال ابن عربي، كما استنتج الباحث في دراسته عدة نقاط منها اعتماد أبو زيد على منهج تحليل الخطاب، ويعده بمثابة علم لا يستغنى عنه مشروعه التأويلي، لكونه يؤدي من وجهة نظره لاكتشاف الدلالات المعلنة والمضمرة والمسكوت عنها في الخطاب، مشيرة إلى اعتماده على نظريات غربية في تحليل النصوص الدينية.
النقد لأفكار ومناهج وعقائد الكاتب نصر حامد أبوزيد جاء في عدة نقاط برسالة الدكتوراه، منها إن أبو زيد لا يستمد مرجعيته من عقائد الأمة التي فهمها السلف من نصوص الكتاب والسنة وتلقتها الأمة بالقبول، ولكنه يستمده من الوعي لتاريخية النصوص الدينية لأنه في نظر أبو زيد وعي يتجاوز أطروحات الفكر الديني قديما وحديثا.
وصف الباحث السعودي عدد من أفكار أبوزيد عن التحرر من النصوص الدينية وسلطتها ، والاعتماد على العقلانية والتفكير في تفسيرها بإنها ادعاءات، وأفكار متناقضة، مشيرا ً إلى أنه يعتمد على الفهم الحرفي للنصوص، وهو ما يتناقد مع تفسير القرآن الجامع الشامل، كما أشار إلى وجود عنصر التضليل في كتاباته، والذي يسمح له بتشكيل فكرته من خلال مجموعة من الأفكار المختلفة والمتناقضة أحيانا "على حد وصف الباحث".
والدراسة في النهاية انتهت وقد لا يكون عن عمد إلى إيمان الكاتب و المفكر نصر حامد أبو زيد بمنهجه في التفكير بأن النص الديني قابل للقراءة على الدوام، وقابل من ثم للشرح والتأويل، وذلك لما تتمتع به البنية اللغوية في النص القرآني من خصوبة وغني تجعله نصاً منتجاً على الدوام، وهو ما ينفي الانتقادات عبارات ودعوات التكفير التي اتُهِم بها الرجل في حياته، رغم تأكيده الدائم أنه مسلم، ويشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
أخبار متعلقة:
"علامة نصر" لتوثيق سيرته .. وزوجته تؤسس "أبو زيد" للدراسات الإسلامية
نصر حامد أبو زيد.. "نصفوك" فقالوا: مفكر "الاستنارة" المصرية
زوجة حامد أبو زيد: لو كان حيا لأبطل صوته في "الإعادة"
13 كتابا لأبو زيد.. كفّرته ونفته وفرّقت بينه وبين زوجته
نصر أبو زيد.. الباحث الذي كفّرته "العمامة" حيا واستكثرت عليه الرحمة ميتا
نصر حامد أبو زيد.. رجل "التفكير في زمن التكفير"