عبد الله بين تهجيرين «النوبة ومثلث ماسبيرو»: «مش كل ما أروح حتة يهجرونى منها»
«لا للهدم.. لا للتهجير.. نعم للتعمير» رفع رأيه فوق لافتة وضعها إلى جواره، على الضفة الأخرى من النيل فى قلب منطقة بولاق أبوالعلا حيث يسكن، عبدالله أحمد عبدالله -أو كما يسميه أهالى المنطقة «ميكى ماوس»؛ نسبة إلى المؤرخ السينمائى الشهير الذى حمل الاسم نفسه- منذ أكثر من 30 سنة مع أسرته، ارتباطه بالمكان يفوق الوصف، ليس لجماله أو لتميزه، بل لأن عبدالله سبق أن مر بتجربة تهجير جعلته يتمسك بالأرض ومن عليها، ويقاوم حتى مجرد الفكرة.
أول ما تعلمه عبدالله فى بيته هو تاريخ النوبة -التى ينتمى إليها- أحيا قبل شهر الذكرى المائة لأول تهجير تعرض له أهالى النوبة، ولا ينسى طبعا حكايات الأهل عن تهجير عام 1964، إذ أعقبه مباشرة رحيل أسرة عبدالله إلى القاهرة، ومن وقتها لم يغادر الرجل المنطقة «مثلث ماسبيرو» وقرر أن يقاوم أى محاولة لانتزاعه من المكان «مش كل حتة نروحها يهجرونا منها».
قررت الحكومة إخلاء مثلث ماسبيرو ونقل سكانه إلى عزبة «أبو قرن» لكن هذه المرة لم يقابل عبدالله القرار بالقبول الذى قابل به قرار التهجير، «هما بيستغلوا أن أهل النوبة طيبين يقوموا يعملو فينا كده» عبدالله استنكر أن ينقلوهم من مكانهم بقلب وسط البلد من جوار النيل إلى الصحراء لذا رفع لافتته وأصر على كل كلمة فيها.
«النوبة دى أصل مصر» كلمات يملأها التباهى يتحدث بها عبدالله عن بلدته، لذا عندما تحدث النائب السابق عصام العريان بلغة غير لائقة عن النوبة ثار لإهانة أهالى بلدته وعشيرته ولم يهدأ إلا بعدما أقام النائب مؤتمرا صحفيا داخل نادى النوبة اعتذر فيه عما بدر منه بحق أهالى النوبة ولم يكن هذا كافيا لعبد الله، فكانت إقامة الرئيس محمد مرسى -حينما كان مرشحا رئاسيا- مؤتمرا صحفيا لحملته تحت بيت عبدالله وتقديمه تحية لأهالى النوبة خير اعتذار.
ظروف الحياة الصعبة من بعد الثورة اضطرت عبدالله أن يترك وظيفته فى شركة البترول بعد أن وصل راتبه فيها إلى 3 آلاف جنيه، ليقف على نصبة شاى قريبة من عبدالمنعم رياض «عايزين يمشونى.. هيبقى وقف الحال من كل ناحية.. هو عشان الواحد ماشى فى السليم يبقى ده عقابه لازم أبقى بلطجى عشان أعجب».
رغم أن المليونيات تدر الدخل الجيد لعبد الله فإنه يرى أنها «خراب بيوت.. يا فرحتى هتأكلنى النهاردة بس هتجوعنى شهر، عاوزين نشتغل شوية».