«بولاق الدكرور»: غلق العيادات قبل مواعيدها.. اللى يتعب بعد الساعة 12 يموت
المعامل أغلقت قبل مواعيدها
«مفيش كشف دلوقتى، العيادات قفلت، لو تعبانة أوى ادخلى الاستقبال يدوكى حقنة ولا مسكن»، قالها شاب فى أوائل الثلاثينات، يرتدى ملابس مدنية ويقف أمام الباب الرئيسى لمستشفى بولاق الدكرور العام، لـ«أم أحمد»، 33 عاماً، عند سؤالها عن عيادة كشف الباطنة، يأتى صوت السيدة: «إزاى عيادة تقفل من الساعة 12 الضهر، مش مفروض ميعادهم الساعة 2»، تتابع: «يعنى اللى يتعب بعد الساعة 12 يموت، مش هيلاقى دكاترة تكشف عليه»، واختتمت حديثها بنبرة يملأها الغضب، قائلة: «حسبى الله ونعم الوكيل، فى اللى واخدين لقب دكاترة على الفاضى، ومش عاملين بيه». بملابس مهلهلة، وملامح يكسوها الحزن، تجلس هند السيد، 40 سنة، على أحد الأرصفة الموجودة بمدخل المستشفى، بجانب ابنتها التى أصيبت بكسر فى أحد قدميها، وأجبرها الدكتور على شراء مستلزمات الجبس من الخارج لعدم توفرها فى المستشفى، بالرغم من استغاثة الأم به، خاصة أنها لا تملك مصاريف تلك المستلزمات، ليجيبها الدكتور: «خلاص خديها وروحى، ولما يبقى معاكى فلوس اشترى الحاجة وأنا أجبسها لك»، لتقول: «أنا عندى 5 عيال، وجوزى اتوفى، وأكبر واحد عندى فى 3 ثانوى دبلوم صنايع، وباشتغل فى البيوت عند ناس، عشان أقدر أصرف عليهم»، تواصل: «استأذنت من الناس اللى باشتغل عندهم النهارده عشان أروح أعمل تحليل سكر، وخدت بنتى معايا عشان تسندنى، راحت وقعت منى رجليها اتكسرت، جريت بيها على المستشفى هنا، وبعد الكشف الدكتور قال لى إنها لازم تتجبس، وحولنى لدكتور الجبس»، وأضافت: «الدكتور قال لى الجبس مش موجود روحى اشتريه من صيدلية برة، قلت له مش معايا 100 جنيه عشان أشتريه، بس صمم إنى اشتريه، وفعلاً اتصرفت واشتريته، عشان خاطر بنتى»، وانتهت من كلامها قائلة: «حرام والله اللى الدكاترة بتعمله فينا ده، ويا ريت وزير الصحة يحس بينا شوية». ومن جانبها أكدت مها محمود، فى أواخر العشرينات، أنها جاءت أكثر من مرة إلى مستشفى بولاق، قبل الساعة الواحدة ظهراً، للكشف على ابنتها البالغة من العمر عامين، ولكنها فى كل مرة تكتشف أن العيادات الخارجية مغلقة، فتقول: «جيت كذا مرة المستشفى عشان أكشف على بنتى، ألاقى العيادات قفلت، وأضطر أروح مستشفى تانية، لأن بنتى مش هتستحمل التعب»، وأضافت: «مفروض يكونوا عاملين حسابهم إن فيه أطفال ممكن تتعب فى أى وقت، ومش هتصبر على التعب». «معايا جميع الأدوات المنزلية، حد يحب يتفرج؟»، صوت كسر حالة الهدوء التى تسود العنابر، نطقت بها سيدة ترتدى عباءة سوداء ونقاباً، راحت تتجول داخل عنابر المستشفى، ومعها حقيبتان تمتلئان بالأدوات المنزلية، وعند سؤالها عن طريقة دخولها إلى العنابر، قالت: «قطعت تذكرة زيارة، وقلت للأمن إنى طالعة زيارة لحد فوق، وسابونى أطلع عادى».
فيما قالت سيدة أربعينية، رفضت ذكر اسمها، مرافقة مع والدتها، التى احتجزت بالمستشفى، لإصابتها بفيروس لم يتم تشخيصه حتى الآن، إنهم يعانون من نقص الأدوية داخل المستشفى، قائلة: «أغلب الأدوية بيخلونا نشتريها من بره، لأنها مش موجودة فى المستشفى»، وتابعت بقولها: «المتابعة هنا كويسة والدنيا هدوء، والعنابر نضيفة، لكن المشكلة كلها فى الدواء، مش بيبقى موجود أغلب الوقت».