«العجرة» الابتدائية.. فصول دراسية فى «الحوش» ومبنى متصدع
مبنى آيل للسقوط ينتظر الترميم
رائحة كريهة تشبه رائحة الطين العطن، تشمها على بُعد عدة أمتار، تخرج من باب حديدى، موضوع على سور مرتفع فى بدايته، ويمتد لمسافة تصل إلى 10 أمتار، ولأن الشارع ارتفع مع مرور الزمن، أصبح السور منخفضاً لدرجة أنه باستطاعة طفل صغير أن يتسلق سور «مدرسة العجرة الابتدائية»، التابعة للإدارة التعليمية بمركز الفشن بمحافظة بنى سويف، دون عناء وبكل سهولة.
الباب الحديد أو «البوابة» عرضها لا يتسع لدخول فردين معاً، وهى متهالكة للغاية، من السهل أن تسقط بمجرد أن يلهو عليها طفلان أو ثلاثة من التلاميذ، وهذا ما يحدث بالفعل، حيث يتسلق طفل الباب ممسكاً أعلاه والآخر يدفعه فى حركة سريعة قد تتسبب فى أن يسقط الباب الحديدى على الطفل مخلفاً كارثة لا يعلمها إلا الله.
أحد الأهالى: المدرسة عبارة عن منزل قديم عمره 100 سنة.. وتبرعنا بقطعة أرض لبناء مدرسة جديدة دون فائدة.. ومدرسون: نعلم نحو 620 طالباً منهم 150 غير مقيدين بها
وعلى يمين البوابة يوجد فصلان دراسيان، وهى فصول تشبه «حظائر الماعز»، أما على يسار البوابة فيوجد فناء المدرسة، فناء لا يتسع لأكثر من 50 تلميذاً، وعلى يسار الفناء الصغير يوجد فصلان دراسيان مسقوفان بالألواح الخشبية التى لا تمنع حر الصيف أو برودة الشتاء، ناهيك عن أن المقاعد متهالكة، والأرضيات مكسورة، ولأن الجدران بها شقوق بات بإمكان التلاميذ مراقبة الشارع من الداخل بكل سهولة، والغريب أنه لا يوجد بالفصول سوى شباك صغير لا يضمن تهوية المكان.
5 درجات من السلم يصعدها التلاميذ، ليجدوا أنفسهم فى مكان متسع بعض الشىء وهو مدخل المبنى الأساسى للمدرسة من الخارج، ويقول أحدهم: «الفصل بتاعى تانية أول، هو فى مدخل المدرسة من بره فى مكان واسع، المدرس بيدينا الحصة هنا كل يوم».
ولأن هذا الفصل فى مدخل المدرسة ولا يوجد عليه أى سور سوى قطعتين من الحديد، أصبح بالنسبة للتلاميذ أصعب ما فى اليوم الدراسى، خصوصاً أنهم لا يتحملون برودة الشتاء، ويقول أحدهم: «يا ريتنى كنت فى فصل مقفول أنا وزمايلى بنموت من البرد فى الشتا، الفصل بيعتبر فى الشارع، يعنى فى الصيف الجو حر وفى الشتا بنموت من البرد، أنا مش عارف هما ليه حطونا فى المدرسة دى».
وأوشك مبنى المدرسة الأساسى على التصدع بالفعل، ولم يعد يتحمل، فقد كان منزلاً تبرع به صاحبه ليكون مدرسة، لكن هذه المدرسة أصبحت تشكل خطراً على حياة التلاميذ، لأن جميع الجدران مشققة، ولا توجد بها دورات مياه تصلح للتلاميذ.
هذا ما أكده أحد أولياء الأمور قائلاً: «المدرسة قديمة جداً، بقالها أكتر من 100 سنة، الحيطان كلها مشققة، وممكن المدرسة تقع على التلاميذ فى أى لحظة، وباب المدرسة الحديد متكسر والعيال كل يوم بتلعب عليه، وممكن يقع على العيال ومفيش حد واخد باله من أى حاجة، المدرسة فيها 4 فصول إحنا اللى بنيناهم، ومسقوفين بالخشب فى الشتا العيال مابتعرفش تاخد الحصص لأن السقف بينزل ميّة المطر عليهم».
والمدرسة مكونة من 9 فصول بها ما يقرب من 465 طالباً، وهناك أكثر من 150 طالباً غير مقيدين بالمدرسة لكنهم مقيدون فى مدرسة أخرى، ويأتون إليها للدراسة بسبب بُعد المسافة، فيضطر التلميذ للحضور إلى المدرسة ولكنه يؤدى الامتحانات فى مدرسته.
وقال أحد المعلمين بالمدرسة لـ«الوطن»: «مدرسة العجرة الابتدائية فيها 9 فصول بس، منهم فصل موجود فى مدخل المدرسة، وعدد التلاميذ فيها نحو 470 تلميذ هما اللى مقيدين فى قوائم المدرسة، لكن فيه نحو 150 تلميذ تانيين بييجوا هنا المدرسة كل يوم وبيحضروا جميع الحصص لكنهم غير مقيدين على قوائم المدرسة، والسبب فى قبول التلاميذ هنا إن المدرسة اللى هما مقيدين فيها بعيدة جداً، وكمان لهم إخوات فى المدرسة دى فبنضطر نقبلهم علشان بُعد المسافة، وفى أيام الامتحانات بيروحوا يمتحنوا فى مدرستهم عادى».
ولا تتوافر فى «مدرسة العجرة» جميع السنوات الدراسية الابتدائية، ولكنها حتى الصف الثالث فقط، أما الصفوف «الرابع والخامس والسادس» فيتم التدريس للتلاميذ فى مدرسة أخرى تبعد نحو 5 كيلومترات.
من جهته، قال محمد حمدى، أحد التلاميذ فى الصف السادس الابتدائى، إنه درس هنا 3 سنوات فقط، أما باقى سنوات الدراسة فكانت فى مدرسة أخرى: «أنا أخدت سنة أولى وتانية وتالتة هنا فى المدرسة دى، أما رابعة وخامسة وسادسة فبناخدهم فى مدرسة تانية بعيد عن هنا، لأن المدرسة صغيرة جداً وماتستحملش وجود جميع التلميذ فيها فى وقت واحد، وكمان المدرسة قديمة وممكن تقع علينا فى أى وقت، كنت باقعد أنا وخمسة من زمايلى فى تختة واحدة، علشان كده خلو التلاميذ الكبار شوية يروحوا مدرسة بعيدة، أما الصغيرين ففضلوا هنا فى المدرسة القريبة».
وأرسل أهالى منطقة «العجرة» شكاوى عديدة، منها ما تم إرساله لمحافظ بنى سويف، ومنها ما أُرسل لوزارة التربية والتعليم وجميع الجهات المختصة، حسب قولهم، حتى تتم إزالة المدرسة القديمة وبناء مدرسة أخرى جديدة للتلاميذ، وتبرع الأهالى بقطة أرض فعلاً لهذا الغرض، وجاءت «شركة الكهرباء» ونقلت أعمدة تيار الضغط العالى من الأرض، ثم جاءت شركة المياه ونقلت المواسير استعداداً لبناء هذه المدرسة، لكن «حضر الجميع وغابت هيئة الأبنية التعليمية».. حسب ما قال أحمد محمد حسين، أحد أولياء الأمور، وأحد المتبرعين بقطعة الأرض التى من المقرر إقامة المدرسة عليها.
وتابع «حسين»: «هنعمل إيه تانى، قطعة الأرض بقت جاهزة، الكهربا والميّه اتنقلت بعيد، والأرض فاضية وهيئة الأبنية التعليمية جت وشافت المدرسة وعاينت قطعة الأرض، لكن لم يحدث أى شىء، ولم يتحرك أى مسئول ليرحم أبناءنا الصغار اللى بيعانوا من بُعد المسافة وخوفهم من سقوط المدرسة عليهم»، موضحاً أن «القرية جمعت 40 ألف جنيه، للمساهمة فى بناء المدرسة، وجاء عضو مجلس النواب وحضر معانا وحاول يساعد علشان مشكلة المدرسة تتحل لكن مفيش حاجة اتحلت، كلها وعود وخلاص».
«مقاعد» الطلاب غير جاهزة
بوابة المدرسة لا تتسع لدخول فردين معاً