«المصلوب» الابتدائية.. فصول من «الأبلكاش» وسقف من «العروق»
فناء ترابى ممتلئ بـ«الحصى»
أكشاك خشبية من «الأبلكاش» مرصوصة إلى جوار بعضها البعض على شكل فصول دراسية، وهذه «الفصول»، إن صح تسميتها بهذا الاسم، ذات أسقف من «العروق» تتخللها فتحات تجلب مياه الأمطار فى الشتاء وأشعة الشمس الحارقة فى الصيف، والأرضية أسمنتية غير ممهدة تتخللها حفر وبرك، والمقاعد متهالكة ومرصوصة بشكل متلاصق لا يوجد بينها فراغات، لضيق المكان.. هذا هو الحل الذى اتخذه أهالى قرية «المصلوب» بمركز الواسطى لتشغيل مدرسة «المصلوب الابتدائية المشتركة» بالجهود الذاتية، وتمكين أبنائهم من الحصول على حقهم فى التعليم، بعد انهيار أجزاء من مدرستهم القديمة وإصدار هيئة الأبنية التعليمية قرار إزالة للمدرسة لبنائها من جديد منذ 3 سنوات، وإلحاق تلاميذ المدرسة الابتدائية بمدرسة «فاطمة الزهراء الإعدادية» المشتركة التى لا تتسع فصولها لتلاميذ المدرسة الابتدائية بالقرية، فجمع الأهالى مبالغ مالية لإنشاء أكشاك من الخشب «الأبلكاش» لاستخدامها كفصول لأبنائهم.
أولياء الأمور: «التعليم فى المدرسة صفر.. وأولادنا بيروحوا الإعدادى وهما مابيعرفوش يكتبوا أسماءهم».. ونشكو للمسئولين منذ 3 سنوات دون جدوى
«ولادنا بيطلعوا على إعدادى مابيعرفوش يكتبوا أسماءهم ونسبة الاستفادة التعليمية لهم صفر».. هكذا وصف مختار عبدالمنعم، ولى أمر تلميذ بالصف الثالث الابتدائى بمدرسة المصلوب الابتدائية المشتركة، رئيس مجلس أمناء المدرسة، ما وصل إليه حال التعليم فى القرية نتيجة تكدس وارتفاع كثافة التلاميذ داخل فصول غير مؤهلة لتحصيل العلم لا يتوافر بها أدنى معايير واشتراطات العملية الدراسية أو حتى الآدمية بين مقاعد متهالكة وأخشاب مكسرة، وسبورات لا تصلح للكتابة عليها قائلاً: «منذ 3 سنوات اضطررنا إلى نقل أبنائنا من مبنى المدرسة القديم لتهالكه وتساقط أجزاء منه، وبعدما تقدمنا بعدة شكاوى قررت الأبنية التعليمية إصدار قرار إزالة للمبنى، ونقلنا أبناءنا إلى جمعية تنمية المجتمع المحلى بالقرية، ونظراً لعدم وجود أماكن داخلها ووصول الفصل الدراسى إلى أكثر من 120 تلميذاً وحدوث اختناقات بينهم اضطرت الإدارة التعليمية إلى إلحاق أبنائنا على مدرسة فاطمة الزهراء الإعدادية التى لا تضم إلا 6 فصول دراسية فقط، وبعد عدة محاولات لإنشاء أدوار أخرى أو إنشاء مبنى آخر لاستيعاب المدرسة الابتدائية واجهتنا هيئة الأبنية التعليمة بالرفض التام، واضطررنا إلى إنشاء فصول من خشب الأبلكاش وتسقيفها بالعروق الخشبية ومن وقتها ما زال الوضع على ما هو عليه».
وأضاف «عبدالمنعم»: «ومنذ 3 سنوات ونحن نتوجه بشكاوى واستغاثات للمسئولين بالأبنية التعليمية دون جدوى، فقد اعتبروا أن أطفال قرية «المصلوب» ليس من حقهم الحصول على التعليم بالشكل اللائق أو احترام آدميتهم، معتبرين أن القرية فقيرة ولا يفرق مع أهاليها أو يشغل بالهم تعليم أبنائهم».
وتابع «عبدالمنعم» كلامه بلهجة غاضبة: «عقب إلحاق تلاميذ المدرسة الابتدائية بمبنى المدرسة الإعدادية تحولت دراستهم إلى فترة مسائية يتوجهون للمدارس فى الحادية عشرة والنصف صباحاً ويغادرونها فى الثانية والنصف أو الثالثة عصراً، بما لا يزيد على 3 ساعات فقط لليوم الدراسى، وكذلك الحال لطلاب المدرسة الإعدادية، يتوجهون للمدرسة فى الفترة الصباحية من السادسة والنصف أو السابعة صباحاً وتنتهى الدراسة فى الحادية عشرة والنصف، وهو ما يؤثر على مستوى العملية التعليمية ويتسبب فى عدم استقرارها».
من جانبه، قال محمد مختار، تلميذ بالصف الثالث الابتدائى فى المدرسة: «الدنيا بتبقى تلج داخل الفصل فى الشتاء والمطر بينزل علينا ومش بنشوف حاجة على السبورة، حيث تسقط الأمطار علينا فى الشتاء داخل الفصل، ونضطر للعودة إلى منازلنا لوجود فتحات فى السقف تسمح بمرور المياه، وحتى فى الأيام العادية لا نستطيع فهم ما يشرحه لنا المدرس داخل الفصل لكثرة عدد التلاميذ، وسوء الإضاءة والتهوية، والأصوات المرتفعة خارج المدرسة لقرب الفصول من سور المدرسة ومن المنازل، نفسى مدرستى تبقى زى المدارس التانية الجديدة اللى بشوفها فى التليفزيون أو حتى زى فصول المدرسة الإعدادية».
وهناك تلميذ آخر فى الصف الثالث الابتدائى يعتمد على الدروس الخصوصية، لعدم قدرته على الاستيعاب داخل المدرسة بسبب سوء حالة التهوية وارتفاع كثافة الفصول غير المؤهلة للعملية التعليمية، يقول: «بروح المدرسة ساعتين أقعد مع زملائى وخلاص، بنضرب فى بعض ونلعب لحد ما يقولولنا روحوا، وبعدها أروح الدروس عشان أتعلم، ولا نمارس أى أنشطة داخل المدرسة نظراً لضيق الوقت والمكان وعدم وجود مدرسين».
وقال أحمد سعيد، أحد أولياء الأمور: «إن بطء هيئة الأبنية التعليمية واستهانتهم بأطفال المدرسة وراء ما يحدث لنا، فكيف يتم ترك تلاميذ مدرسة بها أكثر من 800 تلميذ فى العراء بين فصول خشبية غير آدمية يتعرضون فيها للأمطار فى فصل الشتاء وأشعة الشمس المباشرة فى فصل الصيف، نظراً لوجود فتحات فى الأسقف وشابيك لا تحميهم من الشمس الحارقة ودورات مياه غير صالحة تملأها الحشرات والقمامة ولا تكفى عدد التلاميذ؟».
وأوضح «سعيد»: لا نستطيع إلحاق أبنائنا بالقرى المجاورة لنا لبعد المسافة على تلاميذ المرحلة الابتدائية، بالإضافة إلى وجود مشاكل بين أهالى قرية المصلوب وقريتَى «الزاوية والديابية».
دواليب المدرسين تحتاج إلى التجديد