الشباب فى مواجهة القبائل.. السياسة لم تعد شأناً عائلياً
فى قنا يصعب الحديث عن السياسة دون النظر للتقسيمة القبلية الموجودة فى المحافظة، إذ تنتشر القبائل هناك فى صورة عائلات قوية أو ضعيفة، غنية أو فقيرة، تسيطر بدورها على عدد كبير من أفرادها فى المراكز والقرى وحتى مدينة قنا نفسها. فطبقاً للمحامى محمد الجبلاوى، منسق ائتلاف قبائل وأقباط قنا، أبناء عائلة الجبلاوى، فإن أبرز القبائل الموجودة فى قنا هى «الهوارة»، و«العرب»، و«الأشراف»، و«الأمارة»، ينضم إليهم مسيحيو المحافظة باعتبارهم يكونون ما يصح أن يطلق عليه «قبيلة» أو تكتل يحسب حسابه فى التصويت فى العملية الانتخابية، وفى الحياة السياسية بوجه عام. يقول الجبلاوى إن التصويت فى أى انتخابات فى قنا يتم على ثلاثة أسس؛ الأول على أساس الوعى والفهم والقدرة على الاختيار بين المرشحين، والثانى على أساس المصلحة، وما الذى سيقدمه المرشح للناخب، والثالث على أساس قبلى عائلى، إذ يختار الناخب مرشحه من نفس عائلته حتى ولو لم يقدم له شيئا، وهو النظام الذى يسيطر على عدد كبير من أبناء قنا نظراً لوجود العائلات والقبائل، وفى نفس الوقت فإن ناخب المصلحة ينتشر أيضاً بسبب حالة الفقر التى تعيشها نسبة كبيرة من الأهالى فى القرى والنجوع، وهو نفسه الناخب الذى لعبت عليه جماعة الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية فى الانتخابات الماضية، وما زالت تلعب عليه بسبب حاجته وعوزه.
وربما لهذه الأسباب فإن محمد الجبلاوى يرى ضرورة تقديم الأحزاب التى تريد أن تنجح فى قنا خدمات حقيقية لهؤلاء الناس، إذ بهذه الطريقة فقط سوف تكسبهم، وليس بالمؤتمرات والندوات التى لن تطعم هؤلاء الناس أو تشربهم. ولا ينكر الجبلاوى أن هناك أحزاباً موجودة وتعمل داخل محافظة قنا، إلا أنه فى الوقت نفسه يعترف بأن النظام القبلى يطغى على الحزبية، ولا سبيل لتغيير تلك التركيبة بسهولة، فالناس فى قنا تحتاج لحماية القبيلة، وهو ما ظهر بوضوح أثناء ثورة يناير عندما انفلت الأمن فى كل محافظات مصر تقريباً باستثناء قنا.
من ناحية أخرى، يطمح شباب الثورة الممثلون فى ائتلاف شباب الثورة بقنا أن تحل الأحزاب محل النظام القبلى، فيقول أمين محمود أبوعميرة، 30 سنة، إن السياسة قبل ثورة يناير فى قنا كانت شأناً عائلياً، يختص بها أبناء العائلة التى لها اهتمامات سياسية، وكانت مقاعد المحليات فى المحافظة توزع على القبائل الثلاث بواقع ثلاثة مقاعد للهوارة وثلاثة للأشراف وثلاثة للعرب، والكرسى المتبقى تأخذه شخصية من الخارج، غير أن أمين، الذى ينتمى لقبيلة الحميدات، يرى أنه من الممكن أن ينتهى هذا الوضع فى غضون 5 سنوات، يتم خلالها تثقيف الناس تنمية وعيهم، وساعتها لن يكونوا فى حاجة لنظام قبلى يحكمهم، لأن ذلك النظام كما يقول، ضد مصلحة البلد، خاصة أن الشباب فى قنا «شالوا عباءة الناس الكبيرة من على كتافهم، وعايزين يكون لهم فكر خاص بيهم». يتفق معه أسامة نبيل، 35 سنة، الذى يؤكد أن التصويت فى قنا دائماً وأبداً «قَبَلى - دينى»، وهو شىء لا يمكن تغييره من وجه نظره قبل 10 سنين على الأقل، فى حال ما إذا كان هناك تخطيط جيد، فكما يقول إن الصعيد يعانى طوال الوقت من التهميش والفقر والجهل، ولذلك فقد تعود الناس هناك على أن من يمتلك التمويل يمتلك الأصوات، وتغيير هذا يكون إما بتمويل جيد، أو بتوعية الناس توعية جيدة. أما مصطفى عبدالله، 28 سنة، فيرى أن شباب الثورة فى قنا يواجهون تحدياً كبيراً منذ ثورة يناير، تزايد بعد 30 يونيو، فالحزب الوطنى، الذى يبدو أنه انتهى من مصر كلها، لم يذهب منه فى قنا إلا صفه الأول فقط، أما الصف الثانى الممثل فى أبناء الأعضاء القدامى فيظهر الآن تحت مسميات كثيرة، فى حين يصيب الخمول الأحزاب والتيارات الأخرى.
ويرى مصطفى أن الصراع بين شباب الثورة وممثلى القبائل فى قنا هو صرع أيديولوجى قبل أن يكون سياسياً.
يتفاءل عبدالله معتوق، أمين عام ائتلاف شباب الثورة فى قنا، بالمستقبل، ويبنى تفاؤله على ما يقول إن الائتلاف أنجزه فى الفترة الماضية، فى الشارع ومع المواطنين، ولأن الشباب هم الذين يسيطرون على الائتلاف فإن عبدالله يتوقع حركة أكبر فى الأيام القادمة، فعلى حد تعبيره «دولة العواجيز راحت وإحنا لازم نعمل دولة الشباب اللى هى مستقبل مصر».
اخبار متعلقة
قنا.. حكاية الدم والسياسة من قلب «الصعيد الجوانى»
هنا «السمطا».. احترس أنت فى «وكر السلاح والمخدرات»
توقف القطارات يصيب المحافظة بـ«الاختناق» والأتوبيسات البديل بـ«ضعف الثمن»
سنوات «الثأر»: لجنة المصالحة ترفع شعار «صالح على الدم»
«الوطن» تخوض مغامرة جمع توقيعات «انفصال» من قلب الصعيد
أحفاد شيخ العرب همام: نرفض الدعوة لانفصال الصعيد