الصحة.. «خليها على الله» يا مواطن
«نضع نصب أعيننا توفير الخدمة الصحية لغير القادرين وإتاحة الخدمات الصحية بعدالة وجودة للمواطنين».. كان هذا أول تصريحات الدكتورة مها الرباط، وزيرة الصحة، فور توليها حقيبة الوزارة، لكن الواقع يكشف الكثير عن نبل المبدأ وأسطورة تحقيقه، فلم يتحقق أى من تلك الشعارات ولم يشعر المواطنون محدودو الدخل أو القادرون -على حد سواء- بحدوث التغيير.
وتعددت الشكاوى من القطاع الصحى فى مصر الذى يقتل نحو 50 ألف طفل من حديثى الولادة سنويا، نتيجة عجز موارده وعدم وجود عدد كافٍ من الحضانات التى لا تتعدى 4 آلاف حضانة من المفترض أنها تخدم أكثر من 238 ألف طفل سنويا، وهو ما يعنى أن الكارثة تفوق قدر التوقعات، إضافة إلى الوفيات السنوية من جرّاء نقص أسرّة العناية المركزة التى تعانى وزارة الصحة عجزا بها يقدر بنحو 75% -بحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية- وهو ما يؤثر على خدمات الطوارئ بالمستشفيات الحكومية التى أصبحت مقراً لتقديم الخدمات بأجر.
بينما اختفى العلاج المجانى من المستشفيات، وانصب اهتمام الوزارة على اجتماعات لجان كادر الأطباء وإرساء مشروع جديد بدلاً من «تعديل» مشروع الكادر السابق، فى ضجيج صاخب دون أن يرى العاملون بالقطاع الصحى أو المواطنون أى فائدة من الانشغال بمشروع لن يرى النور فى النهاية، وتعاقب عليه 5 وزراء وعدوا بإقراره ولم يمنحهم القدر حق إيفاء الوعد، بدعوى عدم توافر المخصصات المالية.
فى الوقت الذى تتزايد فيه معدلات الأمراض المُعدية، لم تطرح وزارة الصحة خطة حقيقية لمكافحة وباء فيروس «سى» الذى ينهش فى «كبد» أكثر من 20 مليون مصرى، وكل ما طُرح من الوزارة لم يتخطَّ نداءات خافتة لم تترجم لإنجاز حقيقى، وتصدرت مصر دول العالم فى أعداد المصابين بالفيروس، وما زال المواطنون فى انتظار إجراءات حاسمة لمنع إصابة أكثر من 165 ألف مواطن يصابون سنويا بالفيروس القاتل، نتيجة نقص وسائل مكافحة العدوى فى المستشفيات العامة والخاصة والعيادات المختلفة.
فيما زادت معاناة المواطنين من نقص الأدوية، ولم تتخذ الوزارة إجراء ثوريا يحافظ على ما تبقى للمواطنين من الخدمة الصحية المتهالكة فى ظل إنفاقهم أكثر من 68% من نفقات الخدمات الصحية من جيوبهم، بسبب غياب نظام تأمين صحى حقيقى وشامل يكفل للمواطنين خدمة صحية جيدة ويحميهم من أثر الكوارث الصحية الكبرى مثل عمليات زراعة الكبد والأعضاء المختلفة. وتنوعت الأدوية والأصناف التى بها نقص بالسوق المصرية فيما يقرب من 400 صنف دوائى شمل الأدوية المهمة لعلاج أمراض القلب والضغط والكبد والسكر، ولم تحاول وزارة الصحة الاقتراب من الملف الصعب وتركته «كرة جليد» كلما تحرك زاد حجمه، كما تجاهلت الحل، سواء على المديين القريب أو البعيد، سواء عن طريق كتابة الدواء بالاسم العلمى وإنشاء هيئة عليا للدواء تابعة للدولة وتبنى فكرة الإنتاج التعاقدى للدواء أو إشراف وزارة الصحة ونقابة الصيادلة على شركات الأدوية حتى لا تحتكر أنواعاً بعينها من الدواء، وبالتالى تتحكم فى أسعارها، والمحصلة النهائية أن المريض وحده هو من يدفع ثمن هذا الإهمال.
وأصبحت المماطلة المستمرة فى حل أزمة نقص الأدوية لغزا يحير حتى صانعيه، فى ظل تنامى تجارة الأدوية المغشوشة فى مصر، التى تجاوز حجمها 10% من صناعة الأدوية فى مصر أى ما يعادل مليارى جنيه سنويا، وهو رقم مفزع غير أنه مرشح للزيادة فى ظل تقويض سلطة الدولة على التفتيش الصيدلى والانفلات الأمنى والاجتماعى الذى نعيشه يوميا.
أخبار متعلقة :
100 يوم «ببلاوى».. عفواً «خطوط التواصل مقطوعة» مع المواطنين
الزراعة | مصر تفقد 3 أفدنة «خصبة» كل ساعة
التنمية المحلية | فساد وعشوائيات وأزمات لا تنتهى
التضامن | ثورة المعاشات قادمة
الأحزاب | غضب داخل «الإنقاذ» بسبب الأداء «المتواضع».. ومطالب للرئيس بـ«التدخل»
الكهرباء | لا جديد: «الشتاء» ينقذ الموقف.. و«الفواتير» تحرق جيوب الغلابة
التعليم | تراكمات السنين «قيد الانتظار»
مجلس الوزراء | اجتماعات مستمرة «لا تغنى ولا تسمن من جوع»
«الأيدى المرتعشة لا تقوى على البناء»