«قانون الدواء الجديد».. تنظيم الصناعة يصطدم بأهداف التجار!
صناعة الدواء فى مصر على مفترق الطرق
شهد مشروع قانون الهيئة العليا للدواء، الذى يناقشه مجلس النواب، حالة من الجدل بعد إبداء بعض الجهات تحفظاتها على مواد هذا القانون الذى يختص بالتنظيم المؤسسى لجهات الدواء والمستحضرات والمستلزمات والأجهزة الطبية، وذلك فى ضوء الاهتمام الواسع بمشروع القانون الجديد نظراً لتأثيره المباشر على المواطن المصرى، فى ظل التمهيد لتطبيقه خلال الفترة المقبلة بعد مداولات المجلس.
ويستهدف القانون إنشاء 3 جهات تتمثل إحداها فى: الهيئة العليا للدواء، التى تقوم بوضع السياسة العامة للدواء فى مصر والرقابة عليه، ويقوم بمساعدتها ثلاث جهات أخرى وهى هيئة طبية للشراء الموحد تختص بتنظيم عملية شراء احتياجات صناعة الدواء بصورة موحدة، وهيئة رقابة على الأدوية التى تختص بمتابعة أمان الدواء بعد توزيعه بخمس سنوات ودراسة آثاره الجانبية، وتحل محل كل من الهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية، والهيئة القومية للبحوث والرقابة على المستحضرات الحيوية، وكافة الجهات الإدارية ذات الاختصاص بمجال الرقابة على المنتجات الطبية.
على عوف: الصياغة الحالية تخدم فئات محددة وتعرقل الشركات الصغيرة والمتوسطة.. ومحمود فؤاد: إنشاء هيئة عليا يدعم منظومة الدواء فى مصر.. وقانون التجارب السريرية يعزز قوتها
كما يسعى مشروع القانون إلى توفير دواء آمن وفعال لكل مواطن بصفة مستمرة حتى لا تحدث أزمات نواقص الدواء، والاهتمام بهذا القطاع وتوفير فرص عمل به، ووضع مصر فى موقعها الريادى على المستويين العربى والأفريقى فى صناعة الدواء. وفى هذا الصدد قال على عوف، رئيس شعبة الأدوية بالغرف التجارية، إن مشروع القانون الحالى بالبرلمان تم وضعه دون مشاركة حقيقية من كافة الكيانات المعنية بصناعة الدواء فى مصر، موضحاً أن إنشاء هيئة عليا للدواء بصورة فعالة تتطلب الاستعانة بتجارب الدول الناجحة فى هذا الاتجاه سواء على الصعيد العالمى أو الإقليمى لصياغة هذا القانون، يلى ذلك عرض مقترح مشروع القانون من جانب المعنيين للحوار المجتمعى، ثم عرضه على مجلس النواب لإقراره، مع ضمان خروج هذا الملف خارج نطاق وزارة الصحة.
وأشار إلى أن القانون فى صياغته الحالية يخدم فئة معينة دون غيرها، حيث يحدد القانون مبلغ مليون جنيه لتسجيل ملف جديد، ومبلغ 500 ألف جنيه لإعادة التسجيل، الأمر الذى يضع عائقاً كبيراً أمام المشروعات الصغيرة والمتوسطة التى لا تمتلك هذه القدرة المالية الضخمة على التسجيل، وهو ما يؤدى إلى عرقلة عمل معظم هذه المشروعات التى يصل عددها إلى 1200 شركة مصنعة، الأمر الذى يعزز حالة الاحتكار داخل السوق ويتعارض مع توجهات الدولة لدعم الاستثمار وصغار رواد الأعمال، وذلك فى ظل استحواذ 30 شركة فقط على 90٪ من السوق.
أسامة رستم: القانون الجديد يلبى طموحات قطاع الصناعة.. ومشاركة جميع الشركات فى المناقشات "حتمى"
وأكد أن مشروع القانون الحالى يعطى صلاحيات مطلقة لرئيس الهيئة دون رقابة مباشرة من الجهات المعنية داخل الدولة، مشيراً إلى أن المادة 24 الخاصة بالحصانة لموظف الهيئة العليا تتسم بالغموض.
وأوضح أنه على الرغم من أن صناعة الدواء الوطنية تغطى 85% من الاحتياج المحلى ولها دور كبير فى دعم الاقتصاد المصرى، إلا أنها تمر بأسوأ حالاتها، مطالباً رئيس الجمهورية بضرورة إجراء حوار مع ممثلى صناعة الدواء، لمناقشة الحقائق غير الواضحة التى تهدد صناعة الدواء ومستقبل الأجيال المقبلة. فيما قال أسامة رستم، نائب رئيس غرفة صناعة الدواء، إن إنشاء هيئة عليا للدواء بمصر يعتبر مطلباً طال انتظاره، مشيراً إلى أن مصر تأخرت كثيراً فى اتخاذ هذه الخطوة والتى أصبحت تمثل توجهاً عاماً بكافة دول العالم.
محمد عز العرب: وجود جهاز حماية المستهلك ضمن الأدوات الرقابية على الهيئة الجديدة يضمن حقوق المواطن المصرى
وأكد أن المشروع الذى تم تقديمه يلبى طلبات وطموحات قطاع صناعة الأدوية فى مصر، مضيفاً أن هناك بعض الملاحظات التى تم تقديمها لمناقشتها مع لجنة النواب ولاقى بعضها استجابة، مطالباً بضرورة أن يكون لجميع الأطراف، وبصفه خاصة قطاع الصناعة بشركاتها الكبرى والصغرى، دور فى مناقشة القانون.
وتابع أن إنشاء هذه الهيئة يعنى أنها ستكون الجهة الوحيدة التى تعمل على تنمية ودعم صناعة الدواء فى مصر، مشيراً إلى أن الوظيفة الأساسية لهذه الهيئة فى ضمان سلامة كفاءة وفعالية الدواء المصنّع فى مصر.
وقال محمود فؤاد، مدير مركز الحق فى الدواء، إن إنشاء هيئة عليا للدواء يعتبر مطلباً منذ أكثر من 15 سنة، مضيفاً أن قطاع الدواء فى مصر يعانى من العديد من المشكلات، حيث أشارت إحدى المنظمات العالمية إلى مصر على أنها أصبحت تمثل ترانزيت لتجارة الدواء المحرمة التى بلغت 11% مقارنة بالنسبة العالمية 6%، وذلك نتيجة لضعف الرقابة والقوانين القائمة على مواكبة التغيرات داخل سوق الأدوية نظراً لقدم هذه القوانين التى يعمل بها منذ عام 1959.
وأكد أن هذه الهيئة ستعمل كـ«أب شرعى» لمنظومة الدواء بعد فترة طويلة من حالة الفوضى والتخبط فى هذا القطاع، والتى لا يمكن الاستغناء عنها فى الوقت الراهن، مشيراً إلى أنها ستعمل على تسجيل وتسعير الدواء ومراقبته بعد عملية توزيعه.
وفيما يخص ثمن تسجيل وبيع المنتج وترخيص المصنع والذى لاقى اعتراضاً من جانب شعبة صناعة الأدوية، أشار إلى أن هذا الملف عانى من فساد لفترات طويلة نتيجة لتدنى ثمن التسجيل وبيع المنتجات مما أسهم فى زيادة الاحتكار فى هذا القطاع، مؤكداً أن رفع هذه النسبة فى القانون الجديد سوف يسهم فى الإبقاء على الصناع الحقيقيين والجادين للدخول إلى هذا القطاع.
وأكد أن إنشاء هذه الهيئة، بجانب التأمين الصحى الذى يسهم فى حل 80% من مشاكل الدواء فى مصر، إضافة إلى قانون التجارب السريرية بعد موافقة البرلمان عليه، سوف يسهم فى خلق منظومة قوية ومتطورة، ويقضى على الانتهاكات والأزمات التى تواجه قطاع الدواء فى الوقت الراهن.
وأشار محمد عز العرب، المستشار الطبى للمركز المصرى للحق فى الدواء، إلى ضرورة أن يكون رئيس الهيئة المصرية للدواء صيدلياً بدرجة وزير لأن الصيدلى هو الخبير الأول فى الدواء، ويكون تابعاً لرئيس مجلس الوزراء مباشرةً.
وأكد أنه تم تقديم مجموعة من الملاحظات على القانون لتعديلها، تمثلت فى المطالبة بالإبقاء على جهاز حماية المستهلك ضمن الأدوات الرقابية على الهيئة لما له من أهمية لصالح المواطن المصرى، كما تمت المطالبة بإلغاء مادة رقم 24 المعروفة بـ«الحصانة لموظفى هيئة التكنولوجيا الطبية الخاصة بالشراء الموحد».
وطالب بضرورة أن يتضمن منطوق القانون ما يحمى شركات قطاع الأعمال، والتى تمثل رمانة الميزان لصالح المواطن، مضيفاً أن هذه الشركات قد تقزّم دورها على مدار العقود الثلاثة الماضية بصورة ممنهجة.
وشدد على ضرورة توسيع اختصاص هيئة الرقابة الدوائية لتشمل الرقابة على الأدوية قبل وبعد التداول، بجانب الانتهاء من القوانين المكملة المهمة مثل قانون مزاولة مهنة الصيدلة، مما يمنع الدخلاء.